قال وزير الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية الدكتور محمد أحمد الخلايلة، إن الوزارة مسؤولة عن 120 مسجدا في القدس الشريف، بالإضافة إلى المهام المنوطة لها بشأن المسجد الأقصى المبارك.
وأكد الوزير في محاضرة خلال أمسية لصالون السبت الثقافي في أمانة عمان الكبرى، بمركز الحسين الثقافي، مساء أمس، أن الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني يتشرف بحمل مسؤولية الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.
وأشار إلى أن وزارة الأوقاف وبتوجيهات ملكية سامية ضاعفت رواتب العاملين في الأوقاف بالحرم القدسي الشريف إلى 400 بالمئة مما كانت عليه الرواتب ومقارنة برواتب من هم في رتبهم ووظائفهم بالوزارة في الأردن، وذلك دعما لصمود المقدسيين.
وأضاف أن الحكومة ووزارة الأوقاف تخصصان من موازنة الوزارة السنوية مبالغ كبيرة لخدمة ورعاية الأوقاف في القدس، يضاف لها ما يخصصه الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة.
وشدد وزير الأوقاف على أن الرعاية الهاشمية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف مستمرة وأن الأردن سيقف دوما ضد أية محاولات واعتداءات إسرائيلية لتغيير الوضع القائم في الأقصى والحرم الشريف، وأنه تمكن من تثبيت شرعية ذلك عبر اليونسكو والمؤسسات الدولية.
ولفت أيضا إلى المبادرة الملكية بإنشاء وقفية المصطفى لقراءة القران في الأقصى والتي خصص لها مبالغ مالية كبيرة، بهدف بقاء المسجد عامرا وكذلك دعما للرباط فيه.
وأردف الخلايلة قائلا، إن "الأردن الذي قدم الشهداء والتضحيات الكبيرة في الدفاع عن فلسطين والقدس في عامي 1948 و1967 لن يألو جهدا في استمرار حمل الأمانة في الدفاع عن عروبة وإسلامية القدس الشريف"، مؤكدا أن الأردن يكاد اليوم ينفرد بحمل راية الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك سياسيا وماليا ورعاية.
وتابع، أن الحرم القدسي الشريف ليس هو المصلى القبلي وقبة الصخرة فقط، بل كل ما هو داخل سور المسجد بمساحة 144 دونما.
وقال الخلايلة، في محاضرته التي جاءت تحت عنوان "الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس والدور الأردني بحمايتها"، إن وزارة الأوقاف تتابع كل ما يجري في الحرم القدسي الشريف على مدار الساعة من خلال دائرة أوقاف القدس في القدس الشريف ومديرية المسجد الأقصى وشؤون القدس في الوزارة، مشيرا إلى أن العامين الماضيين شهدا تضاعف وتزايد الاقتحامات والاعتداءات من المستوطنين.
وعن التقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى، أكد الخلايلة أن الأردن لن يسمح بمثل هذا التقسيم الذي يخالف كل القوانين والمواثيق الدولية، لافتا إلى أن سلطات الاحتلال تدعم الجمعيات والمنظمات اليهودية المتطرفة في سعيهم لتطبيق هذا التقسيم بالقوة ويحتل قائمة أولوياتها لتحاول تطبيق ما طبقته قبل أكثر من عقدين في الحرم الإبراهيمي الشريف بالخليل.
وتوقع الوزير أن تستمر وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية بالتصاعد خاصة مع تقدم اليمين المتطرف، مشددا في الوقت ذاته على أن الأردن سيتصدى بكل قوة لما يخطط له الإسرائيليون من تقسيم زماني أو مكاني للحرم القدسي الشريف، مبينا أن الأردن لن يقبل أي تقسيم أو تغيير في الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف.
وتحدث خلال المحاضرة عن المعيقات والعراقيل التي تضعها سلطات الاحتلال في وجه مشاريع الإعمار والصيانة والترميم والتطوير التي يسعى لها الأردن في الحرم القدسي الشريف.
وعرض الاعتداءات والانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال في المسجد الأقصى المبارك والحرم القدسي الشريف، بدءا من حرقه على يد متطرف عام 1969 بعد عامين من احتلال القدس الشرقية إلى الحفريات التي تهدد أساسات الأقصى بحثا عن الهيكل المزعوم واقتحامات المستوطنين شبه اليومية للحرم والتعرض للمصلين والمرابطين.
وشدد الخلايلة على أن الخطر الأكبر الذي يتعرض له القدس الشريف هو أساسا الاحتلال منذ عام 1967 واستمراره، الأمر الذي ترتب عليه كل ما بعد ذلك من انتهاكات وكوارث واعتداءات على البشر والحجر والشجر وعلى الزمان والمكان.
وقال إن جلالة الملك جاء ليحمل المسؤولية التي حملها والده وأجداده من الهاشميين الأطهار عن القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فكان خير خلف لخير سلف، فقد جعل القدس في قلبه ووجدانه وفي عهده الميمون نال المسجد الأقصى المبارك والقدس الشريف والمقدسيون كل الرعاية من لدن جلالته.
وأضاف انه "لطالما تصدى الأردن بقيادة جلالة الملك للمحاولات التي كانت تستهدف النيل من المسجد الأقصى وفرض السيطرة عليه، ووقع جلالته والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقا تاريخيا في 31 اذار 2013 أعاد فيها الرئيس عباس التأكيد على أن جلالة الملك هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس الشريف وله الحق في بذل جميع الجهود القانونية للحفاظ عليها، خصوصا المسجد الأقصى، والمعرف في هذه الاتفاقية على أنه كامل الحرم القدسي الشريف".
وأشار إلى أن الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس تعود إلى عام 1924 عندما تولاها الشريف الحسين بن علي، واستمرت بعده في عهد الملوك الهاشميين، حيث كان أول إعمار للمسجد الأقصى في عهد الشريف الحسين بن علي وآخرها في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي ما يزال يقدم الغالي والنفيس للحفاظ على هذه الوصاية والدفاع عن القدس الشريف.
وقد تشرف جلالة الملك عبد الله الثاني عام 2002 بوضع اللوحة الزخرفية على جسم منبر صلاح الدين ليعود هذا المنبر في أداء دوره الحضاري والديني في رحاب المسجد الأقصى المبارك بعد أن أحرق عام 1969.
وأوعز جلالته بإنشاء الصندوق الأردني الهاشمي لإعمار الأقصى بهدف توفير التمويل اللازم لرعاية المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة والمقدسات الإسلامية في القدس لضمان ديمومة إعمارها وصيانتها وتوفير جميع المتطلبات.
ويشهد المسجد الأقصى ومساجد القدس عمليات صيانة ومتابعة مستمرة، منها ما أمر به جلالة الملك من تجديد فرش المسجد بالسجاد فضلا عن الدعم الملكي للمؤسسات الوقفية التي تشرف عليها وزارة الأوقاف ويتحمل الأردن نفقاتها ومصاريفها ورواتب العاملين فيها.
وعرض الخلايلة الدور المنوط بوزارة الأوقاف في الحفاظ على المقدسات في الحرم القدسي الشريف، وأهمها توظيف العدد الكافي من أئمة ومؤذنين وسدنة وحراس.
وردا على سؤال حول قضايا تسريب وبيع العقارات في القدس الشرقية المحتلة لإسرائيليين، قال الخلايلة إن دائرة الإفتاء الأردنية أصدرت عدة فتاوى تحرم بيع الأراضي للإسرائيليين، بل وأفتت بعدم جواز أخذ تعويض من السلطات الإسرائيلية عن الأراضي التي تغتصب وتصادر لعدم منحهم الشرعية بهذا الاغتصاب.
وأكد أن الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه وحقوقه ولا يرضى ببيع أية قطعة أرض للإسرائيليين ومؤسساتهم، وما حصل في بعض القضايا كان عبر وسائل التفافية، لافتا إلى أن الحكومة الأردنية اتخذت العديد من الإجراءات عبر السنوات في قضايا كثيرة لمنع التحايل وبيع الأملاك العربية أو الاستيلاء عليها بالنصب.
كما أكد الوزير أنه سبق وأن طرح على المستوى العربي إنشاء صندوق عربي لشراء الأراضي من الفلسطينيين في القدس لمن يضطر للبيع، على أن تحول هذه الأراضي إلى وقف لا يجوز التصرف به أو بيعه لاحقا، موضحا أنه وللأسف أن هذا الطرح لم يتحقق.
(بترا)