سهم محمد العبادي
ما زال طريق وصول الطلبة في انتخاباتهم الجامعية على المسار الحزبي طويل جدا، ومن يعتقد أن الترشح للانتخابات الحالية جاءت على أسس حزبية فلا يعلم عن حيثيات الانتخابات بدءا من الإعلان عن الترشح حتى يوم الانتخاب.
الانتخابات الجامعية منذ الأزل يحكمها تحالفات منها الروابط العشائرية والمناطقية والجهوية وتبادل المصالح، لكنها لا تبنى على أسس حزبية، والمتتبع لمسيرة انتخابات الطلبة يعي جيدا حجم المشاورات التي عقدها المترشحون في مضافات العشائر، وكذلك صدرت بيانات عدة من مناطق تدعم ترشح أبنائها في الجامعات، وهذا المسار الذي مضت عليه الانتخابات حتى الإعلان عن النتائج جاء بالمباركة لأبناء عشيرة كذا ومنطقة كذا.
بعض القوائم التي شاركت في الترشح تحت مسميات حزبية، بنى عدد ممن ترشحوا خلالها نجاحهم على دعم مناطق وعشائرهم وتحالفاتهم من الطلاب الدارسين في الجامعات، وبالتالي فإن هذه النجاحات تعود إلى الأساس وهو "الفزعة" وليس البرنامج الذي يتحدثون عنه ويحاولون تسويقه.
منذ لحظة انتهاء الانتخابات الطلابية جاءت قوائم حزبية تدعي أن الطلبة الذين نجحوا هم من أعضاء الحزب ومنتسبيه، وذلك لإعطاء دلالة على أن النجاح الذي حققه الطلاب يعود إلى كونهم أعضاء بهذا الحزب أو ذاك، وهذا بطبيعة الحال يعود إلى سياسة "البروباغندا" الحزبية وإحدى عمليات التسويق الحزبي، وهي أقرب إلى ركوب الموجة الطلابية، خصوصا أن بعض الطلاب الذين وردت أسماؤهم في قوائم الأحزاب المزعومة أعلنوا أن لا علاقة لهم بها، وأن الفوز جاء بنتيجة مجهودات أخرى ليس من بينها مجهودات الأحزاب أو كونهم منتسبين له.
مسألة الحزبية الطلابية ما زالت "جنين لم يكتمل نموه"، فالبرامج الحزبية الموجهة للطلاب التي تتحدث عنها بعض الأحزاب لا تجعل منهم شركاء بالعملية السياسية والقيادية للأحزاب، بل مجموعات تدعم بعض الشخصيات الحزبية التي تطمح للوصول إلى البرلمان والمشاركة في حكومة برلمانية قادمة، ولم تؤثر هذه البرامج في أن يكون الانتخاب الطلابي مبنياً على اتجاهات سياسية، وبطبيعة الحال الاتحادات الطلابية تمارس دور تقديم الخدمات للطلاب واحتياجاتهم الجامعية، ولكن وجودها في الحراك السياسي لا يرى على أرض الواقع ولا تأثير له.
اللقاءات الاستقطابية للطلاب وغيرهم حتى اليوم تضع قانون "المونة" أولوية في الانتساب إلى الأحزاب، وبحسب دراساتي البحثية في هذا المجال وكجزء من مشروع أطروحة الدكتوراة فإن القناعة بالانتساب إلى الأحزاب لدى شريحة طلبة الجامعات بعيدة كل البعد عن التأثير والإقناع الحقيقي بمشروع الحزب وبرامجه، وهنا يكون الإيمان بالبرامج الحزبية، وتبنيها هو الدليل الحقيقي على النضج الحزبي، فيما تحدث البعض عن وجود عدد من الطلاب ينتسبون إلى الأحزاب دعما لمعارف لهم لغايات انتخابية داخل الحزب والحصول على الأكثرية، وليس قناعة بالحزب أو برامجه.
من هنا إذا أردنا أن يكون لدينا شباب جامعي منخرط في منظومة التحديث الشامل، وله تطلعات وطموح مستقبلي مبني على برامجية حزبية، فلا بد من تغيير النهج الحالي في دعواتهم للاستقطابات الحزبية، ولا بد أن يُعْمَل على شرح مفاهيم الحزبية ونتائجها المستقبلية عليهم وعلى الوطن ككل، ولا نريد أن يكون مفهوم الحزبية لدى بعض الطلاب وهو "أن لا ملاحقة أمنية لمنتسبي الأحزاب"، بحسب عدد منهم.
مرة أخرى يجب على الأحزاب العمل على إقناع الطلاب بأن يكونوا شركاء في العملية السياسية، وليس ركوب أمواج الناجحين والادعاء بأن نجاحهم جاء نتيجة دعم الحزب لهم، فهذه لا تمر على الأردنيين، فكلنا يعلم وشاهد على الآلية التي تم بها المشهد الانتخابي كاملا.
الأردن العظيم يستحق الأفضل دوما