رحيل الغرايبة
مجلس النواب ووجه الاردن القادم..ما يعرفه المراقبون السياسيون تماما أن القضية الفلسطينية أصبحت البند الأول على جدول أعمال المتحكمين في رسم معالم المشهد الدولي والإقليمي..ومن النقاط المهمة المتفرعة تحت هذا البند دور "الاردن" في الحل ..
الديمقراطيون والجمهوريون في الولايات المتحدة .. والعلمانيون والمتدينون في الكيان المحتل .. ومعهم الكثيرون في الشرق والغرب يرون أن الحل أو الجزء الأكبر والأسهل من الحل على حساب الاردن .. وأعتقد أن هذه الرؤية ليست سرا ولا أمرا جديدا .. لكن الجديد في المسألة يتمثل في شيئين :
*الأول : أن هناك أطرافا عربية دخلت في الطبخة وهي متوافقة ومتواطئة مع الرؤية الصهيو.نية ،وتحاول زيادة نفوذها عندنا بكل الوجوه المعروفة وغير المعروفة ..
*الثاني : أن ترامب أصبح قريبا من الفوز ، وترامب هو صاحب مشروع الصفقة ،وهذا يعني أن الأحداث الساخنة التي تجري في غزة ربما تسرع في الحل لدى الإدارة الجديدة ووضع قدر الصفقة على النار ، ومشكلة ترامب أنه ماعنده حوار ورأي ..فيه عنده أوامر يجب أن تنفذ .. ومن المعلوم أن الأطراف العربية المعنية قد وافقت سلفا على جوهر الصفقة ..
المهم أننا أمام جملة من الاستحقاقات لا يدركها كثير من المنخرطين في العمل السياسي ، وأغلب القلة التي تدرك هذا الأمر لا تملك تصورا لحل هذه المعضلة ، وأكاد أجزم أن كثيرا من الذين يودون خوض معركة الانتخابات البرلمانية المحلية ، والأغلبية الساحقة من المرشحين على القوائم المحلية والوطنية لم ينخرطوا في حوارات الحل النهائي الذي يراد فرضه علينا وعلى المنطقة ...
وهناك توقع أن عدم وضوح تصور الحل وعدم القدرة على تحقيق التوافق على صورة اليوم الأول من توقف الحرب في غزة حتى هذه اللحظة هو أحد أهم أسباب بقاء الحرب مشتعلة .. بمعنى أن الحرب تتوقف عندما تتوافق الأطراف على صورة الحل النهائي ، ولذلك يسارع النتن في امتلاك أكثر الأوراق التي تمكنه من فرض رؤيته للحل قبل التوقيع على الصفقة ووقف الحرب ..
نحن في الأردن على المستويين الرسمي والشعبي لم ننضج تصوراتنا إزاء الحل القادم الذي يراد فرضه علينا ... وما زال هناك تهرب ملحوظ من ملامسة هذه القضية وفتح الحوار المسؤول فيها .. ولم نصل بعد إلى مستوى القوة والجرأة والعمق والصراحة الكافية لإنضاج تصورنا المكتمل وصياغة الموقف الوطني الموحد والصلب، القائم على الثوابت السياسية والعروبية والوطنية ، بما يجعلنا قادرين على حماية أوطاننا ومستقبل أجيالنا .. ومن هنا يجب أن يكون الهاجس الأول لدى العقل الأردني فيما يتعلق بالمجلس القادم المتمثل بالسؤال : كيف نعمل ونتعاون جميعا على إخراج مجلس نيابي سياسي قوي ؟ بشرعيته وصدق تمثيله أولا ، وقادر على فهم المرحلة السياسية في هذه الظروف بالغة الدقة والحرج ثانيا ، وقادر على التعامل معها بذكاء وحكمة وصلابة وبعد نظر ثالثا .. قبل أي إعتبار آخر ..