اخبار اليوم - بينما كان الطب في أوروبا مبنيًا على الخرافات والشعوذة وتعاليم الكنيسة الكاثولكيّة الصارمة، فقد قدّمت الحضارة الإسلاميّة العديد من الإنجازات الطبيّة الرائدة في العصور الوسطى، فقد أدى ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي إلى ظهور العديد من الاكتشافات في العديد من المجالات العلميّة، بما فيها الطب، فكانت المستشفيات العربية الرئيسة مراكز للتعليم الطبي، وقد قدمت العديد من المفاهيم والهياكل التي نراها في المستشفيات الحديثة، وقام العلماء والأطباء المسلمون أيضًا بترجمة النصوص الطبية من مختلف اللغات ومن العديد من الحضارات مثل الحضارة الإغريقيّة والرومانيّة والفارسيّة، ولم يقف الحد بهم بجمع هذه المعرفة وترجمتها إلى العربيّة واللاتينيّة، بل أضافوا إنجازاتهم وملاحظاتهم وأساليبهم الطبيّة، وكتبوا موسوعات طبيّة جديرة بالاهتمام، كما طور الأطباء المسلمون العديد من التقنيات الطبيّة في التشريح والصيدلة والجراحة التي ما زالت تستخدم في وقتنا الحاضر.
إنجازات الحضارة الإسلامية في الطب
قدمت الحضارة الإسلامية العديد من الإنجازات في مجال الطب ومن بينها ما يأتي:
ترجمة النصوص الطبيّة
بدأ العلماء العرب في القرن السابع الميلادي بترجمة النصوص الطبيّة من اليونانية والفارسيّة والسريانية والسنسكريتية وغيرها إلى اللغة العربيّة، فقد قاموا بترجمة أعمال الطبيب الروماني الشهير جالينوس، وقاموا أيضًا بإضافة أساليبهم الطبية الخاصة وملاحظاتهم لإنشاء موسوعات للمعرفة الطبية، كما اهتموا أيضًا بترجمة النصوص من العربيّة إلى اللاتينيّة، وقد ظهرت عدد من الكتب الشهيرة في مجال الطب والتي استخدمت في التعليم لمئات السنين من بينها كتاب القانون لابن سينا، وكتاب التصريف للزهراوي.
إنشاء المستشفيات
تمّ إنشاء أولى المستشفيات في العالم الإسلامي في بغداد في عهد هارون الرشيد وقد عرفت حينها باسم بيمارستان، وفي عام 1000م كان هنالك ما لا يقل عن 30 مستشفى في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وكانت الدولة ملزمةً بتوفير الرعاية الصحيّة لكافة المرضى بغض النظر عن الجنسيّة أو الدين أو العرق أو الجنس؛ وذلك لكونه واجبًا دينيًا، ولم يكن هنالك فترة محدودة لبقاء المريض في المستشفى، فقد كانت المستشفيات ملزمةً بالاحتفاظ بالمرضى حتى يتعافوا تمامًا، وقد اهتمّ المسلمون أيضًا بتطوير وبناء المستشفيات نتيجة نمو المدن ولمواكبة الطلب على الرعاية الصحيّة، وكانت هذه المستشفيات لها أجنحة منفصلة للنساء والرجال وتمّ تجهيزها بشكل متساوٍ بحيث يكون لها أجنحة منفصلة وتكون مجهزةً بشكل متساوٍ للرجال والنساء، وأجنحة منفصلة أيضًا لأمراض العيون والجراحة وللصحة العقليّة.
إنجازاتهم في مجال علم التشريح والدورة الدموية
ينسب المجتمع الطبي الوصف الأول للدورة الدموية الرئوية للطبيب العربي ابن النفيس الذي كان له إسهامات واضحة في علم الطب والتشريح، فقد ذكر أن القلب له نصفين وأن الدم يمر عبر الرئتين عند انتقاله من أحد جانبي القلب إلى الجانب الآخر، كما أدرك أن القلب يتغذى من الشعيرات الدموية.
الجراحة والأدوات الجراحيّة
كتب العديد من الأطباء في التقاليد الطبية العربية الإسلامية في العصور الوسطى عن الجراحة، وقد فعلوا ذلك غالبًا إما في الدراسات الجراحية أو الموسوعات والكتيبات الطبية مثل الزهراوي الذي أسّس الجراحة في الأندلس في قرطبة في القرن العاشر الميلادي، حيث عمل كطبيب للخليفة الحكم الثاني، وقد كتب أطروحةً طبيةً رائعةً، وهي كتاب التصريف؛ وهو كتاب مكون من 30 مجلدًا عن الطب والجراحة، كما اخترع الزهراوي أكثر من 200 أداةً جراحيةً لا يزال الكثير منها يستخدم حتى يومنا هذا، بما في ذلك الملقط والمشرط، والإبرة الجراحية والضام، والمنظار، وخيوط المنظار.
إنجازاتهم في مجال الصيدلة
ركز الصيادلة المسلمون على التجربة - استخدموا المواد التي أظهرت تأثيرًا إيجابيًا على المرضى، وبمعنى آخر إذا كانت إحدى الأعشاب أو التوابل أو أي مكون آخر يعمل على مساعدة شخص مريض على الشفاء فإنَّه يتم استخدامه، ومع تطور علم العقاقير الإسلامي، اكتشف الأطباء المسلمون العظماء مثل الرازي وابن سينا والكندي العديد من المواد العلاجية لصيدلياتهم.