المهندس معتز العطين
الجميع يتحدث عن ضرورة تمتين جبهتنا الداخلية، لكن ما السبيل لذلك في ظل الظروف الإقليمية المتشابكة والأزمات المتكررة التي تهدد استقرارنا؟
في هذا الوقت الحرج، يتطلب الأمر أكثر من مجرد كلمات ملهمة؛ بل نحتاج إلى خطة عمل شاملة وفعّالة تستجيب لطموحات الشعب الأردني وتعيد له الثقة في مستقبل أفضل.
في قلب هذه الأزمة، يبرز مفهوم التنمية كحجر الزاوية لاستعادة قوتنا الداخلية. فالتنمية ليست مجرد مشاريع تنموية أو أرقام في التقارير، بل هي الأمل الذي ينقذنا من دوامة البطالة والفقر. علينا أن ننظر إلى التنمية من منظور شامل يجمع بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، حيث يساهم كل طرف في بناء نموذج اقتصادي واجتماعي يتجاوز التحديات ويحقق الاستدامة.
تشجيع التعاونيات يمثل إحدى الركائز الأساسية لتحقيق هذا الهدف. من خلال تعزيز هذه الهيئات، يمكننا تمكين المجتمعات المحلية من استثمار رأس المال الوطني في مشاريع ذات أولويات وطنية، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة ويعزز من النسيج الاجتماعي. لكن لتحقيق ذلك، يجب على الحكومة أن تقدم الحوافز اللازمة وتبسط الإجراءات المعقدة، حتى يتمكن رواد الأعمال المحليون من تنفيذ أفكارهم وتطويرها.
ولكن لا يمكننا التغاضي عن دور قانون الإدارة المحلية، الذي يُعد أداة حيوية لتحقيق المشاركة الفعلية للمجتمع المدني في عمليات اتخاذ القرار. يجب أن يكون للمجالس البلدية ومجالس المحافظات صلاحيات أكبر وقدرات فعالة لتوجيه التنمية وفقًا لاحتياجات المجتمعات. إن إشراك المواطنين في صياغة السياسات التنموية ليس خيارًا، بل ضرورة ملحة، تعزز من الشفافية وتعيد الثقة بين الحكومة والشعب.
إن التحديات التي تواجهنا ليست فقط اقتصادية، بل سياسية واجتماعية أيضًا. لذلك، يجب أن نتجاوز الانقسامات التقليدية ونؤسس لثقافة الحوار والتعاون بين جميع الفئات. علينا أن نعيد بناء الثقة بين المواطن والدولة، ونطلق مشاريع تنموية تتجاوب مع آمال الجميع، خاصة في ظل الأزمات الإقليمية التي تلوح في الأفق.
في ختام المطاف، إن مستقبل الأردن يعتمد على قدرتنا على بناء جبهة داخلية قوية، قادرة على مواجهة التحديات والتغيرات الإقليمية والدولية ، ومُدعومة برؤية تنموية شاملة تستند إلى استثمار رأس المال الوطني، وتعزيز التعاونيات، وتفعيل دور المجتمع المدني. فهل نكون على قدر التحدي ونشرع في بناء هذا المستقبل المنشود؟ الخيار بيدنا، والتاريخ لا ينتظر.