أخبار اليوم - بدأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون جولة خارجية هي الأولى له منذ تجديد انتخابه لولاية ثانية في رئاسة الجزائر إلى كل من جمهورية مصر وسلطنة عمان.
وأوضح السفير أحمد فهمي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في مصر أن الرئيسين عبد الفتاح السيسي وعبد المجيد تبون أجريا مباحثات معمقة، تضمنت تأكيد عمق ومتانة العلاقات التاريخية الوثيقة بين مصر والجزائر، وما يجمع الدولتين من أواصر أخوة شعبية متجذرة في التاريخ، وأكد الرئيسان في هذا الإطار حرصهما على مواصلة مسيرة التعاون المشترك بين الدولتين ودفعها إلى آفاق أرحب، إلى جانب استمرار التشاور والتنسيق المستمر في مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
وفي ذلك الإطار، شدد الرئيسان على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة ولبنان، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، مؤكدين مسؤولية المجتمع الدولي عن حماية المدنيين من الاعتداءات الجسيمة التي يتعرضون لها، وأكدا كذلك ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وعقب المحادثات بين الرئيس المصري والجزائري في قصر الاتحادية الرئاسي، أكد الرئيس تبون أنّ هناك تفاهما تاما ورغبة في العمل المشترك من أجل تجسيد استثمارات جديدة، لا سيما في مجالات الطاقة والسكن والبناء".
وأوضح أنّ الجزائر "ترحّب بالشركات المصرية التي ترغب في الاستثمار في بلادنا"، مضيفا بالقول: "لقد أعطيت الضوء الاخضر لوزير السكن للعمل مع الشركات المصرية في الهندسة المعمارية وبناء المدن الجديدة".
وفي هذا الإطار، أعرب الرئيس الجزائري عن أمله في أن تجتمع اللجنة العليا المشتركة للبلدين مطلع 2025 لدراسة "إمكانية الانطلاق في مرحلة جديدة من الاستثمار والتبادل على كافة المستويات".
وقال تبون: "علاقاتنا مع مصر وطيدة ويعرفها العام والخاص، وقد بُنيت على أسس أخوية قوية ونضال مشترك منذ أزيد من سبعين سنة وشاركنا معاً في الدفاع عن مقومات الأمة العربية"، مجدداً بالمناسبة ذاته، شكره للرئيس المصري ولشعبه ولكل من ساعد الثورة التحريرية المباركة".
وفي ما يخص الوضع في فلسطين، قال الرئيس الجزائري: "قلوبنا تتألم للإبادة اليومية والمجاعة التي خلقها الاحتلال الاسرائيلي من خلال الندرة في المياه والغذاء والدواء وغلق المستشفيات"، وهي "إبادة مكتملة الأركان"، متوجهاً بالتحية إلى الشعب الفلسطيني على "صموده وتحمله البقاء في أرضه وعدم قبوله بالتهجير من جديد".
في هذا المنحنى، أبرز الرئيس تبون أنّ الجزائر تحاول برفقة مصر "إنقاذ الموقف مع مبادرة الرئيس السيسي لإدخال احتياجات سكان قطاع غزة في انتظار الحل النهائي الذي يكون بتسيير الفلسطينيين لأراضيهم"، مشيراً إلى أنّ الجزائر "تعمل بكل ما بوسعها في مجلس الأمن للوصول إلى حل نهائي ووقف هذه الإبادة".
وأكد أنّ موقف الجزائر من القضية الفلسطينية "لم ولن يتغير"، وأنّ "الحل الجذري يكمن في إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف".
وبشأن الوضع في ليبيا، جدّد الرئيس تبون موقف الجزائر الثابت بخصوص "حل ليبي ـ ليبي" من خلال إجراء انتخابات شرعية في هذا البلد.
وبخصوص الوضع في السودان، أعرب الرئيس تبون عن "أسفه الكبير لما يجري بين الأشقاء السودانيين"، مذكّراً بأنّ الجزائر ومصر "لم تتدخلا أبداً بين الأشقاء إلاّ من أجل الصلح".
من جانبه، أكد الرئيس السيسي أنه تم خلال المباحثات التي أجراها مع الرئيس الجزائري التطرق إلى "سبل تطوير العلاقات والتعاون بين البلدين"، مبرزاً أنّ اللجنة العليا المشتركة للبلدين ستعقد دورتها التاسعة "قريبا" بالقاهرة من أجل "ضبط مواضيع تعاون أكبر".
في هذا الصدد، أوضح الرئيس السيسي أنّ "فرص التعاون كبيرة بين مصر والجزائر"، وهو ما شكّل "محور اللقاء الذي جمع أعضاء وفدي البلدين".
هذا ويؤدي الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون زيارة رسمية إلى سلطنة عمان، هي الأولى لرئيس جزائري مند زيارة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد إلى السلطة عام 1990.
وينظر المراقبون إلى زيارة الرئيس عبد المجبد تبون باعتبار أن اختيار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لجمهورية مصر وسلطنة عمان في أول زياراته الخارجية في ولايته الثانية مقصود.
وذكر القيادي في حركة "رشاد" الجزائرية المعارض محمد العربي زيتوت، في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى مصر وسلطنة عمان، هدفها الرئيس هو التأكيد للرأي العام الجزائري ولعدد من الأطراف الإقليمية أن النظام الجزائري ليس معزولا، وذلك بعد تراجع علاقاته بكل من روسيا وفرنسا وبعدد من دول الإقليم لا سيما مالي والنيجر.
وقال زيتوت: "زيارة عبد المجيد تبون إلى مصر هدفها التأكيد على تقارب وجهة نظر النظامين إلى الحلول في كل من السودان وليبيا، وكلاهما قلق من الدور السيئ الذي تلعبه دولة الإمارات في البلدين من دون أن يقدرا على التصريح علانية بذلك".
وأضاف: "جولة عبد المجيد تبون إلى كل من مصر وسلطنة عمان، هي أيضا رسالة إلى باريس والرباط، حيث أنها تتزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب وخطابه المرتقب غدا الثلاثاء أمام البرلمان المغربي، وذلك بعد تحول في الموقف الفرنسي إزاء الصحراء ودعمها لخيار الحكم الذاتي.. في هذا الظرف يريد النظام الجزائري تأكيد أنه لا يزال محوريا في المنطقة، وأن علاقاته قائمة مع دول محورية فيه".
وأكد زيتوت، أن "النظام الجزائري معني ليس فقط بإرسال رسالة أنه ليس معزولا إقليميا، وإنما أيضا بإبلاغ عدد من الأطراف بأنه جزء من الاستقرار في المنطقة، وأنه لا يحمل أي سياسات عدائية ضد أي طرف، إلا من انحاز لخصوم النظام الجزائري".
وأضاف: "يجب أن نتذكر أن النظام الجزائري قدم ولا زال يقدم مساعدات للنظام المصري، منها القرض الذي قدمه النظام الجزائري للنظام المصري بقيمة 3 مليار دولار بعد انقلاب السيسي مباشرة ولم يعدها النظام المصري إلى حد الآن، وأيضا الغاز الجزائري الذي مازال يذهب إلى مصر بأسعار مخفضة، وهناك أنباء الآن عن قرض جديد بشروط ميسرة جدا... هذا مع الأخذ بعين الاعتبار بأن النظام الجزائري هو من رفع التجميد عن عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي التي حدثت بعد انقلاب السيسي على الدكتور مرسي ".
واعتبر زيتوت، أن حديث عبد المجيد تبون عن استعداده للمشاركة في إدارة قطاع غزة بعد الحرب تحت يافطة الدول الصديقة والشقيقة، بأنه موقف خطير وغير مسبوق في السياسات الجزائرية تجاه فلسطين.
وقال: "إن هذا الموقف، وهو للأسف خبيث، يتعارض مع كل المواقف الجزائرية السابقة منذ الاستقلال. وشخصيا أدين هذا الموقف بشدة وأعتبر أنه جزء من إرضاء للاحتلال وداعميه"، على حد تعبيره.
وفي الرباط أكد الكاتب والإعلامي المغربي نور الدين لشهب في حديث مع "عربي21"، أن "الحديث عن أن زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى كل من مصر وسلطنة عمان أنها جزء من التحريض على السياسات المغربية، لا يقدم ولا يؤخر شيئا في السياسات المغربية المبنية على مبادئ واضحة ومعلنة للجميع، وتقوم على عدم المساومة في السيادة الوطنية ووحدة البلاد الترابية".
وأضاف: "أما إذا كان الهدف من زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى مصر وسلطنة عمان، هو تحويل تعهدات الرئيس عبد المجيد تبون بإسناد غزة وفلسطين من خلال إقناع المصريين بفتح الحدود مع غزة لبناء المستشفيات وإيصال الغذاء والدواء لأهل فلسطين لتمكينهم من الحياة والبقاء على أرضهم رفضا لمشاريع التهجير، فهذا أمر لا يمكن لأحد إلا أن يدعمه ويرحب به"، وفق تعبيره.