أين الرقابة الأسرية وأهمية التعليم؟
"الرزق على الله"... بين الواقع الاقتصادي وشروط الزواج
عمل الفتيات في ساعات متأخرة: استغلال للظروف أم حاجة ملحة؟
مسؤولية الحكومة والمجتمع: كيف نواجه ظاهرة تشغيل الأطفال؟
أخبار اليوم - عواد الفالح - في شوارع عمان وأزقتها، أصبحت رؤية الأطفال، وهم يحملون القهوة وأحيانًا السجائر مشهدًا مألوفًا يثير تساؤلات عديدة حول غياب الرقابة الأسرية وتفشي ظاهرة تشغيل الأطفال.
يقول أحد الشباب "كلما مررت من هنا، أجد أطفالاً تتراوح أعمارهم بين 10 و16 سنة يعملون في بيع القهوة، أو في حمل أشياء قد لا تناسب سنهم، وأجد نفسي أتساءل: أين أهلهم؟ ولماذا ليسوا في مدارسهم كغيرهم من الأطفال؟"
تحدثنا إلى أحد هؤلاء الأطفال، وهو شاب يبلغ من العمر 15 عامًا، وأخبرنا أن عمله اليومي يبدأ في السادسة صباحًا، ولا ينتهي إلا في منتصف الليل، ويقول: "أعمل لمساعدة أسرتي. قد يكون الشغل صعبًا، لكني مضطر لذلك"، كما أن الزبائن يعطونني "بقشيش" يزيد دخلي اليومي.
أين الرقابة الأسرية وأهمية التعليم؟
تعلق إحدى الأمهات، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، بأن الوضع الاقتصادي الصعب يُجبر الكثير من الأهالي على اتخاذ قرارات صعبة تتعارض مع رغباتهم في توفير بيئة آمنة لأبنائهم، وتضيف: "أحيانًا لا يكون لدينا خيار آخر، ونعلم أن التعليم مهم، لكن الأولوية الآن لتأمين احتياجات الحياة الأساسية."
"الرزق على الله"... بين الواقع الاقتصادي وشروط الزواج
يثير البعض تساؤلات حول ظاهرة الزواج المبكر، وكيف ينعكس ذلك على الأجيال الشابة التي لم تكمل تعليمها، أو لم تتعلم حرفة تضمن لها حياة كريمة.
يقول أحد المواطنين، الذي بدأ العمل في سن العشرين، إنه كان يمكن أن يتخذ قرارات أخرى لو كان الوضع الاقتصادي أفضل، مضيفًا: "الحياة صعبة، ولكن يجب الأخذ بالأسباب. البعض ينشئ عائلة، دون أن يكون لديه مصدر دخل ثابت، مما يدفع الأبناء لاحقًا للعمل في سن مبكرة".
عمل الفتيات في ساعات متأخرة: استغلال للظروف أم حاجة ملحة؟
من الظواهر التي تثير القلق أيضًا عمل الفتيات لساعات متأخرة في الليل، وهنّ في مقتبل العمر، ضمن وظائف تحتاج متابعة مباشرة مع الزبائن في الأماكن العامة.
يقول أحد المارة: "أصبح مشهد الفتيات اللواتي يعملن ليلا في الشوارع العامة كبائعات قهوة أمرًا عاديًا، لكنني أتساءل عن المخاطر التي قد تتعرض لها الفتيات الشابات بسبب العمل تحت هذه الظروف، وأين دور العائلة؟".
في المقابل، تؤكد بعض الفتيات العاملات أنهن مضطرات للعمل لإعالة أسرهن ومساندة أهاليهن في مواجهة الأعباء الاقتصادية. تقول فتاة تعمل في إحدى المحلات: "أحيانًا يكون هذا العمل الخيار الوحيد المتاح أمامنا، ولا بد من توفير دخل للعائلة"، لكنها تعترف أن هناك مخاطر ترافق هذا العمل، سواء من حيث الأمن الشخصي أو ضغوط العمل.
مسؤولية الحكومة والمجتمع: كيف نواجه ظاهرة تشغيل الأطفال؟
مع تفاقم الظاهرة، يرى مختصون أن وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة العمل عليهما دور أساسي في التصدي لهذا الوضع؛ حيث يشددون على ضرورة تعزيز الرقابة وتنفيذ القوانين التي تمنع تشغيل الأطفال دون سن الـ18، بينما يؤكد آخرون على أهمية توفير برامج دعم للأسرة والحد من الفقر كي لا تضطر العائلات إلى إرسال أطفالها للعمل.
تختتم السيدة منال، التي تعمل في إحدى المؤسسات الاجتماعية، قائلة: "لا توجد أسرة ترغب في أن يتعرض أطفالها لهذه التجارب القاسية، ولكن في بعض الأحيان يكون الخيار الوحيد هو العمل لتوفير لقمة العيش. هذا جيل بحاجة إلى عناية خاصة، وإلى خطة وطنية تشارك فيها جميع الجهات لضمان مستقبل أفضل".
ويبقى السؤال عن حجم المخاطر التي من الممكن أن يتعرض له العاملون على "صينية القهوة" في الشارع العام.