د . نعيم الملكاوي
العرق التركي يستفيق الى ضرورة لم الشمل في كيان اخلتفت تسمياته في بداية الامر الى ان استقر بهم باطلاق تسمية لا تثير حفيظة الاخرين في المنطقة ، ويشمل العالم التركي ، الذي يغطي مساحة جغرافية كبيرة جداً من كوسوفو والجبل الأسود في الغرب الى منغوليا في الشرق . ويشير هذا المفهوم إلى جميع الدول التركية السبع المستقلة مثل تركيا ، أذربيجان ، كازاخستان ، تركمانستان ، أوزبكستان وقيرغيزستان وايضاً يشمل المناطق شبه المستقلة مثل جمهورية شمال قبرص التركية ، تركستان الشرقية ، تتارستان ، تشوفاش ، باشكورتوستان ، ساها ياقوتيا ، ألتاي ، كاراتشاي وبلكار بالاضافة الى المناطق التي تعيش فيها الشعوب التركية في جميع أنحاء العالم .
تأسست منظمة الدول التركية في العام 2009 ، وتعرف أيضاً بمجلس " تعاون للدول الناطقة بالتركية" . وُلدت هذه المنظمة من رحم الحاجة إلى تعزيز التعاون الإقليمي والتكامل بين الدول التي تشترك في التراث واللغة التركية ، تلعب هذه المنظمة دوراً مهماً في جغرافيا أوراسيا ، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي الذي يربط بين الشرق والغرب .
وتشمل في عضويتها تركيا، أذربيجان، كازاخستان، قيرغيزستان وأوزبكستان ، في حين تعتبر المجر ، جمهورية شمال قبرص التركية وتركمانستان دولاً ذات صفة مراقب لغاية الان .
- التأثير الجيوسياسي والجغرافي
تغطي منظمة الدول التركية مساحة تتجاوز 12 مليون كم²، تمتد من البلقان في الغرب إلى منغوليا في الشرق . توفر هذه المساحة الشاسعة للمنظمة تأثيراً استراتيجياً في السياسات الإقليمية والعالمية ، خاصة في مجالات الطاقة والتجارة الدولية . يمنحها موقعها الجغرافي الفريد فرصة للعب دور حيوي في مبادرات التكامل الاقتصادي والأمن الإقليمي الذي بدورة يخدم المشروع التركي الطموح .
- الديموغرافيا والتأثير الاقتصادي
يقدر عدد سكان العالم التركي بنحو 300 مليون نسمة ، ما يجعل من المنظمة قوة ديموغرافية واقتصادية مؤثرة . تسهم هذه القاعدة البشرية الضخمة في تعزيز التنمية الاقتصادية وتفتح أبواباً واسعة للتجارة والاستثمارات المتبادلة بين الدول الأعضاء .
- التكامل الثقافي والتعليمي
تُولي المنظمة اهتماماً كبيراً بالتعاون الثقافي والتعليمي ، مما يعزز الهوية التركية المشتركة ويقوي الروابط بين الدول الأعضاء . تشمل المبادرات البارزة توحيد الأبجدية وتطوير مناهج دراسية مشتركة ، الأمر الذي يسهم في تعميق التفاهم المتبادل وتعزيز التقارب الثقافي .
- التحديات والفرص المستقبلية
رغم الإنجازات الكبيرة تواجه المنظمة تحديات عديدة ، تشمل الأزمات الاقتصادية العالمية والتوترات الإقليمية ، وخاصة في ظل تأثيرات جائحة COVID-19 والأزمات الناجمة عن الحرب الروسية / الاوكرانية والتوترات الجيوسياسية في المنطقة . تسلط هذه التحديات الضوء على الحاجة الملحة للتعاون المكثف والمشترك بين الدول الأعضاء لتعزيز الاستقرار والتنمية الإقليمية .
مستقبلاً ، لم تمنع الرؤية الشاملة للتحديات التاريخية والجغرافية التي واجهتها الدول الأعضاء المنظمة من السعي نحو تحقيق أحلام الوحدة . تهدف المنظمة إلى توسيع دائرة نفوذها عبر إشراك دول جديدة وتعميق الروابط بينها ، مما يعزز من مكانتها كلاعب رئيسي في أوراسيا . وبالتركيز المستمر على المشروعات المشتركة والبنية التحتية والتكنولوجيا ، قد تفتح المنظمة آفاقاً جديدة للتنمية المستدامة وتدعم التكامل الاقتصادي والثقافي في المنطقة .
بهذا ، تمثل منظمة الدول التركية نموذجاً للتعاون الإقليمي الناجح ، معززة بروابط ثقافية وتاريخية مشتركة تسهم في تعميق التفاهم والتعاون بين الدول الأعضاء . لا يقتصر هذا التحالف على تعزيز هذه الروابط فحسب ، بل يعمل كذلك على تشكيل كتلة سياسية موحدة قادرة على التأثير في السياسات الإقليمية والدولية ، مما يجعلها قوة مهمة في تحقيق التوازن الجيوسياسي في أوراسيا .
ومن الجدير بالذكر ان رئاسة المنظمة انتقلت من جمهورية أوزبكستان إلى جمهورية كازاخستان خلال قمة القادة التي عقدت في أستانا بنوفمبر 2023 ، حيث مُنح لقب الرئيس الفخري لمنظمة الدول التركية للدورة الحالية 2023/ 2024 لرئيس كازاخستان السابق نور سلطان نزارباييف ، وستتولى كازاخستان رئاسة المنظمة حتى انعقاد قمة قيرغيزستان القادمة في نهاية 2024 .
وقبل اسابيع عقد المنتدى الاقتصادي للدول التركية في العاصمة الاذرية باكو يومي الثاني والثالث من مايو 2024 اجتماعاته التي من خلالها يتم عرض اوجه التعاون والملفات الواجب العمل على انجازها لتعزيز تطلعات دول المنظومة .
مع مرور الوقت ، تثبت منظمة الدول التركية أنها أكثر من مجرد تحالف اقتصادي وسياسي ؛ بل إنها حركة نحو تجديد التراث التركي وتعزيز الهوية المشتركة في مواجهة التحديات العالمية . يعكس ذلك التزام الدول الأعضاء بمستقبل مشترك أكثر إشراقاً وتعاوناً في خدمة المشروع القومي للعرق التركي الذي تتزعمه وتعمل عليه الحكومة التركية الحالية .