أخبار اليوم - فيما يشهد النشاط السياحي في منطقة البحر الميت تراجعا هو الأدنى منذ جائحة كورونا، يواجه مئات العاملين في قطاع الفنادق مصيرا مجهولا بعد قرارات إنهاء عقودهم نتيجة تراجع نسب الإشغال منذ تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي.
ويصف مسؤولون في الفنادق، النشاط السياحي للموسم الحالي بـ"الأسوأ منذ عقود"، إذ إن نسب إشغال الفنادق لم تتخط حاجز 40 % منذ أكثر من عام، ما ألحق بالمنتجعات خسائر فادحة، موضحين أن النشاط السياحي يقتصر على أيام العطل الرسمية والمناسبات والمؤتمرات فقط وبنسب متدنية جدا.
وفي الوقت ذاته، يرى عاملون أن تراجع نسب الإشغال الفندقي منذ بدء الحرب على غزة وما رافقها من تداعيات أمنية دفع أصحاب الفنادق إلى تقليص أعداد العاملين والتوقف عن توظيف جدد بهدف خفض النفقات، لافتين إلى أن ذلك انعكس سلبا على أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية.
ويؤكد المدير الإداري في فندق البحر الميت العلاجي، محمد عربيات، أن المنشآت السياحية في منطقة البحر الميت تعاني كثيرا نتيجة تراجع نسب الإشغال منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، موضحا أن غياب السياحة الأجنبية التي تعد ركيزة للنشاط السياحي في المنطقة تسبب بخسائر كبيرة.
وأشار عربيات، إلى أن استمرار الأوضاع الحالية لفترة أطول يهدد معظم المنشآت بالإغلاق، كون كلف التشغيل مرتفعة جدا مقارنة بالمداخيل، مضيفا أن دخول فصل الشتاء يزيد من صعوبة الأوضاع مع تراجع السياحة الداخلية والمناسبات والمؤتمرات، ذلك أن بعض الفنادق عمدت إلى عدم التجديد لأي موظف ينتهي عقده لتقليل الكلف التشغيلية.
ورغم ما تتمتع به المنطقة من أجواء مناسبة، إلا أن النشاط السياحي يقتصر عادة على المتنزهات والشواطئ المفتوحة والمطاعم والمنتجعات التي تعمل بنظام اليوم الواحد.
ووفق المسؤول في فندق كمبنسكي البحر الميت، بسام جرادات، فإن الحركة السياحية تشهد تراجعا كبيرا منذ أكثر من عام، إذ يقتصر النشاط على حفلات الأعراس والمناسبات خلال نهاية الأسبوع، فيما تنخفض الحركة لأقل من 30 % بقية الأيام، مؤكدا أن تراجع الحركة لم يسبق له مثيل سوى خلال جائحة كورونا وما رافقها من إغلاقات.
وأضاف جرادات، أن غياب السياحة الأجنبية ألحق ضررا كبيرا بالأعمال، ما انعكس سلبا على قدرة المنتجعات على تلبية متطلبات استمرارية العمل، خصوصا فيما يتعلق بالكلف التشغيلية الكبيرة، ما دفع بعضها إلى محاولة التكيف مع الأوضاع الحالية بتقنين المصروفات، وهو ما أثر على الاستقرار الوظيفي لجزء من العاملين.
وقال عدد من العاملين، إن الأوضاع تزداد سوءا يوما بعد آخر، مع ارتفاع كلف التشغيل، التي تسببت بخسائر كبيرة للقطاع، مؤكدين أن الأوضاع الحالية انعكست سلبا على أوضاع الموظفين الاقتصادية، لا سيما أن الرواتب مرتبطة بنسب الإشغال، وأي انخفاض يؤدي إلى انخفاض رواتبهم.
وبحسب الموظف محمد الجعارات، فإن المنتجعات في ظل الأوضاع الحالية تسعى لتقليص أعداد الموظفين لخفض النفقات، فيما تعمد أخرى إلى التشغيل على نظام المياومة حسب ما تقتضيه حاجة العمل، مشيرا إلى أن مئات العاملين يعانون أوضاعا صعبة للغاية، خصوصا أن بعضهم ملتزم لجهات إقراضية وتمويلية.
ويؤكد الرئيس التنفيذي لجمعية أصدقاء البحر الميت، زيد السوالقة "أن النشاط السياحي في منطقة البحر الميت تأثر بشكل بالغ نتيجة الأحداث التي تعصف بالمنطقة، التي ألحقت ضررا بالقطاع السياحي في المنطقة بأكملها"، موضحا "أن غالبية المنتجعات السياحية تعتمد بشكل كبير على السياحة الأجنبية والإقليمية، وبشكل قليل جدا على السياحة الداخلية المنهكة اقتصاديا".
وأضاف السوالقة، أن القطاع السياحي كان الأكثر تضررا من الأوضاع الإقليمية، ما انعكس سلبا على العاملين الذين يعيشون أوضاعا صعبة نتيجة تقليص أعداد العاملين وتراجع رواتبهم، التي يتم احتساب جزء منها بناء على حجم العمل في المنشآت.
يذكر أن النشاط السياحي في البحر الميت شهد انتكاسات عدة خلال السنوات الماضية، أولها التراجع الكبير أثناء الأحداث الإقليمية في المنطقة بداية العام 2010، تلاه التراجع الذي شهده نتيجة الأزمة المالية العالمية، وبعدها التراجع غير المسبوق نتيجة جائحة كورونا والإغلاقات، وآخرها ما يجري حاليا من أوضاع غير مستقرة في الإقليم.
وتعد منطقة البحر الميت إحدى أهم الوجهات السياحية العالمية والرائدة في مجال السياحة العلاجية، وتستقطب الكثير من السياح الأجانب، خصوصا بعد قيام العديد من المشاريع الاستثمارية السياحية الضخمة التي وفرت بيئة سياحية ممتازة ومتنوعة للسائح سواء من الخارج أو الداخل.
الغد