محمود كريشان
عمان.. مبتدأ العشق ومهبطه.. التسامح، المحبة، البساطة، العائلة الواحدة.. مدينة بسبعة جبال تحيط بها.. تحرس ربة عمون أو مدينة الحب الأخوي..
عمان عاصمة.. ولا كل العواصم.. تاريخ حافل، وذكريات جميلة، أماكن تروي سيرة مدينة.. تمتد من شرق الروح الى غرب الوجدان.. ومن شمال الوجد الى جنوب العشق... نمضي معكم الأعزاء قراء صحيفة الدستور لنتجول في أخبار وذكريات في ذاكرة المدينة، ونتصفح دفاترها المشرقة:
نشأة جبل الحسين
جاءت نشأة جبل الحسين في الخمسينيات من القرن الماضي استجابةً للضغط السكاني، تحديدًا مع تأسيس مخيمه للاجئين الفلسطينيين عام 1952، إضافة لتزايد الازدحام التجاري في وسط البلد والعبدلي القريبين، اللذين كانا حتى ذلك الحين يضمان جزءًا كبيرًا من الأنشطة التجارية ومؤسسات الدولة الرسمية.
في ذلك الوقت، شكلت مجموعة من المدارس والكنائس المقامة في جبل الحسين النواة الأولى التي بدأت تتمحور حولها الأنشطة والدوائر الحكومية والخدمية والتجارية، بدءًا بكلية الحسين التي تأسست سنة 1920، ومدرسة سُكيُنة بنت الحسين للبنات سنة 1950، وكلية دي لاسال (الفرير) في العام نفسه، ومدرسة راهبات الناصرة، ودير الراهبات الفرنسيسكان، ودير الآباء اليسوعيين، إضافة لمدرسة عبد الحميد شرف الصناعية، وهي أول مدرسة صناعيّة في الأردن، ودار المعلمين، اللتين افتتحتا في الخمسينيات وكان لهما أثر هام في المشهد التعليمي، بحسب المهندسة المعماريّة سُرى الحلالشة.
لكن التوسع الحضري الحقيقي في الجبل بدأ في السبعينيات وتصاعد خلال الثمانينيات، مع انتشار المطاعم والمقاهي والمحال التجارية والمهنية من عيادات ومكاتب محاماة وهندسة، وظهور أسواق ومجمعات تخصصت ببيع بضائع محددة، كالألبسة الرسمية، وفساتين العرائس، والمجوهرات. وفي التسعينيات، بلغ هذا التوسع ذروته، حيث انعكست رؤوس الأموال الأردنية العائدة من الخليج بشكل ملحوظ على الحي، فارتفع مستوى القدرة الشرائيّة ومعه مستوى جودة البضائع، وتعزّزت الأنشطة التجارية والمهنيّة، ليصبح جبل الحسين منطقة جذب تجاري وترفيهي، فضلًا عن كونه وجهة رئيسة للطبابة، بفعل وجود عيادات بعض أبرز أطباء الأردن حينها فيه، إضافة لبعض أقدم المستشفيات الخاصة، مثل مستشفى هبة، ومستشفى الأمل.
مقاهي
عمان في الأربعينيات
الأديب نايف النوايسة، يقول: ارتبط المكان عند الباحث الدكتور المرحوم عبد الله رشيد بكل ما قدّم من جهود تراثية وعلى الأخص في بيئة بحثه «عمان» الذي شغله كثيرا الى حد الهيام، وسنلاحظ هذا الارتباط في كتابيه: «ملامح الحياة الشعبية في مدينة
عمان 1878ـ 1948»، و»الكتاتيب ونظمها التقليدية في مدينة عمان1900ـ 1958»، وجاء في الكتاب: شكلت المقاهي ركيزة مهمة في التحولات الاجتماعية التي شهدتها
عمان منذ تأسيس الإمارة باستقطابها الكثير من فئات المجتمع العماني من التجار والموظفين والعمال، ومن ابرز ما تميزت بها هو تحولها لتكون مؤسسات ثقافية واحتضنت العديد من الفعاليات الوطنية التي خاضت في مختلف القضايا السياسية والقومية ومن هذه المقاهي: «مقهى المنشية التحتة» وكان موقع هذا المقهى مكان سينما البتراء الحالي عند جسر الحمام بجانب سيل
عمان على ارض لآل المفتي، ورواده من الأثرياء وعلية القوم. مقهى المنشية»الفوقة»: وهي قهوة شعبية للمرحوم قاسم شقير كانت تحاذي «التحتة» من الجهة الغربية ويرتادها أواسط الناس وأصحاب المهن البسيطة، و»قهوة المحروم» وهي قهوة شعبية كانت تقع في أول شارع الرضا ويرتادها العمال ومن هم في مستواهم، وتميزت هذه القهوة بأنها كانت تقدم فقرة فنية خاصة بالحكواتي، وكان الحكواتية يقدمون من سوريا ومصر، و»قهوة حمدان» وصاحب هذه القهوة رجل فلسطيني يدعى حمدان، وتضيف بعض المصادر بأن صاحب هذا المقهى هو حمدان أبو سويد والمقهى شتوي وصيفي ويسمى أحيانا «لوكاندة»، وتصفه بعض المصادر بأنه مثل النادي وكان موقع القهوة في سوق الصاغة الحالي في شارع فيصل، ويرتاده المثقفون والوطنيون وهواة سباق الخيول، لذلك عقدت فيها المؤتمرات الوطنية، بالإضافة الى عرض بعض المسرحيات الغنائية وفقرات الحكواتي، ثم «قهوة البرازيل» تعود هذه القهوة لرجل من لبنان، وفي مصادر أخرى هي لرفعت الحافظ وشوكت حميد كلمات، وكانت تقع أول شارع الملك حسين بجوار البنك العربي، كذلك من المقاهي التي لم يذكره المرحوم رشيد «مقهى الجامعة العربية» لمحمد الديراني ومعروف اللبابيدي وهو مقابل الجامع الحسيني، و»مقهى الصباغ» لمحي الدين الصباغ في شارع فيصل، ومقهى بشير كاتبي في شارع الرضا.