اخبار اليوم - تحاول العديد من شركات السيارات العالمية تجديد أفكارها لجعل عملية ابتكار الإصدارات الحديثة أكثر استدامة من الناحية الاقتصادية إلى جانب الحفاظ على البيئة.
ومن ضمن هذه الأفكار الاعتماد على ألياف الأناناس، على سبيل المثال، لتصنيع المقاعد أو شباك الصيد القديمة لإنتاج حصائر الأقدام على غرار بقايا السجاد والقصاصات الناتجة عن تصنيع الملابس الجاهزة.
وتعتقد مصممة السيارات السابقة فيكي فون هولزهاوزن أن شركات القطاع يمكنها أن تجعل سياراتها الكهربائية أكثر مراعاة للبيئة بمساعدة الخيزران والموز.
ويعد الجلد النباتي المصنوع من تلك النباتات أحد تخصصات شركة ابتكار المواد التي تحمل اسمها، والتي أسستها في عام 2015 في ماليبو بولاية كاليفورنيا الأميركية.
وبدأت الشركة في تصنيع حقائب اليد وحقائب الظهر وغيرها من الملحقات. واليوم، تقوم بشحن مجموعة متنوعة من المواد النباتية إلى صناعات الأزياء والأثاث والفضاء، وقد قامت بغزوة في مجال صناعة السيارات.
وقالت فون هولزهاوزن لوكالة رويترز “نحن نعمل مع جميع الشركات المصنعة (للمركبات)”. وأضافت أن المواد الأولى الخالية من النباتات من شركتها يجب أن تبدأ في الظهور في مركبات الإنتاج من “شركات مصنعة متعددة” في غضون عامين.
وحتى الآن، تبدو المنافسة ضعيفة، حيث تقدم شركتا السيارات الكهربائية تسلا وفيسكر، مثلا، خيارات غير جلدية في سياراتهما، لكن شركات صناعة السيارات التي لها تقاليد في القطاع كانت بطيئة في الاستجابة.
وتقول فيسكر إنها خلصت إلى أن الزبائن متحمسون للغاية بشأن وجود خيارات نباتية جيدة للديكور الداخلي للمركبات ومن الواضح أن هذه علامة تجارية جيدة، ولكنها أيضا الشيء الصحيح الذي ينبغي القيام به للالتزام أمام المستهلكين.
وحصلت شركات السيارات على معاينة سريعة لأعمال فون هولزهاوزن في تسلا موديل أس فريدة من نوعها والمجهزة من قبل شركة أنلاغيد بارفرمونس بمادة بانبو الخاصة بالشركة، وهي مادة نباتية قابلة للتحلل مصنوعة من ألياف الخيزران.
وتقوم شركة أنلاغيد على موقعها الإلكتروني بحجز تصميمات داخلية من الجلد النباتي لهولزهاوزن للطرازات تسلا أس وواي و3.
وفي شهر سبتمبر الماضي، وبالشراكة مع الشركة الإسبانية التابعة لشركة فولكسفاغن، قامت هولزهاوزن بتزويد سيارة كوبرا دارك ريبل الاختبارية المفعمة بالحيوية بنفس المادة المصنوعة من الخيزران لمعرض ميونخ للسيارات.
وتواصل الخبيرة دفع حدود المواد المستدامة من خلال أحدث منتجاتها، ريبلانت، والتي توصف بأنها مادة من المزرعة إلى القماش مصنوعة من ألياف نباتية مُعاد تدويرها من نفايات الموز.
وتعتقد هولزهاوزن أن منتجات شركتها لديها القدرة على الاستخدام على نطاق واسع في المركبات خارج نطاق المقاعد، مستشهدة بعجلات القيادة ولوحات العدادات ووحدات التحكم.
وقالت “هناك الكثير من الأجزاء في السيارات التي يمكن تحسينها والانتقال من البلاستيك إلى مواد نباتية. أعتقد أن السماء هي الحد”.
وأوضحت أن صناعة السيارات لا تزال متخلفة في تبني مواد أكثر استدامة.
وأضافت أن “المستهلكين يتقدمون على الشركات في طلب ذلك. لا يمكننا الانتقال من العالم القديم إلى العالم الجديد بسرعة كافية”.
وفي ألمانيا، يعدد روبرتو روسيتي، المسؤول في بي.أم.دبليو المزايا الكثيرة لاستعمال المواد المستدامة والخامات المعاد تدويرها في صناعة السيارات. وإلى جانب خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تشمل هذه المزايا القوة والمتانة وتقليل الوزن.
وتعتمد الشركة الألمانية على 30 في المئة من المواد المعاد تدويرها في تصنيع كل سيارة، وتستهدف الوصول بهذه النسبة إلى 50 في المئة، وتهدف من خلال المواد الثانوية إلى تقليل آثار الكربون من إصداراتها الجديدة.
وبالتعاون مع الشركاء الآخرين مثل بي.أي.أس.أف وإنترزيرو تبحث بي.أم.دبليو خيارات جديدة لعملية إعادة التدوير.
فبالإضافة إلى تطوير مواد جديدة، مثل زيت الانحلال الحراري، الذي يتم تصنيعه من مواد عضوية كأساس للدائن البلاستيكية الجديدة، تعتمد خامة ديزيرتكس على ألياف الصبار واللدائن البلاستيكية من البولي يوريثين، والتي يمكن استعمالها مستقبلا كبديل للجلد.
ويقول روسيتي إن الخامات الطبيعية تمتاز بأنها مثيرة للاهتمام نظرا إلى أنها تمتص ثاني أكسيد الكربون وينبعث منها الأكسجين أثناء مرحلة النمو، علاوة على أن المواد الخام المتجددة تقلل الوزن بمقدار 30 في المئة مقارنة بالخامات التقليدية.
وتسعى فولكسفاغن أيضا إلى استعمال مواد جديدة إلى جانب الفولاذ منخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتشمل قائمة هذه الخامات الكتان والقنب والتيل والسليلوز والقطن والأخشاب.
وتعتمد الشركة الألمانية في سياراتها آي.دي بوز وآي.دي بوز كارغو على البولي يوريثين المعاد تدويره بدلا من الجلد.
وعلاوة على ذلك، تعمل على تصنيع أسطح الجلوس وكسوات الأبواب من توليفة من زجاجات البولي إيثيلين تيريفثاليت والمنسوجات الممزقة والمعاد تدويرها.
وخلال العام الماضي اعتمدت شركة مازدا على الفلين في مقصورة السيارة أم.إكس – 30، بينما تسعى مرسيدس إلى زيادة نسبة المواد المعاد تدويرها في سياراتها إلى 40 في المئة خلال السنوات العشر المقبلة.
Thumbnail
وتعتمد مرسيدس بالفعل في سيارتيها إي.كيو.أس وإي.كيو.إي في تصنيع قنوات الكابلات على النفايات المنزلية المعاد تدويرها.
وكبديل للفرش الجلدي اعتمدت مرسيدس في سيارتها إي.كيو.إكس.إكس فيجن الاختبارية على ألياف الصبار المجففة والغزل الفطري، وهو البنية المشابهة لجذور الفطر تحت الأرض.
ولكن ماركوس شيفر، عضو مجلس الإدارة للتطوير والمشتريات بمرسيدس، يرى أن ثمة تحديات تواجه استعمال الخامات البيئية الجديدة.
ومن بين تلك التحديات أن هذه الخامات يجب أن تتحمل اختلافات درجات الحرارة، التي تبلغ مئة درجة مئوية دون أن تتأثر وتصبح غير مستقرة، وألا تنبعث منها روائح كريهة وألا يتغير لونها.
واعتمادا على المكونات فإن عملية إعادة التدوير تكون مكلفة ومعقدة للغاية، علاوة على أن المواد الثانوية لا تتوافر باستمرار، وهناك مشكلة أخرى، ألا وهي أنه لا ينظر إلى الخامات المستدامة باعتبارها مكونات جميلة في بعض الأحيان.
وإلى جانب ذلك، فإنه يتعين على جميع المكونات أن تستوفي المعايير العالية المتعلقة بالجودة والسلامة والاعتمادية، سواء كانت تأتي من مصادر أولية أو ثانوية.