الاغتيالات تعتبر جزءاً من استراتيجيات الحرب غير التقليدية أو حرب العصابات، والتي تهدف إلى استهداف القادة أو الشخصيات المهمة لدى المقاومة لتعطيل قيادته وإضعاف معنوياته. تختلف هذه العمليات عن العمليات العسكرية التقليدية، وتتم عادة بطرق سرية ودقيقة.
تنفذ هذه الاستراتيجية بتحديد القادة أو الشخصيات المهمة لدى المقاومة الذين يمكن لاغتيالهم أن يؤثر بشكل كبير على سير العمليات، أو على معنويات المقاومة؛ وبالتالي تحقيق الأهداف المرجوة الكبيرة للقيادة السياسية..
قبل تنفيذ الاغتيال، تُجْمَع معلومات دقيقة عن الهدف، مثل موقعه، تحركاته، والإجراءات الأمنية المحيطة به. يتم هذا عادةً عبر التجسس أو العملاء أو مراقبة الاتصالات.
تتطلب اغتيال هدف مهم تخطيطاً دقيقاً وتنسيقاً عالياً بين الفرق المعنية. يشمل ذلك تحديد الوقت والمكان المناسبين لتنفيذ العملية، وكذلك وسائل الهروب والتخفية أو التغطية بعد التنفيذ.
تُنَفَّذ الاغتيالات بطرق مختلفة، مثل القنص، التفجير، أو استخدام فرق كوماندوز خاصة. يُؤَكَّد السرعة والدقة لتقليل فرص الفشل أو اكتشاف العملية قبل تنفيذها، أما إسرائيل فهي تستخدم إلقاء أكبر كمية قنابل تفجيرية مدمرة إلى مساحات أفقية وعمودية محدثة بذلك تدمير مساحات كبيرة وقتل الأعداد الهائلة من المدنيين الفلسطينيين في تلك النقطة التي ادعت بها معلوماتهم أن قادة المقاومة موجودون بها..
الاغتيالات تُستخدم عادة لتحقيق أهداف محددة، وتكون جزءاً من خطة أكبر لتحقيق النصر في الصراعات غير التقليدية، وهذا ما تسعى له إسرائيل، البحث عن نصر واقعي، وتحقيق هدف مترجم حقيقة على الأرض.
العميد الركن المتقاعد
صالح الشرّاب العبادي
كاتب ومحلل شؤون سياسية عسكرية
الاغتيالات تعتبر جزءاً من استراتيجيات الحرب غير التقليدية أو حرب العصابات، والتي تهدف إلى استهداف القادة أو الشخصيات المهمة لدى المقاومة لتعطيل قيادته وإضعاف معنوياته. تختلف هذه العمليات عن العمليات العسكرية التقليدية، وتتم عادة بطرق سرية ودقيقة.
استراتيجية التمركز والمراقبة والتجسس والإغارة والتدمير والانسحاب..
وهي ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة.. قامت قوات الاحتلال بتركيز قياداتها في حدود غزة الشرقية مع الغلاف، وذلك من أجل أن تكون قريبة من عمليات التزويد والإدامة وسرعة الاستجابة وسرعة الوصول إلى الأهداف وسرعة الإخلاء للخسائر البشرية والمادية وسرعة التبديل والتعزيز للقوات التي أصبحت مستهلكة وغير قادرة على الاستمرار بمسك الأرض داخل القطاع والعجز عن السيطرة الكاملة عليه..
استراتيجية تسكين جبهات الدعم والإسناد لصالح الجهد العسكري الرئيسي في جبهة القتال الرئيسية..
بالرغم من استهلاك الجيش الإسرائيلي ووضع جهده العسكري الرئيسي للقتال في غزة، وما تعانيه هذه الجبهة من خسائر فادحة في الأرواح والعتاد والعدة.. أمام الصمود الأسطوري للمقاومة.. فهو لا تغمض عينه عن مواجهة محدودة وذات مستوى واحد بالرد، وفعل الرد على الجبهات الأخرى.. فجبهة جنوب لبنان تكاد تكون ذات رتم مستمر من بداية الحرب في تبادل عمليات إطلاق الصواريخ والقذائف وحرب الاستخبارات وحرب المسيرات، وهذه الجبهة ذات مستوى واحد من القتال المستمر … بالرغم من تفوق إسرائيل في عملية الاغتيالات المحققة التي أوجعت حزب الله.. فقد قتلت من القادة المهمين في الحزب ما قتلت وعدم قدرة حزب الله إلى الوصول إلى قادة إسرائيل أو حتى مستوى أقل من القادة، أما حزب الله، فقد ركز هجماته على مراكز القيادة والاتصالات والمستودعات العسكرية والأمنية ومناطق قابلة للحرائق، وقد أرسلت طائرات الاستطلاع المسيرة لرصد الأهداف الحيوية والمهمة، وهذا الاستطلاع هو بمثابة عرض قوة وقدرة لا أكثر علماً أن هذا المستوى (مستوى المعلومات والاستخبارات) هو أول مستوى من مستويات الحروب، ومن المفترض أن تكون قاعدة البيانات موجودة بالأساس، وتُغَذَّى حسب التطورات في الميدان..
أما جبهة اليمن، والتي دخلت الحرب في تأثير غير مباشر على إسرائيل سواءً في غلق باب التجارة العالمي أو إرسال المسيرات ذات التأثير الكبير في تغير مجرى الحرب وعدم فعالية وتأثير تلك المسيرات بشكل مباشر.. ومع ذلك فقد ردت إسرائيل فعلاً قوياً ومؤثراً جداً، بل مدمر لأكبر ميناء استراتيجي بحري ومحطات كهرباء ونفط على مسافة ٢٣٠٠ كلم، في عملية إقليمية ذات بعد وعمق استراتيجي ردعي عابر للدول والبحور العربية، مما ينذر باتساع رقعة الصراع وامتداده على هذه الاستراتيجية، فهذه الضربة القوية الكبيرة هي بمثابة إنذار قوي إلى كل من حزب الله لبنان، سوريا المسلحين، المسلحين والميليشيات في العراق، وبالتالي هو إنذار إلى إيران نفسها وجميع أذرعها.. مع توقع تتالي هذه الضربات مستقبلاً فيما إذا اخترقت صواريخ ومسيرات هذه المليشيات والأذرع عمّق إسرائيل.
استراتيجية الخدعة..
تمارس إسرائيل وجيشها أساليب الخداع والخديعة بشكل كبير ومتنوع ومتعدد.. والخدعة هي استراتيجية عسكرية يُخَطَّط لها على أعلى مستوى.. وقد قامت قوات الاحتلال في غزة بأبشع أنواع الخدع والتضليل وهي محرمة دولياً حيث اُسْتُخْدِمَت سيارات الإسعاف وشاحنات ناقلات المساعدات وصفائح المياه وكذلك استخدمت سيارات هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمنظمات الإنسانية.. وكذلك انتحالهم بأنهم أطباء.. وممرضون وقد فشلت معظم محاولات الخدعة أمام استخبارات المقاومة الفلسطينية في غزة وكذاك دفة ملاحظة المقاومين.. وما دخول مستشفى الشفاء وانتحالهم بصفة أطباء وممرضين، والذي اُكْتُشِفُوا بنباهة ودقة ملاحظة حتى الأطباء الفلسطينيين في المستشفى، والذي كان له ردة فعل كبيرة أدت إلى قتل المقتحمين من الجيش الإسرائيلي..
أخيرا.. أقول إن قادة الجيش الإسرائيلي على المستوى المتوسط والمتدني تعلم وتعي أنها أصبحت تقاتل بدون معنى وبدون أهداف، وإنها تقاتل من أجل إخفاقات استخباراتية ومخابراتية لا علاقة لهم بها، وأن وجودهم وقتالهم في غزة أصبح مستمراً مع استمرار المماحكات والخلافات بين القيادات السياسية والعسكرية والأمنية؛ وبالتالي هم يقاتلون من أجل مصالح هذه القيادات ومصالح بقائهم في مناصبهم.. مما أدى إلى الشعور بالإحباط، وسبب في الإخفاقات الكبيرة والعديدة.. مقتنعين أنهم يقاتلون بدون عقيدة..
بعكس المقاومة التي تقاتل بعقيدة قتالية سامية حقيقية هدفها تحرير القطاع وتحرير الوطن، وتحرير الشعب، وتحرير الإنسان، ورفع وإزالة الظلم.. ونفض الخنوع والاستكانة.. وعدم القبول بالاستسلام بالواقع الذي كاد أن يكون قبولاً أبدا يعطي طابع القبول الضمني على ما يحدث.. ولكن ها هو السابع من أكتوبر يقلب الوضع الذي كان قائماً رأسا على عقب.. حيث صفحة جديدة من صفحات الصراع العربي الإسرائيلي.