أخبار اليوم - كشف الدكتور فيروز سيدوا، جراح الطوارئ البريطاني، عن مشاهد صادمة في قطاع غزة، حيث أُصيب العديد من الأطفال الفلسطينيين بطلقات نارية مباشرة في الرأس خلال الفترة التي عمل فيها بالمستشفيات المحلية.
وخلال حديثه لصحيفة "نيويورك تايمز"، وصف سيدوا حجم المعاناة التي يعيشها سكان غزة في ظل التصعيد العسكري المستمر، مؤكداً أن الأطفال كانوا من بين أكثر الضحايا تضرراً من هذه الحرب.
إصابات مميتة بين الأطفال
عمل الدكتور سيدوا في مستشفى الشفاء بمدينة غزة في الفترة بين مارس وأبريل 2024. وأوضح أن ما رآه خلال تلك الفترة كان "أبعد ما يكون عن المتوقع"، حيث تم استقباله بحالات مروعة من إصابات الأطفال.
وأضاف: "أطفال يبلغون من العمر 3 أو 4 سنوات يصلون إلى المستشفى برصاص مباشر في الرأس، ورغم كل الجهود الطبية المبذولة، فإن فرص بقائهم على قيد الحياة كانت ضئيلة للغاية."
وأشار الطبيب البريطاني إلى أن هذه الإصابات لم تكن مجرد حالات فردية، بل كان هناك نمط يتكرر بشكل يومي تقريباً. "كنا نرى طفلاً جديداً كل يومين أو ثلاثة، وكل واحد منهم يحمل نفس علامات الإصابة: رصاصة اخترقت الرأس مباشرة."
شهادات ميدانية
استند سيدوا في شهادته إلى معايشته اليومية للحياة داخل المستشفيات التي تغمرها أعداد كبيرة من الجرحى، مشيراً إلى أن الأطباء المحليين كانوا يعملون في ظروف صعبة للغاية، حيث تفتقر المستشفيات إلى الإمدادات الطبية الأساسية بسبب الحصار المستمر على القطاع. "الأطباء هنا يقومون بمعجزات يومية، لكنهم يفتقدون إلى المعدات الضرورية التي تمكنهم من إنقاذ الأرواح"، قال سيدوا.
كما ذكر الطبيب البريطاني أن الأطفال لم يكونوا الضحايا الوحيدين، حيث أشار إلى إصابات بين النساء والشباب والرجال، لكن إصابة الأطفال برصاص حي في الرأس كانت الأكثر تأثيراً بالنسبة له.
وأوضح أنه بعد كل محاولة إنعاش فاشلة، كانت فرق الطوارئ تصاب بحالة من الإحباط واليأس، لكنها سرعان ما تستعيد نشاطها لاستقبال الجرحى الآخرين.
الوضع الإنساني المتفاقم
تأتي هذه الشهادات في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية على (إسرائيل) لوقف القصف المستمر على غزة، والذي أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، من بينهم نساء وأطفال. ويقول سيدوا: "العالم لا يدرك حجم المعاناة التي يعيشها الأطفال هنا. هذا ليس مجرد نزاع عسكري، إنها إبادة جيل كامل."
وأبدت منظمات حقوق الإنسان الدولية قلقها العميق إزاء الاستخدام المفرط للقوة ضد المدنيين في غزة، داعية إلى إجراء تحقيقات مستقلة حول انتهاكات حقوق الإنسان. وطالبت بعض المنظمات بإرسال مراقبين دوليين إلى القطاع لتوثيق الجرائم التي تُرتكب ضد المدنيين، وخاصة الأطفال.
نداء للطواقم الطبية الدولية
ووجّه سيدوا نداءً للطواقم الطبية الدولية قائلاً: "نحن بحاجة ماسة إلى مزيد من الأطباء والممرضين والمساعدات الطبية. المستشفيات هنا على حافة الانهيار، ولا يمكننا الاستمرار في العمل بهذا الشكل لفترة طويلة."
وأضاف: "يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك الآن. كل يوم يتأخر فيه الدعم، يموت المزيد من الأطفال."
كما دعا المجتمع الدولي إلى توفير ممرات آمنة للإمدادات الطبية والفرق الطبية، مؤكداً أن سكان غزة باتوا يعتمدون بشكل كامل على الدعم الخارجي بسبب تدمير البنية التحتية الطبية في القطاع.
تداعيات على الأطفال
وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، فإن أكثر من نصف سكان غزة هم من الأطفال، مما يعني أن هذا الجيل يواجه مستقبلًا قاتماً. وقد حذرت المنظمات الأممية من أن تداعيات حرب الإبادة الإسرائيلية قد تمتد لعقود قادمة إذا لم يتم اتخاذ خطوات عاجلة لإنهاء القتال وتوفير حماية خاصة للأطفال.
وفي ظل استمرار الغارات الجوية، يبقى سكان غزة، وخاصة الأطفال، في مواجهة مباشرة مع الموت كل يوم. "هؤلاء الأطفال لم يعيشوا حياتهم بعد، ولكنهم يعيشون كل يوم وكأنهم في ساحة معركة. إنها مأساة إنسانية لا يمكن للعالم أن يغض الطرف عنها"، اختتم سيدوا.