أخبار اليوم - قالت منظمة العفو الدولية: "إنَّ السلطات الجزائرية تستمر في قمع الفضاء المدني من خلال مواصلة حملتها القمعية القاسية لحقوق الإنسان، بما فيها الحقوق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها قبيل الانتخابات الرئاسية في البلاد والمقرر إجراؤها في 7 سبتمبر/أيلول".
وأوضحت "العفو الدولية" في بيان لها اليوم، أنه وعلى مدار العامين الماضيين، أدخلت السلطات الجزائرية أيضًا سلسلة من التعديلات القانونية التي تبعث على القلق، فضلًا عن تشريعات جديدة وجهت ضربة قوية لحقوق الإنسان، أبرزها تعديلات على قانون العقوبات في أفريل/نيسان 2024.
وقال أمجد يامين، نائب مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا: "شهدت الجزائر تقويضًا مضطردًا لحقوق الإنسان في السنوات الأخيرة من خلال حلّ السلطات للأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة، إلى جانب تصاعد الاعتقالات والمحاكمات التعسفية باستخدام تهم الإرهاب الملفقة. ومن المثير للقلق أن هذا الواقع يظل قاتمًا قبيل انطلاق الانتخابات".
وأضاف: "لقد صعدت السلطات الجزائرية حملتها القمعية ضد الفضاء المدني باعتماد سلسلة من التعديلات المعيبة بشدة على قانون العقوبات، وبإدخال تشريعات جديدة لها تداعيات واسعة على الحقوق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. ويوضح هذا المسار جليًّا أن السلطات ملتزمة باتباع مقاربة عدم التسامح المطلق مع الآراء المعارضة".
وتابع: "يجب على السلطات وضع حد لحملتها القمعية المستمرة، والإفراج فورًا عن المعتقلين لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية، وضمان حماية حقوق الناس في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها في البلاد".
ووفق تقرير "العفو الدولية"، فقد واصلت السلطات، على مدار الشهر الماضي، مضايقة وترهيب نشطاء المعارضة السياسية. ففي 6 آب / أغسطس الماضي، قُبض تعسفيًا على الناشط السياسي ياسين مكيراش، وهو عضو في حزب الحركة الديمقراطية والاجتماعية المجمّد على خلفية منشورات له على منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك. وفي 20 آب / أغسطس، قُبض على ما لا يقل عن 60 ناشطًا سياسيًا، ينتمي معظمهم إلى حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، أثناء محاولتهم إحياء ذكرى المؤتمر الأول لجبهة التحرير الوطني الذي انعقد في أوت/آب 1956 والمعروف باسم (مؤتمر الصومام).
كما واصلت السلطات الجزائرية تقييد مساحة ممارسة نشطاء المجتمع المدني وغيرهم من الأشخاص لحقهم في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها من خلال الاعتقالات والاستجوابات التعسفية. ففي 29 يونيو / حزيران الماضي، فضت الشرطة فعالية لتوقيع كتاب في محل لبيع الكتب في مدينة بجاية، وأمرت بإغلاق المتجر واعتقلت جميع الحاضرين بدعوى المشاركة في تجمع غير مصرح به.
وفي مناسبتين متتاليتين، في 29 شباط / فبراير في 9 مارس/آذار 2024، منعت السلطات أيضًا المنظمة غير الحكومية الجزائرية "أس. أو. أس. مفقودون" من عقد فعاليتين منفصلتين لحقوق الإنسان في مقر المنظمة. وفي كلتا الحالتين، حاصر عدد كبير من رجال الشرطة مكاتب المنظمة ومنعوا الوصول إليها ورفضوا السماح بدخول الأشخاص المقرر حضورهم.
وأكد تقرير العفو الدولية، أن السلطات الجزائرية استمرت باستخدام تهم الإرهاب الملفقة لإسكات المعارضة السلمية، بما في ذلك الدعوات المطالبة بالتغيير السياسي. فاحتجزت ظلمًا الناشط والشاعر محمد تجاديت في الحبس الاحتياطي منذ كانون الثاني / يناير 2024 بتهم من هذا القبيل.
كما أدخلت السلطات الجزائرية تعديلات قانونية متعددة على قانون العقوبات في أفريل/نيسان 2024، بالإضافة إلى مجموعة من التشريعات المتعلقة بالنشاط الإعلامي في أوت/آب وديسمبر/كانون الأول 2023 وتعديلات قانونية متعلقة بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب في فيفري/شباط 2023، في انتكاسة واضحة للحق في حرية التعبير.
وواصلت السلطات قمع الصحفيين من خلال الاحتجاز التعسفي والمحاكمات الجائرة، ووضع قيود تعسفية على حقهم في حرية التنقل، وفرض عقوبات لا أساس لها على وسائل الإعلام.
ويوضح ما تعرض له مؤخرًا الصحفيون مرزوق تواتي ومصطفى بن جامع وفريد عليلات من اعتقالات وقيود على حقهم في حرية التنقل افتقار النشاط الإعلامي المستقل للمساحة، في حين يستمر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني مثل رابح قادري في التعرض للملاحقة القضائية لمجرد نشاطهم على الانترنت، بما في ذلك بسبب تعليقات تُعبر عن معارضة تجديد ولاية الرئيس عبد المجيد تبون لمرة ثانية.
وساهم انتهاك السلطات المستمر للحقوق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها وحرية الإعلام في خلق مناخ من الخوف والرقابة في البلاد.
ووفقًا للجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، يتطلب التمتع الكامل بالحق في إدارة الشؤون العامة التبادل المفتوح للمعلومات والأفكار حول القضايا العامة والسياسية، فضلًا عن احترام الحقوق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.
وتنتهي منتصف ليلة اليوم الثلاثاء بالتوقيت المحلي، حملة دعاية استمرت 3 أسابيع، لتدخل البلاد فترة صمت انتخابي تسبق يوم الاقتراع السبت.
ودون إيضاحات أعلنت الرئاسة في يونيو/ حزيران الماضي أن تبون قرر إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في سبتمبر، بدلا من موعدها المحدد في ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
ولاحقا، قال تبون الذي فاز بفترته الرئاسية الأولى في ديسمبر/ كانون الأول 2019، إن التبكير جاء لـ"أسباب فنية"، دون تقديم تفاصيل.
واختار تبون الذي يترشح مستقلا، شعار "من أجل جزائر منتصرة"، وأعلنت أحزاب جبهة التحرير الوطني (الحاكم سابقا) والتجمع الوطني الديمقراطي (وطني/ قومي) وجبهة المستقل (وطني/ قومي)، وحركة البناء الوطني (إسلامي)، دعمها له.
فيما اختار المترشح حساني "فرصة" شعارا لحملته الدعائية، أما ممثل جبهة القوى الاشتراكية أوشيش فاستقر على عبارة "رؤية للغد".
وهذه هي ثاني انتخابات رئاسية تتم تحت إشراف كلي لسلطة مستقلة للانتخابات بعد استحقاق 2019، بعدما كانت تحت إشراف وزارة الداخلية وصلاحيات أقل للهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات.
ويوجد 24 مليون و351 ألفا و551 ناخبا مسجلا في القوائم الانتخابية، منهم 23 مليون و486 ألف و61 داخل البلاد، وفق سلطة الانتخابات.