اهمية العمل في الاسلام
إن للعمل في الإسلام أهمية كبيرة ، وقد قرنه الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بالعبادة ، فبالعمل ينال العبد الأجر والثواب ، وبالعمل تقوم الحياة ، وتعمر الديار ويحدث الإستقرار . وقد أمرنا الله تعتلى بالعمل فقد قال : ﴿فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِروا فِي الأَرضِ وَابتَغوا مِن فَضلِ اللَّهِ وَاذكُرُوا اللَّهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾ [الجمعة: ١٠] وقال تعالى :﴿ وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا﴾ [النبأ: ١١]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: ١٥]
كذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا على العمل وورد العديد من الأحاديث عن أهمية العمل لجلب الرزق ، واعمار الأرض ، وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تُمطر ذهباً ولا فضة، وإن الله يرزق الناس بعضهم من بعض »
كما اعتَبَر الإسلام العمل نوعاً من أنواع الجهاد في سبيل الله، فقد رأى بعض الصحابة شابًّا قويًّا يُسرِع إلى عمله، فقالوا: لو كان هذا في سبيل الله، فردَّ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «لا تقولوا هذا؛ فإنَّه إنْ كان خرَج يسعى على ولده صِغارًا فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يسعى على أبوَيْن شيخَيْن كبيرَيْن فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يسعى على نفسه يعفُّها فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج رياءً ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان» صحيح الجامع للألباني .
فضل العمل وآثاره الإيجابية على المجتمع
على الرغم من معاني العمل التعبدية ، فإن للعمل فضل في تحقيق الأمن الاجتماعي بين الناس، ما يؤدي إلى التوازن النفسي على مستوى الفرد والجماعة، لذا كان للعمل أثار إيجابية كثيرة على الفرد والمجتمع ، نذكر منها :
يقوم الإنسان من خلال العمل بوظيفة عمارة الأرض، فلم يخلق الله سبحانه وتعالى الإنسان عبثا ، فعليه أن يعمل ليقي نفسه وأهله من الضياع والعوز . قال تعالى : ﴿أَفَحَسِبتُم أَنَّما خَلَقناكُم عَبَثًا وَأَنَّكُم إِلَينا لا تُرجَعونَ﴾ [المؤمنون: ١١٥]
العمل وسيلة لكسب الرزق الذي أمرنا الله به وقد قرن الله تعالى الرزق بالعبادة لأهميته ، قال تعالى : ﴿إِنَّما تَعبُدونَ مِن دونِ اللَّهِ أَوثانًا وَتَخلُقونَ إِفكًا إِنَّ الَّذينَ تَعبُدونَ مِن دونِ اللَّهِ لا يَملِكونَ لَكُم رِزقًا فَابتَغوا عِندَ اللَّهِ الرِّزقَ وَاعبُدوهُ وَاشكُروا لَهُ إِلَيهِ تُرجَعونَ﴾ [العنكبوت: ١٧]
إختفاء مظاهر التسول والسرقة بالعمل ، وقد حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم أن العمل مهما كان نوعه فهو أفضل من سؤال الناس وإراقة ماء الوجه لهم ، وأنه مهما كان شاقًا فهو أرحم من مذلة السؤال ،فعن أبي عبدالله الزبير بن العوام رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ: « لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بحُزْمَةِ الحَطَبِ علَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بهَا وجْهَهُ خَيْرٌ له مِن أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ » . أخرجه صحيح البخاري
الإخلاص في العمل وإتقانه
العمل بجميع أنواعه لابد فيه من الإخلاص والنية الصادقة ، لأن الإنسان مراقب والمراقب الأول والأعظم هو الله عز وجل ثم رسوله الكريم باطلاعه عليها ، ثم المؤمنون الصادقين ، قال تعالى: ﴿وَقُلِ اعمَلوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُم وَرَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ وَسَتُرَدّونَ إِلى عالِمِ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِما كُنتُم تَعمَلونَ﴾ [التوبة: ١٠٥]
وعلى من يعمل أن يتقن عمله لأن الإتقان في العمل مطلب شرعي يجعله كاملاً من جميع الوجوه لا نقص فيه ولا خلل حتى ينالوا محبة الله لهم، وحتى تتم الاستفادة من العمل . فعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : قال رسول الله ﷺ : « إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه وإن الأنبياء على علوّ قدرهم عند الله -تعالى- إلا أنهم كانوا أصحاب صنائع يكسبون بها رزقهم »