أخبار اليوم - فيما رحب خبراء في قطاع العمل بمصادقة الأردن على اتفاقية العمل العربية بشأن تحديد وحماية الأجور، رأوا ضرورة مواءمة التشريعات المحلية بما ينسجم مع بنود الاتفاقية كونها الأوجب بالتطبيق.
وبين الخبراء في حديث لـ "الغد" أن أكثر ما يدعو للتطبيق في الاتفاقية هو البند المتعلق بضرورة مراجعة الحد الأدنى للأجور سنويا تقريبا، وهو ما يتعارض مع قرار اللجنة المحلية الثلاثية التي جعلت المراجعة كل 3 سنوات.
وقالوا إن الاتفاقيات العربية والدولية تسمو في التطبيق على نصوص القانون المحلي ولها الأولوية بالتطبيق، وبذلك يجب إعادة النظر في قرار تأجيل رفع الحد الأدنى للأجور.
وأكدوا وجوب مراجعة القانون المحلي ومقارنته بالمعايير الدولية والاتفاقيات الدولية، بحيث تكون هناك حماية وتنظيم أفضل للعلاقة بين العامل وصاحب العمل.
وفي هذا الشأن قال رئيس بيت العمال، حمادة أبونجمة، إنه "من المعروف عندما ينضم الأردن إلى اتفاقية دولية أو معاهدة من المعاهدات التي تمثل القانون الدولي، فهي ملزمة للأردن وتفوق في إلزامها القانون المحلي".
وبين أبونجمة أن "نص الدستور نفسه يؤكد أن الاتفاقيات الدولية والمعاهدات تعطى أولوية في التطبيق على القوانين المحلية عندما تتم المصادقة عليها، وفي دساتير بعض الدول مثل الأردن لم ينص الدستور بالوضوح على هذا الأمر".
واستدرك بالقول: "لكن الاجتهادات القضائية التي استقرت منذ سنوات على أن وجود معاهدة أو اتفاقية مصادق عليها من الأردن تعطى الأولوية في التطبيق على القانون المحلي، بمعنى لو اختلفت النصوص بين القانون المحلي والاتفاقية الدولية فتطبق الاتفاقية الدولية، وهذا اجتهاد القضاء منذ سنوات".
وأوضح أن المصادقة على اتفاقية عربية على مستوى منظمة العمل العربية هي ذات أهمية كبرى لأنها ملزمة، لافتا إلى أنه في حال وجود نصوص فيها لا يتضمنها القانون المحلي أو إذا كان يوجد اختلاف في النصوص بين الاتفاقية والقانون المحلي، فتطبق الاتفاقية.
وبين أن الاتفاقية مهمة كونها تتعلق بحماية الأجور، لا سيما الحد الأدنى منها، وتتضمن نصوصا مهمة لم ترد في قانون العمل الأردني بتوسع، وترك الأمر للجهات القضائية للبت في النزاعات المتعلقة بها.
وقال إن الاتفاقية تنص على ضرورة مراجعة الحد الأدنى للأجور كل سنة تقريبا، وهذ الأمر موجود في قانون العمل الأردني، ويعني ذلك أن يلتزم الأردن بهذا النص.
وأضاف أن الحد الأدنى للأجور يجب أن يسد حاجة العامل وأسرته، وهو نص واضح في الاتفاقية، لكنه غير موجود في قانون العمل الأردني.
وأوضح أبو نجمة أن قانون العمل يتحدث عن مراجعة الحد الأدنى للأجور وفق الارتفاعات أو التغييرات التي تمس تكاليف المعيشة.
ولفت إلى أن "هناك من يرى في الأردن أن الحد الأدنى للأجور الآن هو أقل من خط الفقر، ومن الصحيح أنه تتم مراجعته أحيانا، لكن ليس كل سنة وبحسب ارتفاع تكاليف المعيشة، وفي الأصل فإن الرقم نفسه قبل المراجعة هو أقل من حاجة العامل وأسرته".
ولفت إلى أن الاتفاقية تلزم أن تتم مراجعة الحد الأدنى للأجور في فترة لا تزيد على سنة، وليس كما هو الحال في قرار اللجنة الثلاثية التي أجلت القرار حتى العام 2025.
وأوضح أن الاتفاقية تتحدث أيضا عن المساواة في الأجور بين الرجل والمرأة، وهذا موجود في قانوننا المعدل، كما تتحدث عن كيفية دفع الأجر، ومواقيته وعدم تأخيره، فضلا عن الحمايات الأخرى، مثل الحماية من الاقتطاعات المبالغ فيها، أو غير القانونية، وما إلى ذلك.
ورأى أبو نجمة أن مصادقة الأردن على هذه الاتفاقية هو أمر إيجابي للغاية، خاصة أنه لم يصادق منذ فترة على أي اتفاقيات عمل عربية، وهذا يشكل تقدما مهما لفهم أهمية معايير العمل العربية والدولية.
وأكد وجوب مراجعة القانون ومقارنته بالمعايير والاتفاقيات الدولية، وهذا من مسؤوليات الحكومة، ويجب أن يستمر باتجاه حماية وتنظيم أفضل للعلاقة بين العامل وصاحب العمل.
بدوره، قال رئيس اللجنة الإعلامية في الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، بكر الأمير، إن الاتفاقية تتحدث عن مبادئ عامة لتنيظم مسألة الأجور وحمايتها، وتحظر التمييز بشأنها، وغير ذلك.
وأوضح الأمير أن هذه الاتفاقية العربية تسمو على التشريعات المحلية، وبالتالي تجب مواءمة التشريعات بما ينسجم مع سائر الاتفاقيات التي صادقت عليها الحكومة.
أما مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض فرحب بالموافقة على الاتفاقية والمصادقة عليها.
وقال عوض: "أعتقد أن هذه المصادقة تترتب عنها مجموعة من الإجراءات التي ينبغي على الحكومة مباشرة العمل عليها، كتعديل التشريعات المتعلقة بالأجور بما يتواءم مع مضامين الاتفاقية".
وأضاف عوض: "أعتقد أن هناك من القضايا مثلا، مسألة التمييز في الحد الأدنى للأجور بين العمال الأردنيين وغيرهم، لذلك يجب على الحكومة أن تذهب باتجاه تطوير السياسات ومنع التمييز في هذا الأمر".
وتابع: "على الحكومة أن تتراجع عن قرارها بعدم رفع الحد الأدنى للأجور التي اتخذته قبل ثلاث سنوات، وربطه بمعدلات التضخم".
ودعا الحكومة إلى اتخاد تدابير على أرض الواقع لإنفاذ مضامين هذه الاتفاقية، وتعديل التشريعات بما يتواءم معها.
الغد