أخبار اليوم - لطالما أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أهمية القطاع الصناعي للنسيج (المحيكات) في التشغيل وتعزيز النمو الاقتصادي وزيادة الصادرات، خلال اجتماعه بممثلين عن قطاع المحيكات .
هذا القطاع الذي يلعب دورا محوريا هاما في « رؤي التحديث الاقتصادي 2033 »، حيث تمثل صناعة المحيكات(8.1 ٪) من الناتج المحلي الاجمالي لقطاع الصناعة ، وتشكل (27.5 ٪) من صادراته ، الأمر الذي يجعلها قطاعا فرعيا رئيسا في المملكة .
وتبلغ مساهمة القطاع الصناعي للنسيج (المحيكات) في الناتج المحلي الإجمالي 756 مليون دينار.
وتشكل منتجات المحيكات 20 ٪ من الصادرات الصناعية، إذ تبلغ قيمة صادرات القطاع 4ر1 مليار دينار سنويا، بينما يوظف القطاع 89 ألف عامل، 31 ٪ منهم أردنيون.
وفي متابعة له لهذا القطاع الحيوي الهام ، التقى المهندس إيهاب قادري عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأردن وممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات ، في حوار مفصّل لالقاء الضوء على أهمية هذا القطاع ودوره الفاعل في تحقيق مرتكزات «رؤية التحديث الاقتصادي» وتسليط الضوء على التحديات التي يواجهها القطاع وما هي الحلول لمواجهة تلك التحديات؟ فكان هذا الحوار :
دور القطاع في التشغيل والنمو والصادرات :
* يحظى القطاع الصناعي للنسيج (المحيكات) باهتمام كبير من جلالة الملك عبدالله الثاني حيث أن للقطاع أهمية بالغة ضمن «رؤية التحديث الاقتصادي 2033»؟ ما أهمية القطاع ودوره في : التشغيل + رفع معدلات النمو الاقتصادي + زيادة حجم الصادرات؟
- جاء الاهتمام الملكي من قبل جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه لقطاع الصناعات الجلدية والمحكيات، بمثابة حافزٍ ودفعة لإستكمال العمل ضمن منظورٍ شامل وأوسع وبفكر متفائل ويغدوه الأمل، حيث حرص جلالته وبشكل دائم على الاهتمام بتطوير القطاع ومتابعة انجاز التوجيهات والرؤى على أرض الواقع، وتفاعله الجلي مع مطالب وتحديات القطاع.
وذلك لإيمان القيادة العميق في القطاع وإعتباره أحد أبرز القطاعات الصناعية الواعدة التي يمكن من خلالها تعزيز عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، وفقاً لأهميته الاقتصادية والاجتماعية التي يتمتع بها.
وقد تمثل ذلك من خلال إدراج القطاع على رأس القطاعات الرئيسية ذات الأولوية ضمن رؤية التحديث الاقتصادي 2033، ليشكل ركيزة رئيسية من ركائز الرؤية، والتي راهنت على قدرته في تحقيق العديد من المساهمات البارزة على المستوى الاقتصادي خلال العشرة سنوات القادمة، من خلال مضاعفة أدائه بنحو 3 أضعاف ما هي عليه الآن، ولتقدر له المكانة الأعلى في توفير فرص العمل بإستهدافه توظيف 149 الف فرصة للأردنيين من أصل مليون فرصة عمل إستهدفتها الرؤية، ناهيك عن رفع قيمة الصادرات لقطاع المحيكات 4-3 أضعاف، والنهوض بالقيمة المضافة للقطاع كماً ونوعاً، واستقطاب استثمارات الى القطاع بمقدار 2.2 مليار دينار خلال السنوات العشرة القادمة، ما يعني ويرجح الرهان العالي والتأكيد الواضح والصريح على تميز اداء القطاع وحجم الآمال المعقودة عليه.
اهتمام ملكي بقطاع المحيكات :
* هل لكم أن تسلطوا الضوء على التطور الذي شهده القطاع في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني .. كيف كان القطاع وكيف أصبح الحال عليه الآن؟
- حقق القطاع إنجازات كبيرة ونوعية وبارزة تضاعفت فيه كافة مؤشراته ، ووصلت لمستويات غير مسبوقة جعلت منه قطاعا ذي مساهمات متميزة على صعيد التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، نظير التطور التاريخي الملحوظ الذي شهده في عهد حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه، بإعتباره الداعم الأول للصناعة الأردنية بشكل عام وقطاع الصناعات الجلدية والمحيكات على وجه الخصوص، حيث أن هذا الإهتمام قد أثمر عنه تطور الصناعات في هذا القطاع الحيوي والهام في منظومة الإقتصاد الوطني، مثلما حقق نقلات نوعية في المواصفات والمعايير والجودة .
ونتيجة لذلك الإهتمام وتلك التوجهات، فقد شهدت صناعات الجلدية والمحيكات في عهد جلاله الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، مدى واسع النطاق من الحداثة والتقدم، فبعد أن كانت قيمة الإنتاج الكلي لتلك الصناعات عام 2000 لا تتجاوز حاجز 140 مليون دينار، وصلت اليوم الى أكثر من 1.8 مليار دينار، محققةً ارتفاعاً بما يقارب اثنى عشرة ضعف ما كانت عليه، ليصبح القطاع لاعباً رئيسياً على مستوى الاقتصاد الوطني حيث بلغت مساهمته ما يقارب 2.4 ٪ في الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة تطور القيمة المضافة التي تخلقها عملياته الانتاجية والتي أصبحت تصل اليوم لأكثر من 42 ٪ من حجم الإنتاج الكلي للقطاع وبقيمة تتجاوز حاجز 850 مليون دينار والتي بلغت عام 2000 نحو 42 مليون دينار، لتتفوق على الكثير من القطاعات الاقتصادية بهذا المجال جراء المستوى الرفيع لعملياته الإنتاجية مقارنة مع الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، والتي تعتبر أيضاً الأعلى بين مختلف قطاعات الصناعات التحويلية وفقاً للروابط التي يتمتع بها القطاع مع القطاعات الأخرى.
ليشهد القطاع نقطة تحول حقيقية ونقلة نوعية على إثر جذب استثمارات ليبلغ حوالي 20 مليون دينار عام 2000، وليصل اليوم لأكثر من 780 مليون دينار، وهنا يبرز الحجم الكبير في الاستثمار وكيف حقق ازدهارا كبيرا وملموسا ساهم في رفعة وازدهار هذا القطاع.
في حين أن المبيعات المحلية للقطاع لتصل اليوم لأكثر من 480 مليون دينار مقارنة مع العام عام 2000 والتي بلغت آنذاك نحو 87 مليون دينار، وهذا ما لا يدع مجالاً للشك أن الصناعات المحلية الوطنية تحظى بثقة المستهلك الاردني.
أما على صعيد القدرات التصديرية، فقد حقق القطاع قفزات نوعية في حجم صادراته حيث إستطاعت منتجات القطاع الولوج إلى أكثر من 83 دولة حول العالم، ولتصل إلى أكثر من 1.4 مليار دينار، بعد ان بلغت نحو 87 مليون دينار فقط، وهذا يدلل على حجم الازدهار في هذا القطاع وقدرته على تحقيق المنافسة خارجيا وتحقيق رغبات وأذواق المستهلكين في الخارج.
هذا بالإضافة إلى إستحواذ القطاع على المرتبة الأولى من حيث التشغيل والقدرة على خلق فرص العمل للأردنيين، بتشغيله ما يقارب 89 ألف عامل مقارنة مع ما يقارب 5200 عامل خلال العام 2000، حيث أصبح يشكل الأردنيون والأردنيات منهم ما نسبته 31 ٪، أي ما يقارب 28 ألف عامل، ليتضاعف عدد المنشآت من حوالي 347 منشأة فقط خلال عام 2000، إلى ما يقارب الألف منشأة الأمر الذي ساهم برفع قدرات القطاع الانتاجية والتشغيلية وتوفير آلاف فرص العمل.
تحديات تواجه القطاع :
* ما هي أبرز التحديات التي تواجه القطاع ؟
- يواجه قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات العديد من التحديات التي تعتبر عائقاً يقف في طريق توسعه رغم كافة النتائج التي حققها القطاع خلال الآونة الأخيرة، حيث جاءت أبرزها متعلقة في نقص العمالة المحلية الماهرة في العديد من المهن والمهارات داخل القطاع، إلى جانب إرتفاع كلف الإنتاج وخاصة كلف الطاقة وخاصة في ظل إستمرار ارتفاع أجور الشحن واثمان المواد الأولية عالمياً وندرتها محلياً.
هذا بالإضافة إلى ضعف تطبيق التشريعات والقوانين الهادفة الى حماية الصناعة الوطنية وتعزيز تنافسيتها من تغول المستوردات وخاصة خلال الفترة الأخيرة والتي أظهرت حالة من الإغراق للسوق المحلية بالمستوردات الأجنبية من منتجات الألبسة التي تتمتع بالميزة التنافسية السعرية مقارنة مع المنتج الوطني، والتي أثرت بدورها على المبيعات المحلية للقطاع، على غرار غياب التشجيع للاستغلال الأمثل لإتفاقيات التجارة الحرة العديدة التي ترتبط بها المملكة.
المطلوب لتطوير القطاع :
* كيف يمكن العمل على تطوير القطاع ؟ وما هو المطلوب؟ وما هو المطلوب لتجاوز التحديات؟
- تكمن ضرورة كبيرة للعمل بتشاركية حقيقية بين مختلف الأطراف وكما وجه به جلالة الملك حفظه الله ورعاه، وضمان التطبيق الفعلي لمبادرات رؤية التحديث الاقتصادي بصورة تكاملية مع الأخذ بعين الإعتبار أهمية العمل على فتح الطريق أمام إنشاء الصناعات التكاملية، وتعزيز عمليات التوسع في صناعة المواد الأولية محلياً والتي في حال تم تصنيعها محلياً ستساهم بشكل مباشر في زيادة القيمة المضافة لمنتجات القطاع على غرار صناعات الأقمشة والجلود والازرار وغيرها، وبما يسهم في رفع نسبة القيمة المضافة للقطاع وبما يضمن دفع وتسريع عجلة النمو الاقتصادية، وخفض الوقت اللازم لتسليم البضائع ووصولها الى الأسواق العالمية المختلفة، ما يعزز تواجد المنتج الأردني في الأسواق العالمية، ويرفع من إمكانية استغلال الفرص التصديرية، والاستغناء عن مستوردات الاقمشة والمواد الاولية وبما يعزز الميزان التجاري الأردني.
في حين أن هنالك أهمية كبيرة للعمل على تهيئة البيئة اللازمة لجذب استثمارات نوعية جديدة، وتوفير حزم حوافز استثمارية لها، وإزالة الإجراءات البيروقراطية، هذا بالإضافة إلى ضرورة الإسراع في إيجاد حلول لكلف الانتاج، والترويج والتسويق لمنتجات القطاع وإيجاد طرق مبتكرة للوصول إلى أسواق جديدة، وخصوصاً مع ما تتمتع به منتجات القطاع من جودة وكفاءة عالية قادرة على المنافسة في كافة الأسواق العالمية، ناهيك عن ضرورة تفعيل كافة السياسات المتعلقة بحماية المنتج الوطني من نظيره الأجنبي، وضرورة تعزيز التعليم المهني لرفد قطاع المحيكات بالعمالة المؤهلة، واعتماد مناهج تدريب للعاملين في القطاع الصناعي وبناء قدراتهم بالشكل المطلوب.
التعليم المهني :
** ما هي احتياجات القطاع وتحديداً ما يتعلق بآليات تعزيز التعليم المهني لرفد قطاع المحيكات بالعمالة المؤهلة ؟كيف يمكن اعتماد مناهج تدريب للعاملين في القطاع الصناعي ( المحيكات) وبناء قدراتهم ؟
- على الرغم من إستحواذ القطاع على النسبة الأكبر من تشغيل الأيدي العاملة داخل القطاع الصناعي، إلا أنه ما زال يواجه ضعفاً في إيجاد العمالة المؤهلة والمدربة والعمالة الأردنية، وهنا تكمن أهمية توفير الأيدي العاملة اللازمة لتلبية احتياجات القطاع من المهارات والقدرات المختلفة وزيادة كفاءة المنتجات لضمان تحقيق الاستجابة لديناميكية التغير المستمر في سوق العمل، وتوفير فرص عمل جديدة للأردنيين وخفض معدلات البطالة.
ويأتي ذلك من خلال التعاون مع هيئة تنمية وتطوير المهارات المهنية والتقنية من خلال مجلس مهارات قطاع المحيكات والصناعات الجلدية، لاعتماد معايير مهنية لقطاع المحيكات، واقرار مناهج خاصة بها تواكب متطلبات سوق العمل من المهارات والكفاءات المختلفة، والبدء بالتدريب عليها في مختلف المراكز المهنية، ودراسة مستقبل متطلبات سوق العمل في صناعة المحيكات للعمل على تطوير معايير مهنية تتوافق والتغيرات السريعة في ديناميكية العمل وطرق الإنتاج، والإشراف على مخرجات جميع المبادرات الحكومية المعنية بتنمية المهارات، وإعداد و إدارة برامج للتدريب المهني كأحد المساقات الاختيارية في المدارس والجامعات، بالإضافة إلى إستحداث مركز تميز لقطاع الالبسة، ودعم فكر وصناعة تصميم الالبسة.
المرأة في قطاع المحيكات :
** رغم أن نسبة تشغيل المرأة في القطاع جيدة قياسا بباقي القطاعات الصناعية ، الاّ أن هناك معوقات تحول دون زيادة تشغيل المرأة في القطاع وفي مقدمتها « صعوبة المواصلات « .. وغيرها، كيف يمكن تجاوز مثل هذه المعوقات ؟
- يعتبر قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات أكبر القطاعات الصناعية تشغيلاً للعمالة من الإناث والتي تصل لأكثر 67.2 ٪ من إجمالي عمالة القطاع، حيث أن القطاع لديه أكثر من 29 فرع انتاجي موزع على كافة مناطق المملكة النائية، والتي توظف أكثر من 10 آلاف عامل وعاملة، وذلك وفقاً للعديد من المزايا التي يتمتع بها القطاع وطبيعة العمل فيه، الا ان المرأة العاملة تواجه تحديات عدة تحول دون زيادة مشاركتها وخاصة في القطاع الصناعي الذي بطبيعته يتواجد في مناطق خارج مراكز تجمعات المدن.
ويعزى ذلك بشكل رئيسي لعدم توافر وسائل نقل لائقة ومستدامة للسيدات العاملات مما يعيق انخراطهن في القطاع الصناعي ومساهمتهن الفاعلة في الإنتاج،وخاصة في المنشآت الصناعية، علماً بأن غالبيتها هي من المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي تتحمل النساء اجور نقل تتجاوز اكثر من ربع الرواتب والتعويضات الممنوحة لهن، وذلك على الرغم من أن بعض المصانع قد عملت على تطوير منظومة نقل ذاتية.
لذا فإن الخطوة الرئيسية لتجاوز ذلك التحدي هو من خلال توفير وسائل نقل آمنة كما تم ذكره في رؤية التحديث الاقتصادي،بمنهجية تراعي النوع الاجتماعي للعاملات تعمل على نقل النساء من المناطق الصناعية في طريق الذهاب والعودة،بما يعود لذلك بفائدة كبيرة لتسهيل تنقلهن وتحسين اوضاعهن وضمان ديمومة انخراطهن بالعمل في هذا القطاع اضافة الى زيادة نسبة مشاركتهن في قطاع العمل المنظم والمساهمة بشكل اكبر في زيادة مشاركة المرأة في القطاع الصناعي، وبما يحقق التوازن في فرص العمل بين الجنسين.
الدستور