"التَّدوير" وسط الحرب .. وسيلة مبتكرة بغزَّة تمنح "النُّفايات" شكلاً أنيقًا للاستخدام

mainThumb
"التَّدوير" وسط الحرب... وسيلة مبتكرة بغزَّة تمنح "النُّفايات" شكلاً أنيقًا للاستخدام

25-11-2024 10:21 AM

printIcon

أخبار اليوم - على رصيف شارع في مواصي خان يونس رص مهيب الشاعر ذو الأعوام العشر علب صفيح بأحجام متعددة في منتصفها زرعت أشتال من الميرمية، والبقدونس، والريحان، والباذنجان، والجرجير، ينادي بأعلى صوته "شتلة بشيكل بس".

يمسك مهيب علبة صفيحة بها شتلة ميرمية، ويقول لـ "فلسطين أون لاين": "منذ شهر زرعت والدة مهيب بعض من البذور في العلب الفارغة والتي تجمعها من الخيام التي بجوارها، ومجرد أن تبدأ في النمو أخذها وأقوم ببيعها لاساعدها في المصروف".

ويضيف الشاعر: "كان لنا أرض في خزاعة تزرعها أمي بشتى أنواع الخضار، والورقيات، والبندورة، والفلفل، والباذنجان، والبصل، حيث كنا لا نشتري الخضار من السوق أبدًا، ولكن منذ عام قام الاحتلال بتجريفها بالكامل".

تدوير الملابس

وأمام ماكينة خياطة أخدت راوية حمد تعيد حياكة معطف شتوي لطفلة لا تتجاوز السادسة من عمرها، وهو في الأصل لأختها التي تكبرها بثلاثة أعوام وقد أصبح لا يناسب مقاسها فارتأت والدتها أن تعيد تدويرها لتدفىء طفلتها الصغيرة به.

تقول حمد النازحة من شمال قطاع غزة: "منذ ستة أشهر استأجرت ماكينة خياطة لكي أقوم بإعادة تدوير الملابس لأبنائي، وحياكة ما تطلبه الزبونات مني، في الصيف قمت بإعادة حياكة ملابس قديمة وقص البالي منها صنعت منها بيجامات تناسب الأطفال وبعتها أسعار رخيصة مقارنة بالأسعار الخيالية للجديد منها، ووجدت إقبال كبير من الناس".

يعاني أهالي قطاع غزة من ندرة توفر الملابس، بسبب منع الاحتلال الاسرائيلي من إدخالها عبر المعابر، لذا نشطت تجارة الملابس المستعملة بين النازحين.

حوض تنظيف

ولحل مشكلة تصريف المياه بين خيام النازحين والتي تؤرق حياتهم اليومية، حيث تسبب في انتشار الحشرات والروائح الكريهة، قام محمد الكفارنة بصنع حوض الغسيل والتنظيف من "شرابة" الطيور.

يشرح الكفارنة النازح من بيت لاهيا شمال القطاع: "وجدت الشرابة في الأرض التي أقيم خيمتي فيها لا أحد يستخدمها، قمت بقلبها وتثبيت "كوع" أنبوب لتصريف المياه بواسطة لاصق، ومن ثم قمت بوصله بخرطوم عريض وحفرت حفرة بشكل طولي لدفن الخرطوم وفي نهايته حفرت حفرة عميقة لامتصاص المياه، وقمت بتغطيتها بشبك حديد ولوح خشبي ومن ثم نثر الرمال عليها حتى لا يقع فيها أي أحد".

ناموسية وسلة

ولم يتوقف الكفارنة عند حوض التنظيف بل أعاد تدوير الخراطيم التي تستخدم في ري المزروعات، وصنع منها "ناموسية" لحماية طفلته ذات الخمسة أشهر من لدغات الباعوض، والذباب، والتي كانت تؤرق نوم في الليل والنهار".

ويردف: "استخدمت أربعة خراطيم متوسطة الحجم، وصنعت قاعدة مستطيلة وقمت بتثبيت الزوايا الأربع بأسلاك التيلفون، ومن ثم صنعت قوسا من خرطومين وثبت زواياهم باسلاك، وقمت بشراء قماش خفيف، ثبته بدبابيس صغيرة ذات رأس بلاستيكي".

يبين الكفارنة أن "الناموسية" التي صنعها سهلة الاستخدام، وآمنة على طفلته، حيث يمكن وضعها وإزالتها بكل سهولة، ولا يمكن أن تسبب الأذى لها، وتمكنها من النوم العميق دون بكاء، وصراخ".

من أسياخ المعدن اللامع سهل اللي، قام أيضا بصناعة سلة متعددة الاغراض، لحمل المشتريات فيها من السوق، أو لوضع الغسيل المتسخ فيها، أو حتى لوضع المعلبات بداخلها.

ويوضح الكفارنة أنه قام بلي الاسياخ بشكل دائري تصغر من القاعدة وتكبر كل اقترب من القمة حيث قام بتغطية السلك الاخير بخرطوم بعد أن قصه من أحد الجوانب، وصنع لها يدين من المعدن أيضا، وتمتاز بأنها خفيفة الوزن، وسهلة الحمل، واستطاع بيبع البعض منها مقابل 20 شيقلا للواحد ما يعادل (٣.٥ دولارا).

واستطاع النازحون بإعادة تدوير النفايات، واعطائها روحا جديدة من أجل تسهيل حياتهم الصعبة للغاية التي لم يعتادوا على عيشها من قبل.