أخبار اليوم - بمجرد إعلان حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اختيار يحيى السنوار خلفا لرئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية الذي اغتيل في العاصمة الإيرانية طهران الأربعاء الماضي، سارع إعلام إسرائيلي للحديث عن هذا الاختيار وأبعاده. وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن تعيين السنوار مفاجئ ورسالة لإسرائيل بأنه حي وأن قيادة حماس بغزة قوية وقائمة وستبقى.
من جانبه قال محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" آفي يسخاروف إن حركة حماس اختارت "أخطر شخص لقيادتها"، لا سيما أن إسرائيل تعتبر السنوار مهندس عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التي كبدتها خسائر بشرية وعسكرية وهزت صورة أجهزتها الاستخباراتية والأمنية أمام العالم.
من جانبها قالت صحيفة "معاريف" إن اختيار السنوار يُمثل ما وصفتها بمناورة من جانب حماس.
أما قناة "كان" الرسمية الإسرائيلية فقالت إن اختيار السنوار يُظهر أن حماس في غزة لا تزال قوية.
لكن وزير خارجية إسرائيل يسرائيل كاتس قال إن تعيين السنوار زعيما لحماس "سبب آخر للقضاء عليه ومحو ذاكرة هذه المنظمة من على وجه الأرض".
ووصف المحلل الإسرائيلي يوني بن مناحم اختيار السنوار بأنه يُعد انتصارا لإيران على حد تعبيره.
وفي المؤسسة العسكرية الإسرائيلية قال الناطق باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري إن مكان السنوار بجانب القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، في إشارة إلى مزاعم إعلان الجيش الإسرائيلي اغتيال الضيف في خان يونس قبل أكثر من أسبوعين.
من ناحيتهم قال أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة في بيان لهم إن على إسرائيل أن تبلغ العالم بوقف التفاوض مع حماس إلى أن تعلن الحركة موافقتها على إطلاق سراح جميع المحتجزين دفعة واحدة.
واعتبر بيان أهالي الأسرى أن حقيقة أن السنوار لا يزال على قيد الحياة هي مشكلة بحد ذاتها على حد تعبيرهم. وأعلن البيان دعم أهالي الأسرى مواصلة عمليات الجيش الإسرائيلي لاغتيال قيادات حماس.
حياة السجن
اعتقل السنوار لأول مرة عام 1982 بسبب نشاطه الطلابي وكان عمره حينها 20 عاما، ووضع رهن الاعتقال الإداري 4 أشهر وأعيد اعتقاله بعد أسبوع من إطلاق سراحه وبقي في السجن 6 أشهر من دون محاكمة. في عام 1985، اعتقل مجددا وحكم عليه بـ8 أشهر.
يوم 20 يناير/كانون الثاني 1988، اعتقل مرة أخرى وحوكم بتهم تتعلق بقيادة عملية اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين، وقتل 4 فلسطينيين يشتبه في تعاونهم مع إسرائيل، وصدرت في حقه 4 مؤبدات (مدتها 426 عاما).
وخلال فترة اعتقاله، تولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في السجون لدورتين تنظيميتين، وساهم في إدارة المواجهة مع مصلحة السجون خلال سلسلة من الإضرابات عن الطعام، بما في ذلك إضرابات أعوام 1992 و1996 و2000 و2004.
تنقل بين عدة سجون، منها المجدل وهداريم والسبع ونفحة، وقضى 4 سنوات في العزل الانفرادي، عانى خلالها آلاما في معدته، وأصبح يتقيأ دما وهو في العزل، إلى جانب محاولته الهروب من سجنه مرتين، الأولى حين كان معتقلا في سجن المجدل بعسقلان، والثانية وهو في سجن الرملة، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.
ففي سجن المجدل، تمكن من حفر ثقب في جدار زنزانته بواسطة سلك ومنشار حديدي صغير، وعندما لم يتبق سوى القشرة الخارجية للجدار انهارت وكشفت محاولته، فعوقب بالسجن في العزل الانفرادي، وفي المحاولة الثانية في سجن الرملة استطاع أن يقص القضبان الحديدية من الشباك، ويجهز حبلا طويلا، لكنه كُشف في اللحظة الأخيرة.
تعرض لمشاكل صحية خلال فترة اعتقاله، إذ عانى صداعا دائما وارتفاعا حادا في درجة الحرارة، وبعد ضغط كبير من الأسرى أجريت له فحوصات طبية أظهرت وجود نقطة دم متجمدة في دماغه، وأجريت له عملية جراحية على الدماغ استغرقت 7 ساعات.
حرم خلال فترة سجنه من الزيارات العائلية، وصرح شقيقه غداة الإفراج عنه أن الاحتلال منعه من زيارة يحيى 18 عاما، كما أن والده زاره مرتين فقط خلال 13 عاما.
عسكري وسياسي
أطلق سراح يحيى السنوار عام 2011، وكان واحدا من بين أكثر من ألف أسير حرروا مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط ضمن ما سميت صفقة "وفاء الأحرار".
وتمت الصفقة بعد أكثر من 5 سنوات قضاها شاليط في الأسر بغزة، ولم تنجح إسرائيل خلال عدوانها الذي شنته على القطاع نهاية 2008 في تخليصه من الأسر.
بعد الخروج من السجن انتخب السنوار عضوا في المكتب السياسي لحركة حماس خلال الانتخابات الداخلية للحركة سنة 2012، كما تولى مسؤولية الجناح العسكري كتائب عز الدين القسام، وشغل مهمة التنسيق بين المكتب السياسي للحركة وقيادة الكتائب.
كان له دور كبير في التنسيق بين الجانبين السياسي والعسكري في الحركة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014.
وأجرى السنوار بعد انتهاء هذا العدوان تحقيقات وعمليات تقييم شاملة لأداء القيادات الميدانية، وهو ما نتج عنه إقالة قيادات بارزة.
عام 2015 عينته حركة حماس مسؤولا عن ملف الأسرى الإسرائيليين لديها، وكلفته بقيادة المفاوضات بشأنهم مع الاحتلال الإسرائيلي، وفي السنة نفسها صنفته الولايات المتحدة الأميركية في قائمة "الإرهابيين الدوليين"، كما وضعته إسرائيل على لائحة المطلوبين للتصفية في قطاع غزة.
انتخب يوم 13 فبراير/شباط 2017 رئيسا للمكتب السياسي للحركة في قطاع غزة خلفا لإسماعيل هنية.