"أخبار اليوم" تواصلت مع رئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار في أوكرانيا للحديث عن جِدّيَّة تصريحات بوتين وتطورات الأوضاع هناك
أبو الرُب يتحدث لـ"أخبار اليوم" عن تصريحات الرئيس الروسي حول انفتاح روسيا على الحوار بشأن السلام
أبو الرُب: بوتين جادّ في تصريحاته وسعيه للتوصل لتسويّة ولكن وفق الشروط الروسيّة
أبو الرُب: الضَّرر الناجم عن الحرب والخسائر الفادحة التي تكبَّدتها روسيا هو ما دعا بوتين لإطلاق هذه التصريحات
أبو الرُب: القادة الأوكران: تصريحات بوتين مجرد "حقن تخدير"
أبو الرُب: المشكلة الكبرى في الصِّراع الروسي الأوكراني هي غياب أو انعدام الثقة بين الطرفين
أبو الرُب: لست متفائلًا بإنهاء الحرب في الفترة الحاليّة والصِّراع يحتاج لوساطات دوليّة تحظى بقبول الطرفين لإنهاءه
أخبار اليوم - سمير الصمادي - تناقلت وسائل الإعلام الروسيّة قبل أيام على لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تصريحات تتضمَّن استعداد بلاده لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وانفتاح روسيا على الحوار بشأن السلام بين البلدين.
بدورها تواصلت "أخبار اليوم" مع رئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار في أوكرانيا، الدكتور عماد أبو الرُب؛ للوقوف على جِدّيَّة هذه التصريحات وتأثيرها على مجريات الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ شهر شباط عام 2022، ولمعرفة كيف ستتعامل كييف مع هذه التصريحات.
يعتقد أبو الرُب أنَّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جادّ في هذه التصريحات وفي السعي للتوصل لتسوية سلميّة، شريطة أن تحظى القيادة السياسيّة الأوكرانيّة بقبول روسي، وأن تكون على وفاق مع القيادة الروسيّة، وتجمع بينهما علاقة وثيقة وتحالف مشترك، وأن لا تُشكِّل خطرًا على روسيا وأمنها القومي ولا تهدد مصالحها الاستراتيجيّة، مع عدم السماح لها بأن تكون عضوًا في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وإن سُمح لها بأن تكون عضوًا في الإتحاد الأوروبي فسيكون القبول على مضض وبشروط، حينها يمكن تحقيق السلام المشترك بين الجانبين، وبخلاف ذلك فستكون هذه التصريحات مجرّد مناورة لكسب الرأي العام العالمي.
ويرى أبو الرب أنَّ ما دعا الرئيس بوتين لإطلاق هذه التصريحات هو الضَّرر الناجم عن الحرب والخسائر الفادحة التي تكبَّدتها بلاده، فقد استُنزِف الاقتصاد الروسي، وزادت الخسائر البشريَّة في القوات المشاركة، واستُنزِفت القدرات والمعدات العسكريّة الروسيّة، كما استنُزِف الجانب الأوكراني أيضًا، وألحقت هذه الحرب -إلى جانب الطرفين- الخسائر في الدول الغربيّة الداعمة لأوكرانيا، وفي بقيّة دول العالم التي تضرّرت بارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائيّة وأجور النقل وغيرها.
وفي معرض ردِّه عن كيفية استقبال كييف لهذه التصريحات أوضح أبو الرُب أنَّ القادة السياسيين الأوكران يفهمون العقليّة الروسيّة، وبالتالي يعتبرون أنَّ مثل هذه التصريحات مجرَّد "حقن تخدير" لحين معاودة الهجوم الروسي مجدَّدًا على المزيد من الأراضي الأوكرانيّة مستقبلًا.
وهم متخوفون من الأطماع الروسيّة في بلادهم مستندين في ذلك على تصريحات سابقة للرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، مفادها أنَّ روسيا ستضم في المستقبل مدينتي خاركوف وأوديسا وربما كامل أوكرانيا أيضًا، بحسب أبو الرُب.
وعن تأثير هذه التصريحات على مجريات الحرب الدائرة، أكَّد رئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار، أنَّه لم تتأثر المعارك الجارية على الساحة الأوكرانيّة بهذه التصريحات، فالقذائف المتبادلة بين الطرفين توقِع أسبوعيًا آلاف القتلى والجرحى بين الجانبين.
وأضاف أنَّ أوكرانيا فقدت 20% من أرضيها تقريبًا، ودُمِّر ما يقارب 30% من بنيتها التحتيّة، وهي بين خيارين مُعقّدَين أولهما: القبول بالأمر الواقع والتنازل عن الأراضي التي احتلتها وضمّتها روسيا، وثانيهما: الاستمرار في الدفاع عن أراضيها ومواجهة روسيا بدعم من حلفائها في الغرب.
وبالتالي تحاول روسيا أن تستغل ذلك بفرض الأمر الواقع، من خلال قبول المجتمع الدولي بضمِّها للأقاليم الأوكرانيّة الأربعة، وهي: خيرسون، وزاباروجيا، ودونيتسك، ولوغانسك، إضافة لوضعها شروط التفاوض مع أوكرانيا وأهمها ما يتعلَّق بالتعهد بعدم الانضمام للناتو.
وبيّن أنَّ روسيا ستُجهض أي محاولة أوكرانيّة للانضمام للحلف الأطلسي؛ خوفًا على الأمن القومي الروسي، وهي تريد أوكرانيا ضعيفة وبدون حماية ومساندة من المجتمع الدولي والدول الأوروبيّة المتحالفة معها.
وأشار أبو الرُب إلى أنَّ الرئيس الروسي بوتين يسعى لإسقاط نظيره الأوكراني؛ لاعتبارات يرى أنَّها تهدِّد روسيا ومصالحها، وقد وصف بوتين الرئيس الأوكراني زيلنسكي بـ"قائد النازية في أوكرانيا"، وأنه "دمُيَّة" بيد الولايات المتحدة والدول الأوروبيّة، وأنَّه بمحاولة انضمامه للناتو وللإتحاد الأوروبي سيُلحِق الضَّرر بمستقبل روسيا وأمنها الوطني.
وقد تطرَّق أبو الرُب إلى تطورات الأحداث على الساحة الأوكرانيّة، فقد قال إنَّه ومنذ بداية صيف العام الماضي لم يستطع أي جانب تحقيق انتصار كبير على كافة الجبهات على حساب الجانب الآخر.
مضيفًا أنَّ ما حقَّقته روسيا منذ أيام بسيطرتها على مدينة "أفدييفكا" أخذ منها أكثرمن ستة أشهُر، بالإضافة إلى الآلاف من القتلى والجرحى في صفوفها.
ومن ناحية أُخرى، استطاعت روسيا أن تعثر على ثغرات في العقوبات الاقتصاديّة المفروضة عليها، كما أنَّها تحصل على معدات وذخائر بشكل معلن وغير معلن من حلفائها؛ خاصة كوريا الشمالية وإيران.
وفي المقابل يستمر الغرب بدعم أوكرانيا ماليًا، ومعنويًّا، وعسكريًّا، وإعلاميًّا، ويعلن عن وقوفه إلى جانبها، وأنَّه لن يسمح لروسيا أن تنتصر في هذه الحرب حتى لا تهدّده مستقبلًأ.
وعن ضعف التغطيّة الإعلاميّة للحرب الروسيّة الأوكرانيّة وتراجعها، أوضح أبو الرُب أنَّ أحداث حرب غزَّة والقضيّة الفلسطينيّة التي عادت للواجهة من جديد، أخذت النصيب الأكبر من التغطيّة الإعلاميّة؛ لعدم وجود تسويّة سلميّة عادلة تُنصِف الشعب الفلسطيني وتعيد له حقوقه بإقامة دولة فلسطينيّة على ترابه الوطني.
ويرى المصدر أنَّ لدولة الاحتلال الإسرائيلي حلفاء من الدول العظمى -أمريكا وبريطانيا- ما يجعلها تسعى للتأثير الإعلامي؛ لكسب التعاطف معها باعتبار أنَّها الضحيّة، وتأجيج المجتمع الدولي ضد الشعب الفلسطيني باعتباره الطرف الجاني، الأمر الذي حَدَّ من تغطية شاملة للحرب الأوكرانيّة الروسيّة.
ويعتقد أبو الرُب أنَّ المشكلة الكبرى في الصِّراع الروسي الأوكراني هي غياب أو انعدام الثقة بين الطرفين، مما يجعل كل طرف يناور ويحاول الوصول لتطوير قدراته العسكريّة التي سيستخدمها مستقبلًا لشنّ هجوم أو للدفاع في حالة تعرّضه لهجمة من الطرف الآخر.
وفي ختام حديثه صرّح أبو الرُب أنَّه ليس متفائلاً بإنهاء الحرب وحدوث تغيير جذري فيها في الفترة الحاليّة، وتوقَّع أن تستمر للعام القادم؛ لحين بدء جهود ووساطات دوليّة، يكون لها قبول وثقة من الجانبين الروسي والأوكراني.