أخبار اليوم - في قطاع غزة الذي أنهكت سكانه حرب الإبادة الجماعية "الإسرائيلية" المستمرة منذ أكثر من عام، باتت التكيات طوق نجاة لعشرات الآلاف من النازحين والمحتاجين الذين لم يعد أمامهم سوى الانتظار في مواجهة الجوع والحرمان.
ويقف الأطفال والنساء وكبار السن، في طوابير طويلة تمتد أمام هذه المبادرات الخيرية، يحملون الأواني الفارغة أملًا في الحصول على وجبة تسد جوع يومهم، لاسيما مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وغياب مصادر الدخل.
ودفع منع سلطات الاحتلال، إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتفشّي الفقر والبطالة على نحو غير مسبوق، الكثير من الفلسطينيين، للبحث عن الطعام المجاني، لسد احتياجاتهم أسرهم من الطعام، لاسيما بعد وصول حالات الجوع إلى مستويات قياسية.
مصدر أساسي
السيدة أم محمد السرساوي، كانت تقف في طابور أمام إحدى "التكيات"، قالت إنها تذهب يومياً إلى "التكية" للحصول على وجبة غداء لإطعام أفراد عائلته المكون من ثمانية أفراد، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعانيها.
وتعتمد أسرة السرساوي، التي نزحت من منزله في مدينة غزة نهاية العام الماضي، بالكامل على الطعام المقدم من "التكيات"، بعد أن فقدت مصادر دخلها، في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع المساعدات المقدمة للنازحين، "إذ لن تجد ما يسد جوعها لولا هذه الوجبات" وفق ما أضافت لـ"فلسطين أون لاين".
وتُعد عشرات "التكيات" المنتشرة في محافظات قطاع غزة، كميات كبيرة من الطعام لتوزيعه على المحتاجين، حيث تقدم وجبات متنوعة مثل الفاصوليا، والبازلاء، والمعكرونة، والعدس، والأرز، وغيرها من الأصناف، لتلبية احتياجات الأسر من الطعام وتخفيف معاناتها.
وأعربت السرساوي عن استيائه من تكرار أنواع الطعام التي تقدمها "التكيات"، إذ غالباً ما تتشابه الوجبات التي تصلهم، وهي غالباً ما تقتصر على العدس والفاصولياء، مشيرةً إلى أن شهور عدة مرت على أخر مرة تناولت فيها أسرتها اللحوم.
بالقرب من العالول كانت تقف الطفلة مريم، البالغة من العمر 11 عاماً، بانتظار الحصول على الطعام لأفراد أسرتها التي تقطن في خيمة بعد أن نزحت من منزلها في مدينة غزة. تقول مريم لـ"فلسطين أون لاين"، إن أسرتها تعتمد عليها لجلب الطعام من "التكيات" يومياً، حيث لا تستطيع والدتها طهي الطعام لعدم قدرتها على شراء الخضروات التي ارتفعت أسعارها.
وبالنسبة لمريم التي بدت عليها علامات الإرهاق والتعب، فإن الوقوف أمام "التكيات" أمر مرهق وصعب، حيث تضطر في كثير من الأيام للانتظار ساعتين أو أكثر، وأحياناً كثيرة ينفد الطعام قبل وصول دورها، كما لا يخلو الأمر من المشاكل والتدافع.
ولا يختلف الحال بالنسبة للنازح الخمسيني "أبو عمر" الذي يضطر يوميًا للوقف في طوابير التكيات للحصول على الطعام لأسرته المكونة من ثمانية أفراد.
ويقول "أبو عمر" لـ"فلسطين أون لاين": إنه "في ظل انعدام فرص العمل وتوقف مصادر الدخل، أصبح الاعتماد على "التكيات" التي توفر الطعام هو الخيار الوحيد المتاح لنا لتوفير لقمة عيش لأطفالنا"، مضيفًا: "إذا لم تتوفر التكيات لن نجد ما نأكله".
ويشير إلى أن أسعار الخضروات قد وصلت إلى أرقام قياسية، مما جعل العائلات غير قادرة على شرائها، إذا لم تتناول أسرته أي نوع من الخضروات منذ وقت طويل"، وفق قوله.
ويضيف "أبو عمر" أن توقفه العمل وعدم وجود أي مصادر للدخل، إلى جانب الغلاء الفاحش، زاد من معاناتهم وجعل الحصول على الغذاء أمراً صعباً.
و"التكية" التي كانت رمزا من الرموز التي حافظ الفلسطينيون عليها في توفير الطعام للفقراء الذين لا يجدونه، باتت مع استمرار الحرب في قطاع غزة مصدرًا أساسيًا لحصول مئات الآلاف على الطعام.
مصدر أساسي
من جهته، يقول "أبو خالد"، أحد القائمين على إحدى التكيات، إن "التكية" تمثل مصدرًا أساسيًا للحصول على الطعام لعشرات الآلاف من النازحين الذين يواجهون صعوبة في تأمين طعامهم بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة والارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية.
ويضيف "أبو خالد" لـ"فلسطين أون لاين"، أن "التكية" تواجه صعوبات كبيرة، بسبب عدم توفر السلع الغذائية الأساسية لا سميا الخضروات، وارتفاع أسعارها، ما يحد من قدرة التكية على تنويع وزيادة الوجبات وتوزيعها على أعداد أكبر من المحتاجين مع الإقبال المتزايد عليها.
ولفت إلى أن "وجود التكية ضروري جداً لمساندة سكان قطاع غزة والنازحين، من أجل سد جوعهم، خاصة في ظل نقص المواد الغذائية لديهم، وعدم قدرة كثير من العائلات على شراء الطعام ومتطلباته من الأسواق".
وذكر أن انتشار "التكيات" في قطاع غزة ساعد على إيصال الطعام للعائلات يومياً، خاصة أن هناك عائلات لم تعد قادرة على الحصول على رغيف واحد من الخبز، فكيف لها أن توفر وجبة طعام سعرها مضاعف عما كانت في الأيام الطبيعية؟
وتسببت حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة في ارتقاء قرابة 43,736 شهيد، و103,370 جريح، ودمار هائل بالبنى التحتية والممتلكات، ومجاعة مستمرة أودت بحياة أطفال ومسنين، حسب بيانات فلسطينية وأممية.