فاطمة الزهراء - أظهرت العديد من الدراسات التي أُجريت مؤخرًا أهمية بيئة العمل في التأثير على إنتاجية الموظف من الجانب العملي والنفسي، ولا يخفى على العاملين في شتى المجالات أن السبيل للارتقاء بالمؤسسات والشركات والنهوض بها يحتاج إلى الإبداع والتميز من قبل الموظف والإدارة، ولا يكون ذاك الإبداع إلا بتوفر بيئة عمل ملائمة محفّزة تشجع الموظف على البذل والعطاء.
إحدى المعلمات سابقًا في مدرسة خاصة فرح الأحمد (اسم مستعار) بيّنت لـ"أخبار اليوم" أنها عانت أثناء فترة عملها من عدم احترام أو تقدير للجهود حيث بقيت فترة طويلة متعبةً نفسيًا بسبب الكلام الجارح والمحبط الذي تسمعه من قبل المدير، والذي ظلّت آثاره تلازمها حتى بعد تركها للعمل، تقول "عند المخالصة بيني وبين المدرسة قال لي المدير كلام ما بنتسى وهذا لإني استقلت بسبب معاملة المديرة الي بتصرخ علي أمام الطلبة بسبب وبدون سبب، قال أنت ضعيفة وإذا طلعتي من هذا المكان بعمرك ما رح تنجحي، وإذا تزوجتي شخص مثل شخصية المديرة رح تتطلقي من ثاني يوم! لا أعرف ما علاقة حياتي الشخصية بهذه الإدارة المتسلطة!" مضيفةً أنها كلما تذكرت كلامه وهي متعطلة عن العمل يجتاحها الضيق والسوء.
مرام محمد العاملة في مركز تجميل للسيدات ذكرت أن مسؤولة الموظفات تتعامل بأسلوب سيئ ولا تعطي وقت استراحة للعاملات أثناء الدوام "وهذا جعلني أقلل من جهدي المبذول خلال الدوام وقل انتمائي حتى للمكان، نفسيًا صرت أتعب وكل تفكيري متى بنتهي الدوام الذي أعمل به لأجل المردود المادي فقط" مبينةً أنها لو وجدت وظيفة براتب أقل ومعاملة أفضل ستنتقل له دون تردد.
وأضافت أنها خلال فترة عملها في المركز ذاته كانت بعض الفتيات العاملات لا تتحمل هذا الضغوط ما يدفعهن للبكاء، ولكنهن غير قادرات على ترك العمل أو الاعتراض لأجل الأوضاع المادية الصعبة.
تقول إحدى الدراسات "إن الأفراد الذين يعملون في بيئة تتصف بمخاطر نفسية واجتماعية عالية هم أكثر عرضة للإصابة باضطرابات نفسية واضحة، أما في أماكن العمل الداعمة هناك انخفاض في حدوث وشدة وتأثير و مدة الاضطرابات النفسية.
الممرضة في مستشفى خاص ناديا الحسن (اسم مستعار) تحدثت لنا عن ضغط العمل الكبير الواقع عليها خلال فترات عملها بمختلف الورديات والذي "أهلك صحتها الجسدية والنفسية" فالمعاملة غير الجيدة إلى جانب ضغط العمل ولّدا لديها إرهاقًا كبيرًا وتفكيرًا جدِّيًا بتحمل المدة المتبقية لها من العقد "لكي لا أدفع الغرامات المترتبة إن استقلت قبل انتهاء العقد، وعزمت إني ما أجدد العقد مع المستشفى لعدم قدرتي على الاستمرار في هذه البيئة غير الصحية وهذا ما حصل" إلا أنها بعد التقديم لعدد من المستشفيات والبحث عن فرصة أخرى تلائم دوامها كطالبة جامعية إلى جانب العمل لم تجد خيارًا إلى الرجوع للمستشفى ذاته وتوقيع عقد جديد معه لتحمل مصاريف الدراسة والعمل والحياة "اضطررت العودة لهم وأتحمل معاملتهم وضغطهم لأنه لا يوجد لدي خيار آخر أو ترف الحصول على معاملة جيدة وبيئة عمل داعمة في أوضاعي وهذا مؤسف في الحقيقة"
وقد قيل "الرعد الذي لا ماء معه لا ينبت العشب، كذلك العمل الذي لا إخلاص فيه لا يُثمر الخير"
وإن إخلاص الموظف لمكان عمله وتشجعه لبذل المزيد دومًا في سبيل تحسين وتطوير العمل يحتاج شعوره بالراحة وهذا توفِّره بيئة العمل المرنة والداعمة.