كتب سهم محمد العبادي
كانت كتيبة الدبابات الثانية تتخذ من منطقة الشيخ جراح مركزا لها، وكانت احدى السرايا التابعة لها التي يقودها سليمان السلايطة على خط التماس من الجبهة الامامية مع العدو، وبعد حشد العدو لقواته واعلان الحرب عام 1967 بدأت الاشتباكات وتحولت الى معركة ضارية .
كان الجندي موسى القبيلات أحد افراد هذه الكتيبة ومن أشرس الجنود الذين عرفتهم ساحات القتال وكان يعلم ادق التحركات والتفاصيل لقربه من قيادة السرية والكتيبة.
تمركز الجيش الأردني في مواقعهم في منطقة الشيخ جراح وعلى امتد تمركزهم على طول الخط العسكري، وضربت الدبابات الأردنية ومدافعها قوات العدو المتقدمة من مختلف الاتجاهات والمحاور مما اضطر العدو للتراجع وفي بعض المحاورهربوا من دباباتهم ومدرعاتهم من هول النيران الأردنية وضراوتها.
تعالت صيحات النشامى في اركان الكتيبة وسراياها بالله أكبر، وخاطب الجندي موسى قبيلات رفاقه قائلا " يالنشامى هذه الخنادق ستكون شاهدة على نصرنا او شواهد لقبورنا، المنية ولا الدنية" وبدأت المعركة تشتد بين الجانبين وعاد العدو بطائراته وفرق المظليين إضافة الى تعزيز خطوطه بقوات كبيرة من المشاة والدبابات التي تجمعت عند هذا القاطع العسكري المهم لأنها تعلم ان الحرب يتحدد مصيرها بدء من هذا القاطع خصوصا بعد غياب الطيران العربي عن ساحة المعركة.
جاءت صواريخ العدو في منتصف السرية واصابت عدد كبير من الجنود الأردنيين فمنهم من استشهد ومنهم من جرح مثلما قام جنود السرية بصب غضب رصاصهم ومدافعهم على العدو واوقعوا في صفوفه عشرات القتلى والجرحى وتدمير الاليات حيث كانت النيران الأردنية تأتيهم كالصواعق.
كان القبيلات يقوم بالقتال الى جانب رفاقه في السرية ولازدياد اعداد الشهداء كان يقود سيارة الإسعاف وينقل المصابين من ارض المعركة الى المناطق الامنة لتلقي العلاج ، في تلك اللحظات ، حاول العدو القيام بإحداث ثغرة في الحد الفاصل مع الكتيبة وهذه السرية بالتحديد للتسلل اليها ولكن يقظة الجنود النشامى كانت لهم بالمرصاد ، ويقول شاهد العيان الأسير المحرر المقاتل الجندي مصطفى جدعان وراد الخرشة ناديت على النشامى وقلت لهم " هنالك جنود للعدو يقومون بوضع الألغام بجانب الشيك ويحاولون الاقتحام من خلاله " فرد القبيلات ورفاقه بأمطار جنود العدو بمئات الرصاصات وتم تفجير الألغام بجنود العدو و تطايرت اشلائهم وتم دحرهم ، ويضيف الخرشه "ركبت شرشورين ع الرشاش وشرعنا انا وموسى القبيلات والنشامى بيهم طخ لما صدناهم مثل الحمام".
عاد القبيلات الى اسعاف الجرحى ونقلهم الى مكان امن للعلاج، مثلما كان الاشتباك يشتد حتى أصبحت بالسلاح الأبيض بعد إنزال العدو للمظليين وهجوم عشرات الطائرات على الكتيبة وجميع السرايا التابعة لها، وكان اعداد الجرحى من الجيش الأردني بالعشرات مثلما كانت اعداد الشهداء ويضيف شاهد العيان أبو جدعان " يشهد الله ما واحد قصر ولا واحد فينا تراجع، حاربنا للموت وصار المعسكر اسود مثل العطبة من دخان المدفعية وصواريخ الطائرات".
يضيف مصطفى جدعان كان موسى القبيلات " حصان رجال" لا يهاب الموت ولا يخافه مقدام وكلما انتقلت عينك من مكان قتال لأخر كنت تشاهد موسى القبيلات الذي كان اسد في معركة ، وبعدما وصل مسامعنا هزيمة القوات العربية تعاهد النشامى بمواصلة القتال حتى اخر جندي " وعيينا نروح قلنا نموت هان" وبعد تزايد اعداد الجرحى لم يكن هنالك وسيلة لنقلهم الى من خلال سيارة اسعاف لم نجد من يقودها سوى موسى القبيلات الذي قبل ان يعيدهم الى المناطق الخلفية لتلقي العلاج وحمل معه سلاحه والقنابل وقاد السيارة لمسافة بسيطة فتوجهت عليه عدة طائرات فتم قصفه بصواريخ عديدة أدت الى تدمير مركبته واستشهاده ومن معه واذكر ان كان يده تقود والأخرى تطلق النار.
يقول البطل مصطفى جدعان لم يتبقى منا سوى سبعة عشر جنديا اردنيا تم اسرنا من قوات العدو بعد دخولهم بالمئات علينا ومعهم طائرات ودبابات واتشهد الجميع وكان في جسدي ستة رصاصات مازالت ظاهرة اثارها حتى اليوم.
ويقول مدالله القبيلات شقيق الشهيد موسى القبيلات وشقيق ضيف الله القبيلات ان هوية موسى عادت الينا وهي تكتسي بدمه الطاهر ومعها قلادته العسكرية وهذا شرف عظيم لنا.
رحم الله الشهيد موسى منصور فاضل القبيلات ابن مليح في محافظة مأدبا ووالد النشميات يسرى وايمان ورحم الله شهداء جيشنا العربي الأردني.