أكد رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد مهند حجازي أن “الأردن من أقل الدول عربيًا التي ينتشر فيها الفساد، وفق تقارير المنظمات الدولية، ويحتل المركز الرابع عربيًا في مكافحة الفساد، والستين (60) دوليًا بالإضافة إلى كونه يتصدر قائمة الدول المحاربة للرشوة في العالم العربي”،.
حجازي قال في تصريح صحفي إن الأردن وصل إلى مراحل متقدمة بمكافحة الفساد، على المستويين العربي والعالمي، نظرًا للإجراءات التي قام بها خلال السنوات الماضية على المستويين الوقائي والتشريعي وإنفاذ القانون وبناء القدرات المؤسسية.
ولم يُخفِ حجازي أن الفساد الإداري، هو الفساد الأكثر شيوعًا في الأردن، عازيًا ذلك إلى الترهل الإداري، والذي يقود بدوره إلى الفساد المالي، بالإضافة إلى غياب قواعد الشفافية في تعيين الموظفين، وعدم تأهيلهم إداريًا، وتدعيمهم بأخلاقيات وقيم الوظيفة العامة والحفاظ على المال العام.
وأكد رئيس هيئة النزاهة، أن المؤسسات الخدمية التي لها تعامل مباشر مع المواطن، هي الأكثر عرضة لانتشار الفساد فيها، مشددًا بالوقت ذاته على أهمية أتمتة الخدمات الحكومية لأنها تُسهم في تخفيض التعامل المباشر بين المواطن والموظف، وبالتالي تحد بشكل كبير من شبهات الفساد.
وتسعى الهيئة إلى ترسيخ منظومة النزاهة الوطنية وإنفاذ القانون والوقاية من الفساد والحد من آثاره على المستوى الوطني وفق الممارسات العالمية الفضلى بما يؤسس لبيئة وطنية مناهضة للفساد.
** حماية المُبلغين عن شبهات الفساد
وفي السياق، قال حجازي، إن هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وفي إطار مهامها التوعوية، للتعريف بالفساد، ومخاطره وآثاره على الأمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، أطلقت أكثر من حملة توعوية لمحاربة الواسطة والمحسوبية، ومحاربة الرشوة، بالإضافة إلى الحملة الأخيرة التي أطلقت وهي “بلغ وهيئة النزاهة بتحميك”.
وأشار إلى أن هذه الحملة، تهدف إلى تشجيع المواطنين للإبلاغ عن أي شبهة فساد، وللتأكيد على أن كافة شرائح المجتمع هي شريك أساس في محاربة الفساد والفاسدين.
وبيّن أن بعض المواطنين يترددون في التقدم للهيئة بأي معلومات أو بلاغات حول شبهات الفساد لاعتبارات عدة، ولذلك أطلقت الهيئة هذه الحملة، لبيان الوضع القانوني للمبلغين، بتأكيدها على حماية “الشاهد والمبلغ والمخبر والخبير” عن أي شبهات فساد، وفقًا لقانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، ونظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين والخبراء.
ولفت إلى أن الهيئة تتعامل مع بلاغات شبهات الفساد بمنتهى السرية، دون التعريف بهوية الشخص المتقدم بالبلاغ في حال رغب بإخفاء هويته، ويُعطى لهذه الغاية رمزًا خلال التعامل مع القضية، مبيّنًا أن الحماية تشمل الموظفين المتقدمين بالمعلومات (حماية وظيفية) وهي حماية من أي إجراءات إدارية تعسفية أو كيدية قد تتخذ بحقه لاحقًا بعد التبليغ عن شبهات الفساد، وهذا القرار يتخذ عبر مجلس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد.
وأكد حجازي، أن النوع الآخر من الحماية للمبلغين عن شبهات الفساد، هو الحماية الجسدية، مبيّنًا أن الهيئة وبالشراكة مع مديرية الأمن العام، توفر للمُبلغ الحماية الجسدية له ولأقاربه من الدرجة الرابعة، والأشخاص المحيطين به، إذا تطلّب الأمر ذلك، بالإضافة إلى إمكانية نقله من منزله أو حتى تغيير هويته، أو أية تدابير أخرى تقتضيها الضرورة.
وأشار إلى أن الشخص المبلغ عن شبهات الفساد، يُخيّر بين الإفصاح عن اسمه الصريح، أو إخفائه.
وبين أن الهيئة بعد استقبالها للمعلومة، تبدأ بتقييمها، ثم التواصل مع المبلغ، يليها مباشرة البدء بالتحريات حول المعلومات المقدمة بشأن شبهات الفساد.
وشدّد حجازي على أن الهيئة تستقصي المعلومات من كافة المصادر المتاحة، سواء المعلومات التي تردها من خلال قسم الرصد والتحري لديها، أو ما يرد عبر وسائل الإعلام، أو الشكاوى الواردة للهيئة، أو من خلال قنواتها على وسائل التواصل الاجتماعي والخط الساخن والتطبيق الخاص بالهيئة على جهاز (الموبايل) أو عبر رقم (الواتس أب) و (الماسنجر) و (الانستغرام)، وكذلك موقع الهيئة الرسمي.
** البلاغات الكيدية
ولفت إلى أنه في حال ورد للهيئة معلومات وبلاغات كيدية حول وجود شبهات فساد بحق بعض الأشخاص أو المؤسسات يتم التأكد من حيثياتها، وفي حال ثبوت كيدية الشكوى يتم إحالة صاحبها إلى القضاء.
وأضاف إن الهيئة و في معرض إجراءاتها للتأكد من صحة الشكوى فإنها تميّز ما بين الشكوى الكيدية وتلك التي تقدم بحسن نية حتى لو لم تكشف شبهة فساد.
وأوضح أن الهيئة لديها ضباط امتثال بالوزارات والمؤسسات الحكومية، حيث يعمل هؤلاء الضباط على نشر معايير النزاهة الوطنية المتمثلة بسيادة القانون والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والمساءلة والمحاسبة والشفافية والحوكمة الرشيدة.
وقال حجازي، إن قضايا الفساد انخفضت بشكل لافت خلال السنوات الثلاثة الماضية في بعض المؤسسات بنحو يتراوح من 2% إلى 45% في بعض الإدارات، مضيفًا أن ذلك يعود إلى إجراءات اتخذتها الهيئة منها معالجة الثغرات التشريعية والتقنية في الأنظمة الإلكترونية، وسدّ الثغرات التي يمكن استغلالها لارتكاب أفعال الفساد بالإضافة إلى الإجراءات الوقائية التي كانت تقوم بها بإحباط الكثير من عمليات الفساد قبل وقوعها وكذلك تفعيل مبدأ سيادة القانون بإحالة مرتكبي أفعال الفساد إلى القضاء بغض النظر عن مكانتهم الوظيفية أو الاجتماعية وصدور أحكام رادعة بحقهم.
** الأردن من أقل الدول التي ينتشر فيها الفساد
وفي هذا السياق، قال حجازي إن الفساد جريمة منتشرة في المجتمعات الفقيرة والغنية، والدول الديموقراطية وغير الديموقراطية، والدول المتخلفة والدول المتقدمة، ولكن تختلف نسبها من دولة لأخرى.
وأكد أن الأردن من أقل الدول التي ينتشر فيها الفساد عربيًا، وفق ما أكدته تقارير منظمة الشفافية الدولية التي تقيم الدول سنويًا، مشيرًا إلى أن الأردن يحتل المركز الرابع عربيًا في مكافحة الفساد والستين دوليًا.
وكشف أن الأردن احتل المرتبة الأولى عربيًا بمحاربة الرشو، وفق تقرير دولية (صدر مؤخرًا).
** الفساد الإداري
وأشار حجازي إلى أن الفساد الإداري، هو الأكثر شيوعًا في الأردن، ويعود ذلك إلى أسباب عدة منها؛ الترهل الإداري وغياب قواعد الشفافية في تعيين الموظفين، وغياب المساءلة والمحاسبة للموظفين الذين يتقاعسون في أداء مهامهم الوظيفية والابتعاد عن قيم وأخلاقيات الوظيفة العامة.
وبيّن أن تعطيل معاملات المواطنين من قبل بعض الموظفين، يقود إلى الفساد، عبر دفع الرشوة من أجل إتمام المعاملات في تلك المؤسسة.
واعتبر حجازي، أنه ليس بالضرورة أن تكون نسبة دخول “رواتب” الموظفين سببًا في انتشار الفساد، كاشفًا عن موظف راتبه 500 دينار، كشف عن قضية فساد بملايين الدنانير.
وأوضح حجازي، أن المؤسسات التي تتعامل بالمال العام والمشتريات وخدمة الجمهو، هي الأكثر عرضة لانتشار الفساد فيها، مؤكدًا أهمية أتمتة الخدمات الحكومية وتخفيض الاحتكاك المباشر بين المواطن والموظف وعلى أهمية اتباع سياسة التدوير الوظيفي للموظفين الذين يعملون في هذه القطاعات.
وأكد أن ديوان المحاسبة، هو الشريك الأقرب لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، في التعامل مع قضايا الفساد بالقطاع العام.