ماذا بعد حديث ولي العهد؟

mainThumb

29-05-2024 11:18 PM

printIcon

سهم محمد العبادي
شُغلت الأوساط الأيام الماضية باللقاء الذي أجرته قناة العربية مع سمو الأمير الحسين بن عبدالله، ولي العهد، وكان مجمل الحديث عن اللقاء والظهور القوي، والحديث عن الملفات الداخلية والخارجية بصورة صريحة وعفوية، ظهرت من خلالها رسائل عديدة سياسية، اقتصادية وملفات أخرى، هي بالنتيجة مصلحة أردنية عليا يستوجب الوقوف عند كل ملف تُطُرِّق له.

المؤكد أن الملفات التي تطرق لها سمو الأمير تعبر عن الموقف الأردني الثابت تجاه القضايا الإقليمية والعالمية، وأن العلاقات التاريخية والمبادئ هي التي تحكم علاقة الأردن باشقاءه، وفي الوقت نفسه كان هنالك ثقة كبيرة بالحصن الأردني الداخلي ووحدة الصف تجاه مختلف القضايا، وبالوقت ذاته كان واضحا عدم رضاه عن قدرة بعض المسؤولين على إدارة الملفات والاكتفاء "بدق الصدر" مثلما يطمح إلى تطوير عدد من القطاعات التي يرى بها مستقبل الأردن لحل كثير من القضايا الداخلية، في مقدمتها الفقر والبطالة، وهنا أشار الأمير بصورة صريحة إلى الاعتمادية على الاقتصاد وحسن الإدارة المتعلقة بالإنجاز لا "بدق الصدر" حتى نصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي ودولة الإنتاج.
هذه الرسائل والملفات يستوجب الوقوف عندها مطولا، وضع الخطط اللازمة لها، قطاعات اقتصادية عديدة ذكرت، فهل التقطت هذه الإشارات السامية لولي العهد؟ وهو الأكثر وصولا ومتابعة لها من خلال زياراته ولقاءاته المتتالية، وهل استخلصت التشخيص المستقبلي لتطويرها؟ وتحقيق الرؤى السامية لمستقبلها ومستقبل الوطن ومواطنيه بصفة عامة؟ وهذا يعني بدون جدال ضرورة البدء بإعداد الخطة الزمنية للتطبيق العملي لهذه التوجيهات السامية، وأن تصبح حقيقة على أرض الواقع، فالظاهر أن الأمير سئم عبارة "حاضر سيدي" و"كله تمام سيدي" ويريد أن يرى الفعل على الأرض.
حتى تحقق هذه الملفات الاقتصادية الرؤى السامية، لا بد من وضع التحديات التي تقف عائقا دون تطبيقها واطلاع الأمير عليها، فنحن نعلم أن كثيراً من الرسميين لا يريد أن يقال لهم أن بعض القطاعات تواجه تحديات في التطوير والازدهار، منها التشريعات والقوانين والبيروقراطية وغيرها، وهذه مسائل واضحة كالشمس لا جدال فيها، ووجودها يعني أن يبقى الوضع الاقتصادي تحديدا على ما هو عليه، وتبقى أسطوانة "كله تمام سيدي" هي الدارجة.

الملفات والرسائل الأخرى موجهة نحو من يجلس على "كرسي" المسؤولية للنزول إلى الميدان ومتابعة القضايا العامة والوصول إلى المواطنين والاستماع للمسائل التي يطرحونها بكافة المجالات، وعدم الاكتفاء بلقاءات "مرتبة ومعدة مسبقا" حتى أسماء المدعوين، وقد تصل في بعض الأحيان إلى توزيع "أسئلة معدة مسبقا" عليهم لتوجيهها للمسؤولين الذين يعلمون إجابتها مسبقا، وفي غالب الأحيان تكون هذه الأسئلة هامشية لا أثر لها، وهذه "مسرحيات" حقيقية موجودة لمسناها في زيارات المسؤولين للمحافظات مع تغييب متعمد لمن يمتلك وجهات نظر أخرى، وهذا يخالف رؤى سمو ولي العهد في الصراحة والمكاشفة والصدق، وحتى على الصعيد الإعلامي نجد أن الحضور في بعض وسائل الإعلام واللقاءات الرسمية لمن يتبنى وجهة نظر الحكومة ولا حضور لمن يخالفها الرأي، لذلك تجد الفجوة ما بين الشارع والمؤسسات الرسمية ما زالت تكبر وسط استغراب المتسببين بها.

الأحزاب والجامعات والشارع الأردني برمته أيضا بحاجة إلى اعداد مراجعاته، خصوصا في المسائل التي كانت تعد حساسة، وتقسم الشارع الأردني إلى مستطيلات ومتوازيات، رغم أن ما فوق أرض المملكة وتحت سمائها هو أردني ليس له هوية أخرى ولن تكون.
إذن الرسائل والملفات عديدة، ولكن متى يُبْدَأ بالعمل عليها وبها، "فدق الصدور" و"حاضر سيدي" والتقرب لأجل منفعة خاصة بات من الواضح أنها أساليب مكشوفة لم تعد تجدي نفعا في وقت الإنجاز والفعل هو الفيصل.

الأردن العظيم يستحق الأفضل دوما