أخبار اليوم - ناقش أكاديميون ومحللون سياسيون المشهد في منطقة الشرق الأوسط المتعلق بصراع القوى الكبرى على إعادة تشكيل النظام الدولي، وقدموا الرؤى المحتملة لاتجاهات التحولات السياسية والاجتماعية والأمنية في المنطقة، وكيفية الاستفادة من هذه التحولات وتحويلها إلى فرص يمكن العمل عليها، كما قدموا تصورًا لدور الدول المنطقة في النظام العالمي الجديد.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية نظمها منتدى الفكر العربي، حول "آفاق النّظام العالميّ الجديد وتصاعُد الأزمات في الشّرق الأوسط "، شارك فيها الدكتور حسن المومني، عميد كلية الأمير حسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية، والدكتور منذر حوارات، الكاتب والمحلل السياسي، والأستاذ جواد الحمد، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، وأدارها الدكتور بدر ماضي، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الألمانية الأردنية.
أشار د.بدر ماضي خلال إدارته للجلسة إلى أن ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط يؤثر بشكل كبير على سلوكيات الدول في المنطقة وسياساتها الداخلية وحدود أدوارها الخارجية، إذ أصبحت هذه الأحداث جزءًا من سياسات تعامل الدول الكبرى مع دول المنطقة، مضيفًا أن منطقة الشرق الأوسط تعد أساسًا ومفتاحًا لفهم ديناميكيات النظام العالمي الحالي، وأن أي تغييرات أو نزاعات تحدث فيها قد تكون لها تداعيات كبيرة على المستوى الدولي.
وأوضح د.ماضي خلال حديثه أن هناك الكثير من الأسئلة المتعلقة بما يجري في المنطقة، وظهور نظام عالمي جديد منذ أحداث الربيع العربي، وما رافقه من تغيرات كبيرة، وأشار د.ماضي أنه في حال قيام نظام دولي جديد فإن القوى المؤثرة عليه ستكون عديدة، منها: الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وقضايا الطاقة والمياه، والهجرة والنزوح، والإرهاب والتطرف، والأمن والاستقرار الدولي، والسياسات الدولية، والعلاقات الدبلوماسية على صعيد المنطقة وخارجها، التجارة الدولية.
وتحدث د.حسن المومني عن أن أهم التحولات التي يمكن أن ترافق النظام العالمي الجديد، مبينًا أنه نظام لا يحمل أي أيديولوجيا، وأن تأثير الأحداث والتحولات سيلاحظ بعد مدة من الزمن وليس بشكل مباشر في المنطقة، وأضاف د.المومني أن نزعة التغيير في العالم لم تبدأ منذ السابع من أكتوبر، إلا أن ما يجري فرض على الدول الكبرى إعادة تقييم أوضاعها في منطقة الشرق الأوسط، وتقديم نفسها بطرق أخرى.
وقال د.المومني: إن الحديث عن القوى الكبرى والتحول إلى نظام عالمي جديد ينحصر في الحديث عن أمريكا والصين كقوى صاعدة، وأن روسيا لن تكون جزءًا من عملية التغيير في المستقبل، إذ أن الصين، ومن خلال بسط نفوذها الاقتصادي على بعض الدول، وإنجازاتها في توسيع التجمعات التي تتمحور حولها مثل مجموعة بريكس، نجحت في تأسيس قاعدة لها يمكن البناء عليها.
وبين أ.جواد الحمد ظاهرة تصاعد وتنامي الأزمات في الشرق الأوسط في ظل الأزمة التي يعيشها النظام الدولي، وافتقاده للدور الفعال في المنطقة بمختلف أبعاده، إضافة إلى أزمات النظام العربي المرتبط بعضها بالنظام الدولي وبعضها بأسباب عربية أو قطرية، موضحًا بأن التحولات في المنطقة كشفت العجز والضعف وسوء التقدير الاستراتيجي لبعض أصحاب القرار والنخب والمثقفين في المنطقة، وأن النظام العربي استفاد من ديناميكيات السابع من أكتوبر.
وقدم أ.الحمد عددًا من التصورات والتوصيات للخروج من مأزق الارتهان للنظام الدولي، والأطماع لبعض القوى العاملة في المنطقة، وللتقليل من حدة هذه الأزمات واحتوائها، وتحقيق الاستقرار في المنطقة، مؤكدًا أهمية التمسك بالهوية العربية والإسلامية الحضارية، والتفكير الجاد بتحقيق المصالح العربية المشتركة، ودعم الشعب الفلسطيني بكافة الطرق الممكنة.
وبدوره أشار د.منذر حوارات إلى أن التفاعلات بين القوى الكبرى والإقليمية تحدث مشهدًا معقدًا يصعب فيه تحقيق استقرار دائم في منطقة الشرق الأوسط، فصعود قوى إقليمية مثل إيران وتركيا، وتزايد تأثير إسرائيل كقوة إقليمية، بالإضافة إلى التحولات الدولية مع تعدد الأقطاب، تضع تحديات كبيرة أمام الدول العربية، إلا أن هذه التحديات تفتح أيضًا فرصًا جديدة للتعاون الاقتصادي والاستراتيجي مع القوى الكبرى مثل الصين وروسيا، مما يعزز من دور الدول العربية في صياغة مستقبل المنطقة.
وأكد د.حوارات أن الحلول المستدامة تتطلب تعاونًا إقليميًا ودوليًا قويًا، وتطوير سياسات مرنة قادرة على التكيف مع التغيرات الجيوسياسية والتحديات البيئية والاقتصادية، وأن مستقبل المنطقة يعتمد بشكل كبير على كيفية استجابة الدول الإقليمية لهذه التحولات والتحديات، وعلى قدرتها في بناء تحالفات إقليمية ودولية تُسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.
هذا، ويذكر أنه جرى نقاش موسع بين المتحدثين والحضور حول القضايا التي طُرحت.