أخبار اليوم - طالب مدير الخدمات الطبية الملكية السابق وعضو مجلس السياسات الوطني، الدكتور عادل الوهادنة، بزيادة أعداد الطلبة في التخصصات الطبية في الأردن، وتوفير حوافز للحفاظ على الكوادر الطبية وتشجيع التطوير المهني المستمر.
وبين الوهادنة ومن خلال سلسة مراجعات كتبها بعنوان » الاستعداد للأزمات في إدارة الرعاية الصحية»، أن القطاع الصحي يشهد عالميا نقصا حادا في القوى العاملة، والأردن ليس استثناء، حيث أبرزت جائحة كورونا الضغط المتزايد على العاملين في القطاع الصحي الذين كانوا بالفعل يعانون من أعباء عمل ثقيلة، الأمر الذي يتطلب معالجة من خلال نهج متعدد الجوانب.
وأضاف أن الإصلاحات الحكومية التي تهدف إلى تحسين ظروف العمل للكوادر الطبية، ستساهم في تحسين الاستجابة للأزمات وضمان تقديم رعاية صحية عالية الجودة.
واعتبر الوهادنة أن الجائحة أظهرت هشاشة سلاسل الإمداد الطبية العالمية، ولم يكن الأردن استثناء من ذلك أيضا، إذ كشفت أزمة نقص المعدات الطبية الأساسية مثل أجهزة التنفس ومعدات الحماية الشخصية، عن ضرورة تعزيز القدرات الإنتاجية المحلية.
وتابع أنه مع أن مؤسسة الغذاء والدواء لعبت دورا مهما في تسريع إجراءات الموافقة للمصانع المحلية، الأمر الذي حسن من مرونة سلاسل الإمداد، إلا أن الأمر يستلزم الاستمرار في الاستثمار بالقدرات المحلية، وتعزيز الشراكات الدولية، لضمان جاهزية الأردن لمواجهة الاضطرابات المستقبلية.
وأشار الدكتور الوهادنة إلى أنه في ظل التطورات السريعة التي يشهدها العالم، أصبحت أنظمة الرعاية الصحية تواجه تحديات مزدوجة، تتمثل في إدارة الأزمات وضمان استدامة النظام الصحي، حيث أدى انتشار جائحة كوفيد-19، إلى تسليط الضوء على أهمية أنظمة الإدارة الصحية المرنة والقادرة على التكيف مع الأزمات المفاجئة.
ولفت إلى أن الأردن يعد مثالا مهما لدراسة كيفية الاستعداد للأزمات الصحية، حيث تمكنت وزارة الصحة من الاستجابة السريعة والفعالة للجائحة، ومع ذلك كشفت الفجوات في إدارة سلاسل الإمداد عن الحاجة إلى تحسين هذه الأنظمة لتكون أكثر مرونة، لذلك تعزيز سلاسل الإمداد واستعداد القوى العاملة يجب أن يكون أولوية رئيسية لتجنب آثار الصدمات المستقبلية.
ووفق الدكتور الوهادنة فإن القطاع الصحي في الأردن يعد أحد مصادر الفخر الوطني وإمكانيات النمو الاقتصادي، من خلال الاستثمار في السياحة العلاجية، مع تعزيز مكانة الأردن كمقصد علاجي رائد، يمكن أن يعود بفوائد اقتصادية كبيرة.
ونوه إلى أن توسعة مركز الحسين للسرطان وتطوير مرافق طبية عالية التقنية، يظهر كيف يمكن أن يؤدي الاستثمار في الرعاية الصحية إلى جذب المرضى الإقليميين والدوليين، علاوة على ذلك فإن دعم بيئة تشجع على نمو الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الصحية من شأنه أن يضع الأردن في موقع قيادي في المنطقة.
وركز على أن مركز الحسين للسرطان لا يزال نقطة جذب للمرضى من مختلف أنحاء المنطقة، مما يساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي من خلال السياحة العلاجية.
وعن الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مواجهة الأزمات، قال الدكتور الوهادنة أنها أثبتت أهميتها الكبيرة في التعامل مع الأزمات الصحية في الأردن، فقد تم التعاون مع المستشفيات الخاصة لزيادة السعة الاستيعابية للأسرة، وإدارة تدفق المرضى خلال الجائحة، مبينا أن هذه الشراكات لا تساعد فقط في الاستجابة الفورية للأزمات، بل تعمل أيضا على تعزيز بنية القطاع الصحي على المدى الطويل، كما أن توسيع هذه الشراكات لتشمل شركات التكنولوجيا والقطاع الدوائي، يمكن أن يعزز مرونة القطاع الصحي بشكل أكبر.
وتابع أن الشراكة السريعة بين السلطات الصحية الأردنية والمستشفيات الخاصة خلال جائحة كورونا، ساهمت في زيادة السعة الاستيعابية للأسرّة، مما يظهر كيف يمكن أن تعزز الشراكات من قدرة الاستجابة للأزمات.
ونبه إلى أنه خلال الجائحة، قامت الأردن بتعبئة قدراتها الإنتاجية المحلية لإنتاج معدات الحماية الشخصية وغيرها من المستلزمات الطبية الضرورية، مما يبرز أهمية تعزيز القدرات المحلية لمواجهة الأزمات.
وشدد الدكتور الوهادنة على أن مسألة الاستعداد للأزمات أصبحت قضية ملحة بعد انتشار جائحة كوفيد-19، حيث أثبتت الحاجة إلى تطوير أطر إدارية مرنة.
وأكد أنه رغم تنفيذ وزارة الصحة مجموعة من التدابير السريعة لمكافحة الجائحة، مثل الإغلاقات الشاملة، وتتبع الحالات الفوري، وإطلاق حملات التطعيم بكفاءة، إلا أن بعض الثغرات كشفت، لا سيما في إدارة سلسلة الإمداد الطبي، بالإضافة للحاجة إلى تعزيز أنظمة أكثر مرونة، يمكنها التصدي للأزمات الصحية المستقبلية بشكل فعال.
وأوضح أن الأردن يجد نفسه الآن في مرحلة مفصلية في تطوير نظامه الصحي، عن طريق أخذ الدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19، إلى جانب الاستثمارات الاستراتيجية والإصلاحات الإدارية، لبناء نظام صحي أكثر مرونة واستدامة من الناحية الاقتصادية.