يحتفي العالم في الثالث من أيار مايو كل عام بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، وتقييم ما تحقق من نجاحات وإنجازات، وما حصلت عليه من حقوق، وما أصابها من متاعب ومعوقات وقيود في العالم، وحماية وسائل الإعلام من التعدي على استقلالها، وتكريم الصحفيين الذين فقدوا حريتهم أو حياتهم في ممارسة مهنتهم.
وعلى الرغم من التغيرات الهائلة التي طرأت على وسائل الإعلام على مدى العقود الثلاثة الماضية، فإن دعوة الإعلان الملحة إلى حرية الصحافة وحرية الوصول إلى المعلومات ما زالت مهمة كما كانت دائما، فلْنتأملْ رسالة الصحافة، ولْنجددْ جهودنا لحماية حرية وسائل الإعلام، حتى يظل الإعلام بالنسبة للجميع منفعة عامة.
لقد وقع الاختيار على الصحفيين الفلسطينيين الذين يغطون أحداث غزة لنيل جائزة اليونسكو/غييرمو كانو العالمية لحرية الصحافة لعام 2024، بناءً على توصية هيئة تحكيم دولية مؤلفة من مهنيين عاملين في مجال الإعلام، وأعرب رئيس الهيئة عن التضامن والتقدير للصحفيين الفلسطينيين وشجاعتهم.
في السنوات العشر الماضية قُتل أكثر من 600 صحفي، لذا يجب أن تكون البيئة الإعلامية الحرة المستقلة والتعددية سواء متصلة بالإنترنت أو منفصلة عنه، بيئة يستطيع الذين يعملون في الصحافة العمل فيها بأمان وبشكل مستقل دون الخوف من تهديدهم أو قتلهم أو تعرضهم لمضايقات واختطاف وسجن تعسفي.
موريسيو ويبل رئيس هيئة التحكيم الدولية، المؤلفة من مهنيين عاملين في مجال الإعلام قال "في هذه الأوقات التي يسودها الظلام واليأس، نود أن نبعث رسالة تضامن وتقدير قوية إلى الصحفيين الفلسطينيين الذين يغطون الأزمة في مثل هذه الظروف المأساوية، إننا، كبشر، مدينون بالكثير لشجاعتهم والتزامهم بحرية التعبير".
المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي قالت إن الجائزة "تُثني كل عام على بسالة الصحفيين الذين يواجهون ظروفا محفوفة بالصعوبات والمخاطر، وتذكرنا الجائزة، مرة أخرى هذا العام، بأهمية العمل الجماعي لضمان استمرار الصحفيين في جميع أنحاء العالم في القيام بعملهم البالغ الأهمية المتمثل في توفير المعلومات والتحقيق".
في بيان صحفي، قالت اليونسكو إن الصحفيين يتكبدون عواقب وخيمة من جراء النزاع المستمر في غزة.
يُقام حفل توزيع الجوائز على هامش المؤتمر الدولي الخاص باليوم العالمي لحرية الصحافة المنظم في سنتياغو، شيلي.
يذكر أن عدد الصحفيين الذين اُغْتِيلُوا من الحرب والقتل المتعمد في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر بلغ إلى يومنا هذا (141) صحفيا وصحفية بحسب التقارير الرسمية ممن وثقت أسماؤهم في قيود نقابة الصحفيين الفلسطينيين،
حيث إن المشهد في غزة فضح التوجهات العالمية التي تتحدث عن حرية الإعلام، وكشف أن الحصانة الممنوحة للجسم الصحفي أوهن من بيت العنكبوت، فلم تردع بزة العمل الصحفي والشعار والخوذة المثبت عليها كلمة (press) عن استهدافهم جميعها، ولم تتركهم آمنون، بل خلقت منهم أهدافا سهلة الرصد انتهت باستشهادهم، وذلك لإخفاء جرائم الإسرائيليين،
وتعتبر أن الاغتيالات واستشهادهم تأتي ضمن سياسة إقصاء الحقيقة، ومحاولة طمسها، والحيلولة دون نقل تلك المجازر والجرائم التي وصلت حد الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وجرائم الحرب أمام العالم لوضعهم عند حدود مسؤولياتهم الإنسانية والقانونية والأخلاقية والدينية
حيث إن الكيان المجرم اعتمد علي تدمير كافة المقرات الصحفية والبنى التحتية المخصصة للعمل الصحفي داخل قطاع غزة، بالإضافة إلى إصدار قانون عرف بقانون الجزيرة أقر عبر الكنيست لمنع واحدة من أهم الفضائيات من تصوير ونقل الحقيقة، لتغييب الحقيقة في ظل اعتماد الكيان ذاته على الإعلام العسكري الخاص به لتسويف وتزوير الحقائق وتشويه الواقع الحقيقي.
في حين أشار متحدون من الوسط الصحفي علي تسليط الضوء على الإعلام المحلي الأردني الرسمي والخاص وكيفية تعاطيه مع أحداث طوفان الأقصى، فكان مع الحدث ضمن تغطية مسؤولة استطاعت كشف الوجه الحقيقي للكيان المحتل، وبيان ما يدور ميدانيا، فوضعت النقاط على الحروف ضمن نقل وتغطيات وتحليلات صحفية سلطت الضوء بالكامل على أحداث غزة، فكانت نصيرا ومساندا.
حيث اعتبر أصحاب الاختصاص في علم الصحافة والإعلام إن الحرب على غزة أصبحت نقطة سوداء في تاريخ حرية الصحافة مع هذا العدد من الصحفيين الفلسطينيين الشهداء الذين بلغ عددهم 146 شهيدا،
حيث تعمد الاحتلال المجرم على تضليل وحجب الحقيقة للعالم أجمع علي جرائمه الشنيعة، وذلك بهدف عدم إيصالها للعالم من خلال عدم السماح لمرور المراسلين الأجانب للوصول إلى قطاع غزة، وعدم تغطية الأحداث التي تدور حول واقع قطاع غزة العزة.
ولا ينكر الجميع من أنحاء العالم أن الصحافة الأردنية كانت وما زالت لها دورها الواضح فيما يدور من أحداث في قطاع غزة وذلك لكشف كل الممارسات الوحشية على أهالينا هناك، وموقف الصحافة الأردنية أيضا كان وما زال وسيبقى في الوقوف والصمود مع البلد التوأم للأردن بكل الأصعدة سواء في الحرب على غزة أو غيرها، وذلك بعدالة ونقل كافة الصور بكل صدق وأمانة إلى العالم أجمع ليعرف ويعلم العالم أجمع بالحقائق، ولا ينكر أحد أننا كاردنين أكثر شعوب العالم انحيازا للشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان على قطاع غزة والضفة الغربية بشكل عام،
ونظمت نقابة الصحفيين الأردنيين علي مدار سنوات وقفات وفعاليات واعتصامات
لمؤازرة شعبنا الفلسطيني الشقيق سواء أمام مقر النقابة أو المؤسسات الإعلامية، وأصدرت عشرات البيانات الداعمة للصحفيين الفلسطينيين. ويعد الإعلام الأردني سواء الرسمي أو الخاص الذي كان وما زال المدافع الشرس عن الشعب الفلسطيني ضد العدوان المجرم وذلك، وفي لكشف وتعرية جرائم الاحتلال الشنيعة
حيث إن الاحتلال المجرم ما زال يرتكب جرائمه الشنعة
بحق الصحفيين الفلسطينيين، والتي لم يشهدها التاريخ منذ الأزل من حيث الكيفية والعدد، لمنعهم من نقل جرائم الإبادة التي ما يزال يرتكبها داخل قطاع غزة، وجرائم القتل والتعذيب في الضفة الغربية بشكل عام
متبعا العدو المجرم أسلوبا وحشيا لإخافة الصحفيين الفلسطينيين وترويعهم بالقتل والتنكيل والاعتقال وإغلاق المحطات، مشيرا إلى أن التقرير السنوي الصادر عن نقابة الصحفيين الفلسطينيين لعام 2023 يفيد بتعرض 80 مؤسسة صحفية و9 مطابع للإغلاق من أجل تصدير روايته التضليلية فقط للعالم استمرارا لنهجه القديم في تزوير الحقائق وغسل العقول.
حيث نطالب جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ودول الاتحاد الأفريقي ودول الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الآسيوية ومجموعة دول أميركا اللاتينية ودول حركة عدم الانحياز بالتقدم بطلب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لفصل إسرائيل من عضوية هيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها على خلفية ارتكابها جرائم إبادة بحق الشعب الفلسطيني عموما، والصحفيين خصوصا.
وأما كوني من الجسم الصحفي، فإنني وزملائي نحث جميع الحكومات على بذل كل ما في وسعها لدعم وجود وسائل إعلام حرة ومستقلة ومتنوعة. فالصحافة الحرة والمستقلة هي حليفنا الأكبر في مكافحة المعلومات الزائفة والمضللة. وتهدف خطة عمل الأمم المتحدة المتعلقة بسلامة الصحفيين إلى تهيئة بيئة آمنة للعاملين في وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم - لأن المعلومات منفعة عامة.
واليوم، نحتفل بالذكرى السنوية الواحد والثلاثين للنهوض بصحافة حرة ومستقلة، وعلى الرغم من التغيرات الهائلة التي طرأت على وسائل الإعلام على مدى العقود الثلاثة الماضية، فإن دعوة الإعلان الملحة إلى حرية الصحافة وحرية الوصول إلى المعلومات ما زالت مهمة كما كانت دائما.
ولْنجددْ جهودنا لحماية حرية وسائل الإعلام – حتى يظل الإعلام بالنسبة للجميع منفعة وطنية عامة بقيادات قوية وليست ضعيفة
بقلم: الدكتور محمد عبدالرحمن المعايطة
دكتوراه صحافة وإعلام في النشر الإلكتروني "الرقمي"
رئيس لجان مقاومة التطبيع في نقابة الصحفيين الأردنيين