د. أشرف الراعي
اخبار اليوم - شهد القرن الحالي تطوراً كبيراً ولافتاً في آليات وأشكال التواصل من خلال المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، والتطبيقات الذكية، وغيرها من الأنظمة التقنية والتكنولوجية التي باتت بيئة خصبة ومساحة واسعة لتناقل الشائعات، والمعلومات المغلوطة من جهة، وساحة لتبادل الشتائم والإساءات من جهة أخرى، وقد جاءت تعديلات قانون الجرائم الإلكترونية الأردني الأخيرة لضبط هذه الممارسات الشاذة عن مجتمعنا، والتي بدأنا نشاهدها في خصوصاً في السنوات الأخيرة، لا بل أنها تتزايد بصورة لافتة على المنصات الرقمية مع كل مناسبة وطنية أو حدث وطني، وكأن الهدف منها الإساءة إلى الوطن، ومؤسساته، واختلاق الخلافات بين أفراد الشعب الواحد.
إن تطبيق القانون في المجتمع يتم عن طريق النظام القضائي، وعبر الإجراءات القانونية المحددة، ومن هنا فلا بد من اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المسيئين منعاً من الخروج على الضوابط التي تحكم المجتمع، والتزاماً بالقوانين النافذة؛ فمتى ارتكب المجرم جريمته، فلا بد من إحالته إلى الجهات القضائية لمحاكمته على فعلته، ومحاسبته على ما اقترفت يداه من خرق للنصوص القانونية، وهو ما ينطبق على أي جريمة أيا كانت، سواءً كانت من قبيل الذم أو القدح أو إثارة النعرات العنصرية والطائفية وغيرها من الجرائم التي يعتبر كثيرون أنها تدخل في إطار حرية الشخص بالتعبير عن آرائه، وهو أمر غير صحيح وغير سليم أو سوي.
لقد أظهرت العديد من الدراسات ارتباطاً وثيقاً بين الارتفاع في استخدامات الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية وارتفاع نسب جرائم الذم والقدح والتحقير والإساءات عبر المنصات الرقمية؛ حيث تشير أرقام سابقة لوحدة الجرائم الإلكترونية التابعة لمديرية الأمن العام أن "عدد التهم بقضايا الجرائم الإلكترونية بين عامي 2019 – 2023 بلغ 22 ألفا و759 وعدد المشتكى عليهم مع إزالة التكرار للشخص الواحد في نفس القضية والإبقاء على القضايا الأخرى 21 ألفا و654.. فضلاً عن أن عدد قضايا الجرائم الإلكترونية ارتفع بنحو ستة أضعاف على مدار 8 سنوات بين العام 2015 وحتى العام 2022، وهو مؤشر على أن كثيرا من الأشخاص استغلوا المساحة المخصصة للنشر على منصات التواصل الاجتماعي، وخلطوا بين حرية الرأي والتعبير وبين ارتكاب الأخطاء التي تصل حد الجريمة بحق آخرين".
أقر مجلس النواب قانون الجرائم الإلكترونية الجديد انطلاقاً من كونه سيضبط الانفلات غير المسؤول في المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، لكن وحتى الآن لا يوجد تطبيق صارم لبعض نصوصه، وهنا لا أتحدث عن حرية الشخص في التعبير عن آرائه في إطار القانون، وإنما عن كيل الإساءات والشتائم وإثارة النعرات بصورة لا تليق بالأردن والأردنيين، ونشر ذلك من خلال المنصات الرقمية التي يشاهدها الملايين حول العالم وينتقل صاداها إلى كافة دول وشعوب الدنيا، لذلك نحن اليوم بحاجة إلى تطبيق القانون.. فمن يعلق الجرس؟