أخبار اليوم - عبرت صناعة الجلدية والحياكة الأردنية أبواب العالمية ووضعت منتجاتها قدمها في أسواق دولية، مستفيدة من الانتقال الكبير والانفتاح الاقتصادي للبلاد منذ ربع قرن.
ونالت صناعة الجلدية والمحيكات التي توصف بأنها الأقدم بالمنطقة، اهتماما واضحا من الدولة الأردنية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، ما وضعها محط أنظار المستثمرين الأجانب وبخاصة بعدما وقعت المملكة اتفاقيات تجارية مع مختلف التكتلات الاقتصادية العالمية.
وشكل الانفتاح الاقتصادي الذي شهده الأردن منذ عام 2000 نافذة حقيقية لنمو صناعة الجلدية والمحيكات، والتي حققت قفزات نوعية بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية والتوقيع على اتفاقيات التجارة الحرة مع العديد من الدول، ما أسهم باستقطابها للمستثمرين الأجانب وزيادة الصادرات.
ففي عام 2018، أدرجت شركة جرش لصناعة الملابس والأزياء في بورصة ناسداك في نيويورك، لتكون أول شركة عربية يتم تداول أسهمها في هذه البورصة.
وشهدت السنوات العشر الأخيرة تطورا ملحوظا بنشاط قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات، حيث زاد حجم الاستثمار فيه بنسبة 150 بالمئة، بارتفاع من 420 مليون دولار إلى أكثر من مليار دولار بالوقت الحالي.
وقال ممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات في غرفة صناعة الأردن المهندس إيهاب قادري، إن القطاع نال اهتماما كبيرا من جلالة الملك عبد الله الثاني، مشيرا إلى دور جلالته وجهوده المستمرة باستقطاب العديد من الاستثمارات العالمية، وتوجيهاته الدائمة للحكومات المتعاقبة لدعمه وتمكينه.
وأضاف لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن هذا الاهتمام توج بإدراج القطاع على رأس القطاعات الرئيسية ذات الأولوية ضمن رؤية التحديث الاقتصادي 2033، بهدف تعظيم مكانته محلياً وإقليميـا ودوليا وتعزيز سلاسل القيمة الأفقية والرأسية، والنهوض بمستويات الإنتاج كما ونوعا.
وأشار إلى أن "كتاب الانتقال" الكبير الذي صدر عن صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية، بمناسبة اليوبيل الفضي لتولي جلالته سلطاته الدستورية، له الأثر الكبير في إبراز دور قطاع المحيكات كمحرك رئيسي للتغيير الاقتصادي والاجتماعي، وتوثيق التحولات التي أحدثها بمستوى معيشة المواطنين، لا سيما بالمناطق الأقل حظا.
وبين أن صناعة الجلدية والمحيكات الأردنية تعتبر من أقدم الصناعات التي نشأت في المنطقة (تأسيس مصنع للدباغة عام 1921، وعام 1948 مصنع القمصان)، وشكلت بدايات وانطلاقة القطاع الصناعي بمختلف مكوناته منذ تأسيس المملكة.
وقال قادري "تطورت هذه الصناعة عاما بعد عام لتنتقل من اليدوية التقليدية إلى الصناعات التكنولوجية التقنية، وأصبحت اليوم تشكل محورا استراتيجيا بالاقتصاد الوطني وبات هذا النشاط الصناعي يمثل جزءًا رئيسيًا من الهوية الوطنية".
وأضاف "بفعل التحولات النوعية والمتسارعة في مسيرة القطاع، وصل اليوم إنتاجه السنوي لأكثر من 1.8 مليار دينار، مقدما منتجات ذات جودة عالية ومبتكرة تضاهي العالمية من مثيلاتها وموديلاتها وتصاميمها العصرية".
وتابع "لعل ما يميز عملياته الإنتاجية ما تقدمه من قيمة مضافة تصل لأكثر من 42 بالمئة"، مؤكدا أنها تعتبر مرتفعة إذا ما قورنت بالعديد من الدول المنافسة، وقد تزداد مستقبلا في حال استغلال الفرص والإمكانيات المتوفرة.
وبين أن منتجات القطاع احتلت مكانة بارزة على الساحة الإقليمية والعالمية، جراء التطور المستمر والحرفية الرفيعة التي وصلها، موضحا أن انضمام الأردن لمنظمة التجارة العالمية وتوقيع اتفاقيات التجارة الحرة كانت نقطة انطلاقة للأردن نحو توسيع رقعة المستهلكين المحتملين والتي أصبحت اليوم تتجاوز أكثر من 1.5 مليار مستهلك حول العالم.
وأوضح أن القطاع استفاد من المزايا والحوافز التي وفرتها الاتفاقيات، حيث عبرت منتجاته لأكثر من 83 وجهة حول العالم، لتصل صادراته اليوم لأكثر من 1.6 مليار دينار نالت الولايات المتحدة الاميركية الحصة الأكبر منها بنسبة 81.5 بالمئة.
وأشار المهندس قادري، إلى أن صادرات القطاع تأتي بالمرتبة الثالثة ضمن القطاعات الصناعية الأكثر تصديراً، مشكلة ربع الصادرات الصناعية، ما يعني مساهمته المباشرة في تعزيز احتياطي المملكة من العملات الاجنبية.
وأوضح أن القطاع يمتلك أهمية اقتصادية واجتماعية كبيرة، والمتأتية من مستويات التشغيل للأيدي العاملة المحلية، حيث تجاوز عدد العاملين الأردنيين حاجز 27 ألف عامل، من أصل 88 ألف عامل، بالإضافة لدعم مكانة المرأة اقتصاديا كونه أعلى القطاعات تشغيلا للإناث، بنسبة تصل إلى 67.5 بالمئة.
وأشار إلى افتتاح 29 فرعا إنتاجيا خلال العقد الأخير بالمناطق الأقل حظاً وفرت 8.5 ألف فرصة عمل للأردنيين، فيما شهدت أعداد المنشآت العاملة في القطاع قفزات كبيرة وصلت إلى ما يقارب الألف منشأة بعد أن كانت لا تتجاوز 600 منشأة نهاية القرن الماضي، إلى جانب استحداث مركز تميز لقطاع صناعات الجلدية والمحيكات ودعم فكر وصناعة تصميم الألبسة.
وقال قادري "انطلاقا من دور القطاع البارز في التشغيل، واعتباره معززا ومكثّفا لعنصر العمالة، وضعت رؤية التحديث الاقتصادي القطاع في مكانة أكثر القطاعات الملقاة على عاتقه عملية إحلال العمالة الأردنية مكان العمالة الوافدة، وتوليد فرص عمل جديدة للأردنيين، ضمن فترة تنفيذ الرؤية والتي بلغت 149 ألف فرصة عمل من أصل مليون فرصة للأردنيين خلال السنوات المقبلة".
وأضاف "بأنه يتم حاليا العمل على إعداد استراتيجية لقطاع المحيكات تتوافق مع مبادرات رؤية التحديث الاقتصادي، وتشير بشكل واضح إلى تصميم الموديلات العصرية ونقلها بشكل أكثر سرعة، بما يلبي أذواق المستهلكين بشكلٍ دوري وأكثر كفاءة وبسعر منخفض".
وبين أن تنفيذ الاستراتيجية يتطلب اتخاذ العديد من الخطوات والإصلاحات وتحسينات في البنى التحتية الحالية، من خلال عدد من الممكنات الرئيسية والتي أبرزها : كميات الإنتاج والأسعار وتنويع المنتجات والموديلات والوصول لأقصر مدة زمنية يمكن بها وصول المنتجات إلى سلة المشتري، مؤكدا أن هذا سيعزز مكانة القطاع على الخارطة العالمية ويمكنه من تحقيق مستهدفاته ضمن رؤية التحديث.
ولفت إلى أن رؤية التحديث حملت العديد من المبادرات لاستقطاب الاستثمارات وتعزيز سلاسل القيمة وتوفير صناعات أفقية وعامودية لإكمالها، مبينا أن هذا ينعكس على القيمة المضافة بالاقتصاد الوطني، ويقلل من وقت الصناعة ويسهم بتعزيز فرص وصول المنتجات الأردنية للأسواق العالمية، والاستغناء عن المستوردات، بما يعزز الميزان التجاري للمملكة.
وأشار إلى أن قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات يملك فرصا تصديرية غير مستغلة تقدر بنحو 550 مليون دولار لمختلف أنحاء العالم، بحسب خارطة إمكانات التصدير التابعة لمركز التجارة الدولية في ظل نفس الحجم من الاستثمار والعمليات الحالية.
وأكد أن استغلال هذه الفرص سيسهم باستحداث أكثر من 33 ألف فرصة عمل بشكل مباشر وغير مباشر، فيما تعتبر أسواق دول الخليج العربي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية من الأسواق الواعدة أمام صادرات قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات.
--(بترا)