انقلاب غانتس والحرب الأهلية

mainThumb
إسماعيل الشريف

22-05-2024 11:03 AM

printIcon

إسماعيل الشريف

"لا نريد أن يصبح الإسرائيليون عرباً، نحن ملزمون بمحاربة روح المشرق التي تفسد الأفراد والمجتمعات، والحفاظ على القيم اليهودية الأصيلة كما تبلورت في الشتات الأوروبي." - بن غوريون
أعطى وزير الدفاع الصهيوني بيني غانتس مهلة لرئيس وزراءه بنيامين نتن ياهو حتى الثامن من حزيران لوضع استراتيجية واضحة للحرب، وإلا سيستقيل من مجلس الحرب. هذا الخلاف العلني بين اليمين المتمثل في نتن ياهو وعصابته، واليسار المتمثل في غانتس، يُعد من أصعب المراحل في تاريخ الكيان الصهيوني، فهو يهدد بتمزيق نسيج المجتمع الصهيوني الممزق أصلاً وإشعال حرب أهلية!

حاول أنصار نتن ياهو، مثل بن غفير وسموتريتش، التقليل من أهمية هذه الخطوة وطالبوا بطرد غانتس وجميع اليساريين من مجلس الحرب. اتُهِم غانتس بالخيانة العظمى، وسيُحال للمحاكمة إذا نجا نتن ياهو من طوفان الأقصى.


ظهر المجتمع الصهيوني منقسماً قبيل طوفان الأقصى، حيث حاول نتن ياهو تقليص صلاحيات المحكمة الدستورية، مما أدى إلى مظاهرات عارمة. لذلك أراد نتنياهو حرباً تجمع الناس حوله وتنسيهم فساده، ولا أفضل من الحروب في تجميع الشعوب خلف قادتهم.

تتحدث التقارير عن أن نتنياهو كان يعلم أن حماس تخطط لشيء ما، لكنه لم يتحرك. تدعم هذه النظرية تصريحات الساسة الصهاينة الذين يبررون احتلال معبر رفح لإغلاق الأنفاق بين قطاع غزة وصحراء سيناء التي غضوا الطرف عنها سابقا، وكانت تُستخدم بمعرفة الجيش المصري. كما اتهموا قطر ايضا بتمويل حماس.

لكن حسابات نتنياهو كانت خاطئة. بدلاً من توحيد الصهاينة، تعمق الانقسام، وخرجت مظاهرات عارمة ضده، وقوبلت بعنف من الشرطة ومؤيدي نتن ياهو.

لم يخرج الصهاينة إلى المظاهرات شفقةً على أطفال فلسطين، بل خرجوا لاستعادة رهائنهم وإيقاف الزج بأبنائهم في الحرب، وأيضاً بسبب الأوضاع الاقتصادية الضاغطة نتيجة الحرب.

كشفت المظاهرات عن خلاف أعمق بين المتدينين والعلمانيين، وأزاحت الستار عن النظام الهرمي الذي يحكم الكيان.
اليمين يريد الحرب واليسار يعارضها. أبناء اليسار هم الذين يحاربون ويُقتلون، بينما أبناء المتطرفين الذين يريدون الحرب لا يشاركون فيها. وهناك أيضاً المستوطنون شبه العسكريين الذين سلحهم ودربهم بن غفير للقيام بالتطهير العرقي بحق الفلسطينيين، وهؤلاء أيضاً لا يشاركون في جبهات القتال.


الجميع في الكيان الصهيوني يجمعهم كراهيتهم لأصحاب الأرض ومشروعية إبادتهم، ولكن يفرقهم النظام الهرمي العنصري الذي يصنف أبناء المجتمع حسب أصولهم.

يتكون المجتمع الصهيوني من الأشكناز، وهم الأوروبيون الذين يحكمون الكيان وهم في غالبيتهم علمانيون، ثم السفارديم، وهم من أصول عربية ويعمل غالبيتهم كعمال وهم أكثر تشدداً من الأشكناز، ثم هناك الإثيوبيون المهمشون والروس وأقليات أخرى.

يفصح الوزير المغربي الأصل دافيد أمسالم عن حجم التباين الكبير بين الصهاينة العرب والأوروبيين حين يقول: "كلنا نعمل من أجل الوطن، على الرغم من أننا نعمل جميعاً لأجلكم في تنظيف حدائقكم ومنازلكم. رأيت الكثير من الأشياء تتلألأ في المظاهرات، وأدركت لاحقاً أنها ساعات رولكس يرتديها المتظاهرون. اذهبوا وانظروا كم عدد سيارات المرسيدس لديهم!"
وفي مناسبة أخرى يقول: "أنتم على استعداد لمنحنا درجات عليا وحتى سيارات، ولكن لا يسمح لنا بالحكم أبداً، لا في قوات الأمن ولا في النظام القضائي ولا في الأوساط الأكاديمية، وبالتأكيد ليس في المحكمة العليا أو الادعاء العام. هل تعرف من هم السجانون؟ الدروز والعرب."

ولا ننسى الإثيوبيين الذين يعيشون على هامش المجتمع. هل تصدق أن الدماء التي يتبرعون بها يتم إتلافها بحجة أنها قد تكون ملوثة؟

كما تظهر التفرقة في التباين في شكل ومستوى الخدمات بين الأحياء المختلفة لطبقات المجتمع الصهيوني.


خرجت الصهيونية من رحم الفكر الغربي، الذي آمن بتفوق الرجل الأبيض، ولتفوقه هذا فان الكون كله مسخر له، فيحق له سرقة أراضي وموارد الآخرين وقتل السكان الأصليين المتخلفين!

بعد نهاية الطوفان لن يحتاج الصهاينة إلى أحد لمحاربتهم لأنهم سيكونون مشغولين بتمزيق أنفسهم!