دعا خبراء إلى إعادة النظر بقانون منع الجرائم، وتحديدا في الجزء المتعلق بإعطاء صلاحيات مطلقة للحكام الإداريين بتوقيف من يعتقدون أنه يشكل خطرا على المجتمع، مؤكدين أن ذلك يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان ويعطي الحاكم الإداري الحق في الجمع بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية.
وبينوا في جلسة حوارية حول “التوقيف الإداري وضوابطه وفقًا لقانون منع الجرائم”، نفذتها جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان بالتعاون مع مركز العدل للمساعدة القانونية، والنهضة العربية للديمقراطية والتنمية، أن القانون بصيغته الحالية يتعارض مع الدستور الأردني الذي يضم مواد تصون حقوق المواطنين وحرياتهم العامة والشخصية، كما يتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والاجتماعية.
وقال المنسق الحكومي لحقوق الإنسان نذير العواملة إن من الأسباب التي أوجبت تشريع قانون منع الجرائم حماية الأفراد والمجتمع من الجريمة وانتشارها، معتبرًا أن التوقيف الإداري إجراء قانوني يقوم به المتصرف للحفاظ على الأمن المجتمعي، وأن لهذا القانون أهمية كبرى في الحفاظ على الأمن المجتمعي والممتلكات، ويعتبر القانون متوافقا مع جميع التشريعات والنظم والقوانين الدولية.
وأكد العواملة أن التشريعات الدولية كفلت حماية حياة الإنسان وهي الأولوية الأولى والأكثر أهمية لذلك يأتي القانون لحماية الإنسان والممتلكات في ظل الخصوصية التي يتميز بها المجتمع الأردني.
وقال العواملة إن نزع الصلاحيات من الحاكم الإداري قد يكون له أثر سلبي على الأمن المجتمعي خاصة في حالات محددة إذ يكون التوقيف الإداري أداة للحماية وحقن الدماء، وإن القانون والتشريعات كفلت عدالة الإجراء ومن أهم المسائل التي تستدعي وجود التشريع هو قيام الحاكم الإداري عند إجراء التوقيف ب منع الجريمة وهو إجراء احترازي يكفل الحفاظ على الأمن.
عميد كلية الحقوق في جامعة البتراء الدكتور علي الدباس قال إن المحكمة الدستورية أشارت لمسألة وجود سوء في تطبيق القانونفي بعض الأحيان، إضافة إلى عدم التطبيق السليم للقانون.
وفيما يتعلق بالضوابط التي تم وضعها أشار أنها لم تجد نفعاً في الحد من المعضلات التي تواجه القانون، إضافة إلى غياب الوعي القانوني في بعض الأحيان لدى جميع الجهات من حكام إداريين ومحاميين حول القانوني بالتالي من الأهمية بمكان رفع الوعي القانوني لدى الجهات المختصة.
وحول دور الرقابة القضائية في الحد من المعضلات التي تواجه التطبيق أشار الدباس إلى العديد من القرارات التي صدرت عن القضاء بعدم الاختصاص بالتالي عدم شريعة التوقيف لكن بسبب غياب الوعي القانوني لدى الأفراد لا يستطيع العديد منهم الوصول إلى آلية الطعن بقرار الحاكم الإداري.
وحول الرقابة على قواعد الشكل والإجراءات أشار الدباس إلى عدم الالتزام بهذه القواعد من العديد من الحكام الإداريين وهذا ما أثبتته المحكمة الدستورية.
وحول أهمية منح المتهم حقوقه قال الدباس أن العديد من الأشخاص لا يعلمون حقهم في توفير محامي بسبب غياب الوعي لديهم ولا يتم إبلاغهم من قبل الحكام الإداريين بسبب عدم الإلتزام بالقواعد المعمول بها.
وأكد الدباس أنه في بعض القضايا يتم اساءة استعمال السلطة والكيدية وأن العديد من القضايا والاجراءات لا تتخذ لحماية السلم المجتمعي إذ يكون التوقيف في العديد من الأحيان لأفراد لا يشكلون خطراً على النظام العام والأمن المجتمعي.
ودعا الدباس إلى ضرورة رفع وعي الجهات المعنية والتعاون بين المجتمع المدني الجهات الحكومية للوصول إلى أفضل ممارسة فضلى للقانون والوصول إلى قرار إداري يستدعي التوقيف دون التغول على حقوق الأفراد.
وفيما يتعلق بالاجراءات المشددة قال الدباس إنه من الأهمية بمكان أن يكون القرار منسجم مع القانون دون تشدد في الاجراءات خاصة مسألة الكفالات المرتفعة التي يعجز العديد من الأفراد عن تحمل تكاليفها.
مدير مركز المعلومات والبحوث في مؤسسة الملك الحسين الأستاذ الدكتور أيمن هلسا أشار إلى صدور عن المحكمة الدستورية الفلسطينية بتأييد الطعن بعدم دستورية قانون منع الجرائم الفلسطيني، ذلك بعد عشرة أيام من صدور قرار المحكمة الدستورية الأردنية الذي قضى برد الطعن، شاراحا انه “في فلسطين قرار التوقيف الإداري يجب أن يتم بعد الحصول على إذن قضائي، كما يجب عرض التهم على الفرد ولا يجوز الاعتقال إلا بقرار قضائي”.
وكانتالمحكمة الدستورية قد ردت، مؤخرا، طعن قدمته تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان بعدم دستورية قانون منع الجرائم من خلال إحدى القضايا التي رفعتها للدفاع عن عاملة أندونيسية تعرضت لأشكال متعددة من الاستغلال والانتهاك، ثم تم توقيفها إداريا لمدة ثلاث سنوات ونصف استنادا لهذا القانون، إلا أن المحكمة الدستورية خلصت إلى أن قانون منع الجرائم لا يتعارض مع الدستور، وأنه إذا كان هناك خلل في الممارسة أو تطبيق القانون فهذا لا يؤدي إلى اعتبار القانون غير دستوري.
وعلق هلسا على ذلك بقوله: “قرار المحكمة الدستورية الأردنية، برد الطعن بدستورية قانون منع الجرائم، كان بسيطًا وركز على فكرة أنه طالما أن الدستور يقر بحق الحكام الإداريين بالتوقيف الإداري إذن هو صحيح، أما في فلسطين، فلم يحصر قرار المحكمة الدستورية بما ورد في الدستور فقط، بل ربطه بالحق الأساسي المرتبط بحرية الأفراد”.
واكد هلسا ان النصوص والمحتوى القانوني متشابه بين فلسطين والأردن مع تطور ملحوظ للنظام الأساسي الفسطيني فيما يتعلق بالحريات، في حين أن الحقوق والحريات في الدستور الأردني مقيدة، إذ يتم قرار التوقيف في فلسطين عبر قرار قضائي لكن الحالة الأردنية لم تنص على ذلك.
وحول التوقيف الإداري قال هلسا إنه يوجد به مخالفة دستورية لأنه يحيل التوقيف إلى السلطة التنفيذية عوضاً عن السلطة القضائية، إضافة إلى أنه لا يوجد قانون مشابه له في دول الجوار.
بدوره، أكد ممثل وزارة الداخلية الدكتور عبد الكريم أبو دلو على أهمية القانون للحفاظ على الأمن و الاستقرار المجتمعي وأن القانون وضع الضوابط على وحدد الاجراءات والتدابير الاحترازية التي تساهم في الحفاظ على النظام العام.
وشدد أبو دلو على أنه لا يمكن لأي حاكم إداري توقيف أي شخص دون ضوابط قانونية وأن القانون كفل عدالة عبر معايير واضحة لتطبيق القانون غير فضافضة ولا تخضع لمزاجية الحاكم الإداري، إذ ينطوي القانون على مجموعة من الاجراءات التي تكفل العدالة وهناك حرص كبير على تطبيق الاجراءات القانونية بشكل كامل.
وحول مسألة رفع الوعي قال أبو دلو إن وزارة الداخلية تقوم برفع وعي دائم للحكام الإداريين بالقانون بشكل دائم لضمان تطبيق القانون على أعلى مستوى.
وأشار أبو دلو لدور الحكام الإداريين والقانون في حل مشكلة الأتوات التي عانى منها المجتمع الأردني لفترات طويلة وكان لهم دور كبير في الحفاظ على النظام العام، وأن التوقيف في معظم الأحيان يكون حسب السجل الجرمي وخطورة الموقف على السلم والأمن المجتمعي.
وفيما يتعلق بمراجعة الأشخاص المفرج عنهم إلى الحاكم الأدري أكد أبو دلو أنه لا يتم إعادة جميع الأشخاص إلى الحكام الإداريين بعد الإفراج عنهم، لكن يتم في بعض الأحيان اتخاذ الإجراء ضمن توصية من مركز الشرطة حسب السجل الجرمي للشخص ويأتي هذا الإجراء في إطار الحفاظ على السلم والأمن المجتمعي.
النائب السابق مصطفى ياغي دعا إلى إعادة النظر في القانون وإجراء مراجعة شاملة وحقيقية له تضمن إجراءه بعدالة حيث إنه وجوده بشكل أساسي جاء مراعاةً للخصوصية الأردنية.
وأكد ياغي إنه يوجد تعسف في استعمال هذه السلطة من قبل بعض الحكام الإدرايين وأن القانون أدى إلى التغول على السلطة القضائية وإلى تعدد المرجعيات القضائية داعياً إلى تطبيق مبدأ سيادة القانون وإجراء ضوابط حقيقية تكفل الخصوصية الأردنية وتضمن الاجراءات العادلة.