هل تجرى محاكمة علنية للمتهم الأول بسرقة القرن في العراق؟

mainThumb
هل تجرى محاكمة علنية للمتهم الأول بسرقة القرن في العراق؟

21-08-2024 02:00 PM

printIcon

أخبار اليوم - من المقرر أن يحضر المتهم الأول بسرقة الأمانات الضريبية في العراق -أو ما تعرف إعلاميا بـ"سرقة القرن"- نور زهير إلى المحكمة الجنائية المركزية في بغداد لمحاكمته في الـ27 من الشهر الحالي.

وبعد أن ظهر المتهم في مقابلة تلفزيونية وهو يدافع عن نفسه ويطالب بأن تكون محاكمته علنية، اعتبرت هيئة الاتصالات والإعلام أن تصرفه مخالف للوائح الإعلامية، إذ لا يمكن لمتهم بقضية كبرى الظهور في الإعلام والحديث قبل محاكمته.

وفي ما يلي إجابات لكل الأسئلة التي تخص هذه القضية وتوضح ما يتعلق بها.

ما سرقة القرن؟
هي سرقة لمبلغ 2.5 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 1310 دينارا عراقيا تقريبا) من أموال الأمانات الضريبية، التابعة لشركات أجنبية، ومودعة في المصارف الحكومية العراقية، اشترك فيها عدة أشخاص من رجال أعمال وشخصيات نافذة من خلال الاحتيال والتزوير.

وبينما هرب غالبيتهم وألقي القبض على بعض منهم، تم استرداد جزء قليل من المبالغ المسرقة، وتم الكشف عن السرقة من قبل عدة جهات معنية قبل نحو شهرين من انتهاء عمل الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، وكان على رأس المتورطين أو المتهمين رجل الأعمال العراقي نور زهير.

من رجل الأعمال نور زهير؟
يعد الشخصية الأشهر في العراق في الوقت الراهن والأكثر إثارة للجدل، وهو المتهم الأول بسرقة الأمانات الضريبية، وظهر مؤخرا في مقابلة تلفزيونية يدافع عن نفسه ويتحدث عن مظلوميته، مؤكدا أنه سيحضر محاكمته المقررة الثلاثاء القادم، لكنه طالب بأن تكون علنية.

بلباس أسود وفي ساعده ساعة باهظة الثمن، أُجريت المقابلة لزهير في مكان إقامة فخم، وظهر من خلفه نخيل ومبنى شاهق يتضح أنه خارج البلاد، لم يعرف على وجه التحديد موقعه.

لكن النائب عن محافظة البصرة مصطفى سند أكد، في تصريحات صحفية، أن زهير مقيم في الإمارات العربية المتحدة، وأنه في حال عدم حضوره للمحكمة مجددا فسوف تلجأ الحكومة العراقية إلى استرداده عبر الشرطة الدولية (إنتربول).

ما أهم ما ذكره في المقابلة؟
خلال المقابلة التي أجرتها معه قناة "الشرقية" العراقية ضمن برنامج "المواجهة"، قال زهير إنه "مظلوم"، وإن الإعلام هو الذي ضخّم القضية، وإن ما قام به ليس سرقة، وإنما "شراء شيكات من وسطاء لشركات أجنبية" بهدف الحصول على عمولة لشركته "القانت للصرافة" التي يملكها والواقعة في حي الكرادة وسط بغداد.

وأعرب زهير عن أمله بأن لا يتأثر القضاء في ما يذكر في الإعلام وأن لا يخضع للضغوط السياسية، مبينا أنه في حال محاكمته فسيكشف كل الأسماء المتورطة في القضية، خاصة إذا كانت المحاكمة علنية.

كما بيّن أنه من عائلة ميسورة تعمل في التجارة في محافظة البصرة جنوبي العراق، وأنه الابن الوحيد لأهله، وقد ولد عام 1980، وهو متزوج وله أربعة أبناء أكبرهم ابنته فاطمة، وأنه لم يكمل دراسته في كلية الزراعة بجامعة البصرة بسبب الانصراف إلى العمل والسفر، ولفت إلى أنه سبق له التعاقد مع وزارة التجارة لتوفير حصص البطاقة التموينية وخاصة مادة الزيت بين عامي 2006 و2010.

ونفى زهير معرفته بغالبية المتهمين الذين وردت أسماؤهم في قضية سرقة الأمانات الضريبية، التي وصلت إلى نحو 8 مليارات دولار، في حين بلغ عدد المتهمين في القضية أكثر من 30 متهما، بحسب رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون في حينها.

أين وصلت محاكمته؟
وأجلت محكمة الجنايات المركزية في بغداد محاكمة زهير إلى 27 أغسطس/آب الجاري بعدما كانت مقررة في الـ14 من الشهر ذاته بسبب عدم حضور المتهم إلى المحكمة، مما أثار صدمة لدى الشارع العراقي، خاصة وأن عدم حضور المحاكمة يعد مخالفة قانونية واضحة.

واتخذ قرار إخلاء سبيل نور زهير في ظروف غير واضحة، لكن الهدف كان دفعه لبيع عقاراته وإعادة الأموال المسروقة، ضمن اتفاق أبرم مع الحكومة العراقية بعد نحو شهر من توقيفه في بغداد.

هل يمكن أن تكون المحاكمة علنية؟
أكد مصدر رفيع في هيئة النزاهة للجزيرة نت -طلب عدم ذكر اسمه- أن المحكمة المختصة هي من تقرر أن تكون المحاكمة علنية أم لا، وفقا للمعطيات وظروف القضية، دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل.

وعن الآليات المتبعة في القضاء بخصوص علنية المحاكمات، يقول الباحث والكاتب في الشؤون القانونية والقضائية القاضي السابق سالم روضان الموسوي إن الأصل في المحاكمة أن تكون علنية، وهي واحدة من مبادئ المحاكمة العادلة، ويقصد بذلك أن تكون متاحة للجمهور ليحضرها من يشاء، إلا إذا قررت المحكمة أن تكون المحاكمة سرية لظروف أمنية أو ظروف تتعلق بحياة الأفراد الخاصة.

وأشار الموسوي إلى أن السرية فيها تخص الجمهور وليس ذوي العلاقة كالمحامين، وفقا للمادة 152 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971، كما بيّن -في حديثه للجزيرة نت- أن نقل المحاكمة عبر وسائل الإعلام يحتاج إلى موافقة من السلطة القضائية، فهي التي تقرر ذلك.

وتنص المادة 152 على وجوب أن تكون جلسات المحاكمة علنية، ما لم تقرر المحكمة أن تكون كلها أو بعضها سرية، ولا يحضرها غير ذوي العلاقة بالدعوى مراعاة للأمن أو المحافظة على الآداب، ولها أن تمنع من حضورها فئات معينة من الناس.

وفي السياق، طالب عضو هيئة النزاهة في مجلس النواب باسم خشان بأن تكون محاكمة من وصفه بـ"المتهم الهارب" نور زهير علنية، مؤكدا على أهمية نقل المحاكمة عبر قناة "العراقية الفضائية الرسمية" نقلا مباشرا، ومشيرا إلى أن كل العراقيين طرف في هذه القضية.

وقال خشان للجزيرة نت إنه "من الطبيعي أن يظهر المتهم نور زهير في الإعلام مدافعا عن نفسه وعن أفعاله، لذلك لا بد من أن تكون المحاكمة علنية كونه المتهم الرئيسي بسرقة الأمانات الضريبية، من مثل محاكمة رئيس النظام الأسبق صدام حسين".

ما المتوقع من المحكمة؟
في المقابل، كان القاضي حيدر حنون قد أعرب في وقت سابق عن أمله في صدور "حكم غليظ ورادع" بحق نور زهير، مشددا على أنه لن يفلت من العقاب لتورطه بقضايا فساد أخرى، ومبينا أن محكمة التحقيق أحالت القضية الأولى التي تخصه إلى القضاء، وهناك متهمون آخرون بعضهم تمت كفالتهم.

ووجّه رئيس المحكمة القاضي خالد صدام كتابا رسميا إلى هيئة النزاهة-دائرة التحقيقات، حدد فيه يوم 27 من الشهر الحالي موعدا لمحاكمة المتهم المكفل "نور زهير جاسم" وفق أحكام المادة 331 من قانون العقوبات العراقي، وطلب القاضي من الهيئة تبليغ المتهم باليوم المحدد للمحاكمة وإرسال التبليغ إلى المحكمة قبل الموعد المتفق عليه.

وتنص المادة 331 على أنه "يعاقب بالحبس وبالغرامة، أو إحدى هاتين العقوبتين، كل موظف أو مكلف بخدمة عامة ارتكب عمدا ما يخالف واجبات وظيفته، أو امتنع عن أداء عمل من أعمالها، بقصد الإضرار بمصلحة أحد الأفراد، أو بقصد منفعة شخص على حساب آخر، أو على حساب الدولة".

هل يعد ظهور المتهم في التلفزيون مخالفة إعلامية؟
وحول استضافة زهير في محطة فضائية وهو لا يزال متهما في قضية كبرى وقبل إجراء محاكمته، بيّنت هيئة الإعلام والاتصالات أن المقابلة التي أجرتها قناة تلفزيونية معه تدخل ضمن المخالفات الخاصة باللوائح الإعلامية.

وأوضح عضو مجلس المفوضين في الهيئة هشام الركابي للجزيرة نت أن القضاء العراقي لم يصدر حتى الآن قرارا أو حكما في قضية نور زهير، لذلك فإن استضافته تعد تجاوزا للوائح التي أقرتها الهيئة في هذا الشأن، مشيرا إلى ضرورة تحري وسائل الإعلام المصداقية والحيادية في تناول الأحداث.