أخبار اليوم - عواد الفالح - ركوب الأمواج هو رياضة مائية تتطلب مهارة وتوازنًا لمواجهة الأمواج العاتية والانزلاق فوقها ببراعة وشجاعة، يحتاج الراكب إلى توقيت دقيق للاندفاع على الموجة والبقاء على السطح دون السقوط.
لكن عندما نتحدث عن ركوب الأمواج في السياسة الأردنية، فإننا لا نقصد البحر ولا الشط، بل نقصد السياسيين والباحثين عن الشعبوية، الذين باتوا يتقنون "الركمجة" على موجات الشعبوية لتحقيق مكاسبهم.
ففي كل مرة تظهر موجة غضب شعبي، يتسابق هؤلاء على ركوبها، مستخدمين مهارات "الفهلوة" و"التفحيط" على الساحة السياسية.
السياسي الشعبوي يعرف كيف يجذب الانتباه، يبدأ بتقديم الوعود الرنانة والكلمات المؤثرة، فيمسك بالموجة بأقصى قوته، ويبدأ بـ"التزبيط" على حساب الشعب، تمامًا كما يفعل "الفهلوي" حين يقتنص فرصة ذهبية للظهور.
بعض الباحثين عن الشعبوية يتعاملون مع أي قضية ساخنة على أنها "موجة الموسم"، فيسارعون إلى ركوبها والظهور كأبطالها، حتى لو لم يكن لهم أي علاقة حقيقية بالحلول الفعلية.
يستخدمون "اللف والدوران" و"التزحلق" بين التصريحات المتناقضة، متبعين أسلوب "الشطارة" في كسب التعاطف ولفت الأنظار. إنهم يدركون أن الشعبوية ليست مجرد أسلوب، بل فرصة لتحقيق "البريستيج" السياسي، لذلك يلجؤون إلى "اللزق" في القضايا التي تحظى برضى الشارع، متجاهلين الحلول الجذرية.
أما في الأزمات الكبرى، تجد بعض السياسيين يتقنون فن "الدحبر"، فيظهرون بمظهر المنقذ، ويقدمون حلولًا مؤقتة، فقط ليعودوا إلى مواقعهم المعتادة بمجرد أن تهدأ الموجة.
وفي كل مرة يتزايد فيها الغضب الشعبي، نجدهم يتقافزون على موجة الشعبوية وكأنها فرصة ذهبية لكسب الشعبية، فيبتسمون أمام الكاميرات، ويتحدثون بعبارات مثل: "الشعب خط أحمر" و"نحن هنا من أجلكم"، وكأنهم ينافسون على بطولة "ركوب الموج السياسي".
لكن الأهم من كل هذا، هو أنهم يسعون لاستغلال هذه "الركمجة" لمصالحهم الخاصة، فهم لا يركبون الموجة من أجل الشعب، بل من أجل المنافع الشخصية، سواء كانت مناصب أو عقوداً أو حتى صفقات سياسية تضمن لهم البقاء في دائرة الضوء.
تبقى الساحة السياسية في الأردن حلبة مفتوحة للباحثين عن الشعبوية والسياسيين الذين يحترفون "ركوب الموج"، لا لتحقيق مصلحة الشعب، بل لتأمين مصالحهم الذاتية.