لم تدرك اللاجئة السورية السبعينية "أم صالح" أن ابنها وزوجته وحفيدها لقوا مصرعهم تحت أنقاض المبنى الذي نجت منه بأعجوبة، بعد انهياره في الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا.
وعندما كانت تبحث وتصرخ حول بيتها المنهار بمدينة نورداغي في ولاية غازي عنتاب، لم تدرك كذلك أن حفيدتها وزوجها وبناتها الأربعة لقوا مصرعهم في مسكنهم القريب من منزلها.
أم صالح (75 عاما) نجت برضوض طفيفة في رأسها، لكن الزلزال سلبها 7 أشخاص من ذريتها (ابن وابنة و5 أحفاد)، كما دمر منازل من نجا من أبنائها وأحفادها.
وفي 6 فبراير/شباط ضرب زلزال مزدوج جنوب تركيا وشمال سوريا، قوة الأول 7.7 درجات والثاني 7.6 درجات، تبعهما آلاف الهزات الارتدادية العنيفة، ما خلف خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات في البلدين.
** أعجوبة النجاة
أم صالح روت للأناضول لحظات وقوع الزلزال، فقالت إنها "كانت مستيقظة لحظة حدوثه، وكان حفيدها مستلقيا على أريكة قبالتها، وفي اللحظة التي اهتزت بها الأرض حذرت حفيدها، لكن كانت جدران الغرفة قد بدأت التساقط".
وأضافت أنها "رغم أنها كانت مستيقظة وجالسة، فلم تكن قادرة على فعل أي حركة، إذ كانت الأرض تهتز بشكل قوي، كما بدأ كل شيء يتساقط حولها".
وبعد ثوان من بدء الزلزال، وفق أم صالح، "مالت الغرفة بشكل مخيف، فظنت حينها أن الموت قادم لا محالة، لكن النجاة كانت من نصيبها".
وأوضحت: "مع ميلان البيت، الذي نزل إلى مستوى منخفض من الأرض، انزلقت على أرضيته فوجدت نفسي خارجه، وكأن البيت قد لفظني".
وبمجرد خروجها من المنزل، أوضحت أم صالح، أن "الجو كان ممطرا والمباني تنهار، فبدأت الصراخ بأسماء ابني وزوجته وحفيدي، لكن لا حياة لمن تنادي!".
ولم ينج مع أم صالح في نفس المنزل، سوى زوجة حفيدها وأمها التي كانت قد جاءت لزيارتها قبل أيام.
وفي 16 فبراير أعلنت السلطات التركية أنها حددت 481 ألفا و865 مبنى قد تضررت بمناطق الزلزال، وذلك عبر عملية فحص يشارك فيها نحو 8 آلاف خبير.
** جدة وحيدة
وبصوت متهدج، بينت أم صالح أنها "كانت تمني النفس عند نجاتها بخروج أبنائها وأحفادها أحياء، ورفضت الذهاب إلى المشفى لتلقي العلاج حتى تعلم مصيرهم".
وقالت: "المشهد الصادم في الزلزال جاء بعد 24 ساعة من بدء عمليات الإنقاذ، عندما خرجوا جميعهم موتى من تحت الأنقاض".
وبعد أن دفنت السيدة المكلومة أبناءها وأحفادها الذين فقدتهم جراء الزلزال، نقلت لتلقي العلاج في أحد مشافي مدينة غازي عنتاب.
إصابات أم صالح الجسدية كانت بسيطة، إذ لم تصب إلا ببعض الرضوض التي لم تستدع تدخلا جراحيا أو بقاء في المشفى، أما إصابتها النفسية فكانت كبيرة.
وتعيش الآن الجدة وحيدة بعد أن فارقتها كل أسرتها، بين متوف في الزلزال وخاسر لمنزله اضطر للانتقال بعيدا، ولم يبق لها إلا صورهم تنظر إليها بحزن.
وتأمل أم صالح أن "تلتفت إليها إحدى المنظمات الإنسانية لتكفلها فيما تبقى لها من العمر، بعد أن خسرت كل شيء"، وفق تعبيرها.
وفي 20 فبراير قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن سلطات بلاده وفرت المأوى لمليون و684 ألفا من المواطنين المتضررين من الزلزال، متعهدا نقل المتضررين إلى منازل مسبقة التجهيز.