إسماعيل الشريف
السماح الآن لحماس المنهكة بالخروج منتصرة سيؤكد فشل الصهيونية الشامل وقد يتجرأ منتقدو السلام مع إسرائيل في العالم العربي والإسلامي على رفض مثل هذه العلاقات – بيني موريس، مؤرخ صهيوني
فيما يبدو ان مسألة اقتحام رفح قد أصبحت مسألة وقت، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: متى؟ إذ إن مستقبل الكيان مرتبط بهذه الخطوة، ومستقبل نتنياهو على المحك. فقد وعد بتحقيق ثلاثة أهداف: القضاء على حماس، اغتيال قادتها، وضمان ألا تشكل غزة أي تهديد مستقبلي للكيان، بالإضافة إلى تحرير الرهائن.
يزعم نتن ياهو أنه قتل ما يقرب من ثلاثة عشر ألفًا من عناصر حماس، وأن أربعة ألوية ما زالت في رفح، المعقل الأخير لحماس، وأن قيادات حماس مختبئة في أنفاق رفح. فأهداف الحرب المعلنة الثلاث لن تتحقق إلا باقتحام رفح!
ونحن ندخل الشهر السابع لم تتحقق أي من أهداف الحرب المعلنة؛ فلم يتم القضاء على حماس، بل إن جميع المناطق التي يدعي جيش الاحتلال أنه حررها ما تلبث أن تعود إلى حماس، ولم يتم تحرير أي أسير صهيوني إلا من خلال المفاوضات، ولم تستطع الدولة المارقة من اغتيال أي من قيادات حماس سوى الشهيد مروان عيسى نائب السنوار الذي ظهر يتمشى قبل أيام في غزة.
تظهر صور الأقمار الصناعية بناء مخيمين غرب خان يونس وقرب رفح، وتحدثت وسائل الإعلام الصهيونية عن نية الكيان شراء أربعين ألف خيمة تتسع لـ10-12 شخص.
ولم يكن نتن ياهو جادًا في أي وقت من تحرير أسراه، فأحد المفاوضين الصهاينة يتهم نتن ياهو بـ"موقف اللامبالاة البارد" تجاه الرهائن، وآخر يقول: "استطيع القول إنه لولا نتن ياهو لكانت فرص التوصل إلى اتفاق أفضل".
هنالك عدة عوامل تؤجل وقد تلغي اجتياح رفح، منها:
1- الموقف الأمريكي: تُظهر الولايات المتحدة عدم موافقتها على اجتياح كامل لرفح، بل تفضل أن يكون الاجتياح تدريجيًا أو عبارة عن هجوم محدود. هذا الموقف بحد ذاته قد يمنح حركة حماس الفرصة للتصدي لأي هجوم وإلحاق الهزيمة بالمحتل.
2- الجبهة الشمالية: أظهرت السياسة الإيرانية خلال هذه الحرب سعيها لعدم توسع الحرب والحفاظ على قواعد الاشتباك. اجتياح رفح قد يدفع حزب الله للدخول في الحرب، خاصة إذا اختار الصهاينة عدم دخول رفح ومحاربة حزب الله، مما يضع الحزب بين خيارين صعبين.
3- اشتداد المظاهرات: تتصاعد المظاهرات في فلسطين المحتلة التي تطالب بإطلاق سراح الأسرى، وكذلك تصاعدت المظاهرات في الجامعات الأمريكية التي شملت أربعين جامعة، مما يضغط على القيادتين السياسية لإيقاف الحرب.
4- الأخبار الواردة عن قرب إصدار محكمة العدل الدولية مذكرة اعتقال بحق نتن ياهو ومعاونيه قد تكون ورقة ضغط على النتن ياهو للقبول بوقف الإبادة الجماعية.
لذلك، نلاحظ جهودًا دبلوماسية مصرية مكثفة في اليومين الماضيين تتضمن تبادل زيارات بين مدير المخابرات المصرية ونظرائه من الصهاينة في القاهرة وفلسطين المحتلة. هذه الجهود تهدف إلى منع هجوم رفح والتوصل إلى هدنة، حيث وافق الصهاينة على هدنة إنسانية مؤقتة لا تفضي الى أنهاء الحرب، وهي مسألة رفضتها حماس.
خلال الزيارات المتبادلة بين رجال المخابرات المصريين والصهاينة، بث الإعلام المصري تقريرا عن حضور الرئيس المصري دورة تدريبية لضباط مصريين تتحدث عن عيوب الدبابة الصهيونية الميركافا. هذا الخبر يمكن تفسيره بعدة طرق، منها أن دفع الفلسطينيين إلى غزة قد يعني دخول مصر في الحرب، أو ضغط على حماس لقبول الاقتراحات المصرية، أو لامتصاص الغضب الداخلي المصري من الإبادة الجارية على الحدود.
إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، يصر نتن ياهو على أن يظهر كمنتصر فرض شروطه، مما يمكنه من إعلان انتصار لن ينطلي على أحد.
زيارة وفد حماس إلى القاهرة اليوم لمناقشة الاقتراح المصري الإسرائيلي لوقف إطلاق النار تُعد زيارة مهمة جدًا، تحمل في طياتها الإجابة على ما إذا كان الإسرائيليون سيجتاحون رفح أم لا؟