كتبها: عبدالله محمد الغويري.

ويستمر جريان ماء عين صابر مع الزمن ومع تبدل الأجيال.. ويبقى خرير ماء ذلك النبع يصدحُ طالما استمد تدفقهُ من نبض قلوب الناس - إذا استمرت تتوهج بالمحبة والمودة، ولا تزال عين الماء تتغذى في فصل الشتاء - بالمطر المنهمر - الذي يلِجُ داخل الأرض عبر الفتحات والشقوق والفواصل الحجرية في أعالي الجبال (جبال رجم الشوف تحديداً) - ثم يستمر تحت الصخور وغطاء التربة - حتى يصل إلى فوهة النبع - أسفل وادي صابر.

حسب ما روى الثقات، فإنَّ (منطقة صابر) كانت تحوي بقايا آثار رومانية قديمة، مما يُوحي بوجود قرية أثرية كانت مجاورة للماء، كبار السن تحدثوا عن وجود تلك الآثار، ونقلوا أخبارها للأجيال اللاحقة، وهذا ما قال به أحفاد أولئك الرجال، ولكن وللأسف الشديد كل تلك المعالم الأثرية طُمِرَت وأصبحت تحت أساسات البيوت الحالية بعد التوسع العمراني الذي شهدته قرية صابر في السنوات الماضية.

في الخمسينات من القرن الماضي، كُلِّف متعهد بناء (هو وفريقه) للعمل على ترميم المكان المحيط بعين صابر، ولكنَّ ذلك (المتعهد) لم يستكمل ما هو مطلوب منه، واختفى بشكل غريب ومفاجئ، بعض الروايات تقول إنه شاهد أجساماً وأرواحاً غريبة، فهرب فوراً هو ومن معهُ، ولكن القول الراجح أنه وجد شيئاً ثميناً (ذَهَبْ وعملات نقدية قديمة) - قد تعود إلى العصور الرومانية أو فترة الدولة العثمانية - فاختفى (المتعهد) بعدها.. تاركاً وراءه أسئلة بلا أجوبة حتى يومنا هذا..!!.

يسكن في (قرية صابر) حالياً بعض الأطياف من المجتمع، لكنَّ الغالبية العظمى منهم يتبعونَ إلى عشيرة (الخلايلة /بني حسن) - وهم المؤسسون الأوائل لقرية صابر في العصر الحديث - وينتمونَ تحديداً إلى فرعين من فروع عشيرة الخلايلة وهم: الخطَّاب (أبناء وأحفاد سلمان المِفلح)، الحَسَن (وعنهم فرع الغنايم والمِرشد).

لا تزال (عين صابر) شاهدة على كل السابقين واللاحقين، ولا تزال تُعطي.. أكثر مما تأخذ، ولا يزال كرمها وسخاؤها قصة من البَرَكة تُروى عبر الزمن، يشهد بذلك أشجار التين الكثيفة المجاورة لعين الماء، ويحكي بذلك - صوت العصافير الهابطة أو المُحلِّقة فوق ذلك النبع العتيد.



أتقدم بالشكر الجزيل لمن تواصلتُ معهم من أهل قرية صابر خلال (الجزء الأول/العام الماضي) وخلال هذا الجزء.. وهم:
الحاجّ عبدالحليم أحمد رشود الخلايلة (أبو رعد).
الحاجّ علي أيوب رشود الخلايلة (أبو عبدالله).
الشيخ نواف أحمد رشود الخلايلة (أبو أحمد).