كتب : محمود كريشان
في البدء.. السلامُ على جيشِنا العربيِّ، الذي يتعلّمُ منهُ الوفاءُ الوفاءْ، والرجولةُ.. تشربُ منه الرجولةَ،.. ينهلُ من مائِهِ الأَنقياءُ النّقاءْ.. وحدَه جيشُنا العربيُّ، الذي أتعب الخيلَ فرسانُهُ، وانحنى لهم الليلُ، لكنّهم رفضوا الانحناءْ..
إذا.. هو الصباح البهي، الذي نطالع شيئا من سيرة أحد أبطال الوطن، من أبناء جيشنا العربي الأبي، لنكون في حضرة المرحوم اللواء عبدالوهاب سليم مشوح النوايسة، المولود في عام 1937 وقد التحق بالخدمة العسكرية عام 1958 ضابطا في مخابرات العاصمة ومن ثم رئيسا لديوانها، وكان من زملائه في دورة الضباط كل من الباشاوات: مصطفى القيسي، قاسم الفراية، محمود عبيدات، مصطفى العضايلة، موسى الصرايرة، فالح الغرايبة وفالح الرفاعي «رحمهم الله تعالى».
انتقل بعدها النوايسة في رحلة عطاء وانتماء وتحد في مواقع عديدة منها: ضابط مركز امن وادي الجوز القدس 1962 ثم ضابط اديان الخليل 1963 وبعدها قائد لمخفر أريحا 1963، ورئيس البحث الجنائي العقبة في 1964 وقائد درك إربد عام 1965 وفي كلية الشرطة 1966 ولغاية 1968 ومدير حدود الرمثا 1968 ولغاية 1969 ثم رئيس لمركز أمن المهاجرين عام 1969 ورئيس لمركز أمن المحطه/ ماركا من 1970 ولغاية بداية 1972 ثم قائد لمقاطعة العقبة وفي العام 1974 عين مديرا لسير العاصمة وبعدها رئيسا لمركز أمن زهران عام 1975 ومديرا لمدرسة الشرطة عام 1979 ثم مديرا لشرطة إربد عام1979 ثم في 1984 مديرا لشرطة الزرقاء وفي 1987 مديرا للإقامة، وبعدها تولى منصب مساعد مدير الأمن العام إلى أن قرر إحالة نفسه على التقاعد عام 1989، دون أن نغفل عن الإشارة إلى أنه وفي العام 1976 وكان النوايسة نائبا لمدير شرطة الضواحي كان أول من وصل ألى موقع حادث استشهاد الملكة علياء وقد أصيب النوايسة بجلطة حينها وتم إسعافه من قبل المغفور له بإذن الله الملك الحسين «شخصيا».
مع وصفي..
وكان للنوايسة صولات وبطولات وجولات خلال أحداث الأمن الداخلي 1970، وكان يتصدى للخارجين عن القانون بفروسية عز نظيرها، وقد تخلص من كمين لاغتياله على طلوع جبل التاج، بعد أن قام بكشف مستودعات الأسلحة في شارع المحطة، حيث أطلق عليه حفنة من الخارجين عن القانون صليات متتالية من رصاص رشاشاتهم وحصل اشتباك معه واستطاع التخلص منهم، وتحصن في منزل كريم الصالح حتر ليومين، وتم الإعلان من قبل الخارجين عن القانون عن اغتيال النوايسة، وهو على قيد الحياة، وفي غضون تلك الأحداث المؤسفة استطاع القبض على المدعو غازي كنعان، وإحباط محاولته لاغتيال بعض ضباط القوات المسلحة، في منطقه عين غزال بالمحطة، وتمكن من إصابة كنعان في قدمه، فيما تمكن النوايسة من القبض على المدعو طاهر ذبلان الذي حاول اختطاف البريد المركزي، وتحدث بذلك نذير رشيد دون ذكر اسمه وقد مُنح وساما.
خلال أحداث 1970 كان الشهيد وصفي التل رئيس الوزراء وزير الدفاع على اتصال دائم مع النوايسة ورفاقه الذين تصدوا للخارجين عن القانون، الذين تمكنوا من احتلال مركز المحطة لمدة يومين، وبعد تحرير المركز منحه الشهيد التل مسدسا وطلبه للاجتماع بالقصور مع قادة الكتائب لتطهير منطقة الهاشمي وهملان وماركا، وكان النوايسة الخبير بمواقع الخارجين عن القانون بهملان والنصر، وتمكن برفقة القوات الخاصة من تطهير تلك المناطق بزمن قياسي.
في الزرقاء..
وهنا لا ننسى أن عبدالوهاب باشا النوايسة، الشجاع المقدام الذي قام بالقضاء على ظاهرة الزعران والبلطجة في الزرقاء عندما كان مديرا لشرطتها، وهو يطبق القانون بكل حسم وحزم، وقد كان القدوة والقائد للشرطة، في ظرف صعب كانت الزرقاء حينها تعج بالفوضى، وانتشرت حينها ظاهرة الفتوات، قبل أن يكون الرد السريع فور تسلمه رئاسة مديرية الشرطة هناك، وكان اسمه يدب الرعب في قلوب البلطجية والطمأنينة في أنفس الأهالي المسالمين، وعادت إلى الزرقاء هيبتها وأصبحت مضربا للأمثال في الأمن وسيادة القانون.
كان النوايسة شريفا عفيفا، نظيف اليد والقلب والفرج واللسان، لذلك عاش عيشة الكفاف، مستأجرا بيتا بسيطا، ولقي وجه ربه وهو يسكن وأسرته في بيت بالإيجار، وكان يرفض ان يعمل في بيته شرطي وكان يقول ان للعسكرية شرفا لاتعرف معناه ربات البيوت، فمكان الشرطي هو ميدان الرجوله وليس مطابخ بيوت كبار الضباط.
مجمل العشق: إنه وطنٌ كُحْلُهُ من سوادِ العيونِ، وحنّاؤهُ من دمِ الشهداءْ.. وطنٌ يستحقُّ البقاءْ، وتليقُ به الكبرياءُ، تليقُ بهِ وَحْدَه الكبرياءْ، وله.. تطلعُ الشمسُ كلَّ صباحٍ، وتغفو على صدرِه حين يأتي المساءْ، لم يُطاوِلْ مداهُ المدى، ونداهُ النّدى المُسْتَظِلُّ بهِ، كلُّ ما في بيارقِنا من إباءْ.. فالسّلام على الشّرفاءْ، الذين أَقاموا لنا وطناً في السَّماءْ، وطناً سيظلُّ اسمُه دائماً «وطنَ الشرفاءْ»..