أخبار اليوم - سهم محمد العبادي - كتب دولة الشهيد وصفي التل هذا المقال في تاريخ 7/4/1969، وفيما يلي نص المقال الذي يظهر بأنه صالح لهذا الزمان أيضا:
المتأملون بالحلول الدولية، والذين يعطون الدول الكبرى أو الهيئات الدولية القدرة على صنع المعجزات في حلول المشاكل ينسون حقيقة أساسية هي أن المفتاح الأول والأخير لحل مشاكل ايه أمة يعتمد أساسيا على الأمة نفسها من حيث إصرارها على هدفها، ومن حيث تصميمها على الوصول إلى ذلك الهدف، ومن حيث استعدادها في الوصول إلى حل ما، ومن حيث حشدها لعزمها كاملا ووضعه في ميزان التأثير والدفع للوصول إلى هدف بعينه، أو إلى حل بعينه هذا المفتاح هو الأساس، وإذا توفر يصبح دور الدول الكبرى والهيئات الدولية دورا متمما للعامل الأساسي الذي ينبع من الأمة طالبة الحل أو صاحبة المشكلة.
لهذه الأسباب أعتقد أن التسويف والعرقلة وعدم تمكن الدول الكبرى أو الهيئات الدولية الوصول إلى حل لهذه المشكلة يرجع إلى أن درجة إصرارنا على تحقيق الهدف ودرجة حشدنا بعزمنا في سبيل الوصول إلى ذلك الهدف لم يبلغ قدرا من الوضوح والتأثير يجبر الدول الكبرى أو الهيئات الدولية على السير الحثيث في حل المشكلة، فالقضية ليست قضية دول كبرى أو هيئات دولية.
ورغم أهمية الدول الكبرى والهيئات الدولية التي لا تنكر، إلا أن المفتاح الأساسي كما قلت يعود لنا نحن وحدنا لا نملك إزالة أسباب ما نشكو منه، أو أنها غير مبالية في إزالة هذه الأسباب، القضية ليست قضية وساطات دولية أو حلول دولية، وإنما هي صراع إيرادات بيننا وبين العدو، فإذا ثقلت موازيننا ونحن باستطاعتنا أن نثقل موازيننا إذا عزمنا على ذلك يصبح تحرك الدول الكبرى والهيئات الدولية في مصلحتنا، وإن خفت موازيننا بالاتكالية والتسويف والتأجيل والاعتماد على الدول الكبرى والهيئات الدولية والمراوغة عن فوارض واجبنا وقدرنا، فإن تحرك الدول الكبرى والهيئات الدولية سيكون في نطاق مصلحة العدو لا مصلحتنا.
ليس مصدر التفاؤل والتشاؤم على قدرة الدول الأربعة الكبرى على تنفيذ هذا القرار أو ذاك، ولكن التفاؤل أو التشاؤم يتعمد أساسا على قدرتنا وتصميمنا نحن وحدنا، فإذا صممنا وقدرنا تزداد تفاعلا تبعا لذلك على قدرة الدول الكبرى على تنفيذ ما نريد من قرارات.
لقد سبق وصرحت وكتبت في أكثر من مناسبة من أني مقتنع بأن اللعبة الدولية من قرار مجلس الأمن إذا شتى المشاريع والاقتراحات والجداول الزمنية وأوراق العمل الأمريكية وغيرها هي بحسب رأيي دوامة لا تخدم سوى العدو الذي يرغب في المماطلة لغاية كسب الوقت وتثبيت أقدامه في الأرض المختص به؛ ولهذا السبب فإنني أعتقد أن هذه المقررات والمشاريع بحد ذاتها ما هي سوى مجموعة طرق مسدودة لن تؤدي إلى شيء.
إنني من جملة العرب الذين عاشوا ما بعد عام 1948 بوعي وبحسب قناعتي يحاول العدو التآمر الدولي معه إعادة مأساة التسويف والاغترار التي صنعها عام 1949؛ وعلى هذا الأساس يؤسفني أنه ليس بوسعي المشاركة لا بالتفاؤل ولا بالتوقع الذي يتوقعه الآخرون من هذه الحلول والمشاريع والمقررات، واعتقد أن الطريق الوحيد المفتوح أمامنا والمؤدي إلى نصر حتمي هو طريقة تحرير كاساس وكاستراتيجية.
وإذا اقتنع العرب أن المسالك الدولية من مقررات ومشاريع وأوراق عمل ما هي سوى مسالك مغلقة لن تؤدي إلى شيء سوى إضاعة الوقت وخدمة العدو بإتاحة الفرصة له للاستعداد إذا اقتنع العرب بذلك فلا يبقى أمامهم من سبيل يسلكه سوى سبيل التحرير والنضال، ودفع كل مقدراتهم في خدمة المعركة معركة التحرير والنضال وحسب قناعاتي، فإن العرب إذا قرروا بالفعل ذلك، ودفعوا بكل مقدراتهم بالمعركة بدون تردد، أو تحسب فالنصر حتمي مؤكد، ولن يغير من الموازين امتلاك العدو بصفة مؤقتة لأسلحة ذرية أو ما يشابهها وبالطريق في وسع العرب باختيار أسلوب القتال الذي تكون به إمكاناتهم ومواردهم مؤثرة إلى أقصر حدود وطرق هذه الأساليب كثيرة ومعروفة فالمعركة مع الصهيونية معركة عربية؛ ولهذا السبب، فليس هنالك كفاح مسلح فلسطيني فحسب إنما الواجب أن يكون هناك كفاح مسلح عربي يكون الكفاح المسلح الفلسطيني مقدمته وطليعته والكفاح مع الصهيونية حرب شاملة يجب أن تدخل بها كافة إمكانات الأمة العربية فدائية أو نظامية أو سياسية أو اقتصادية