عبدالله محمد الغويري.
يتفقد الرجال (الياخور) بدايةَ ما تشتم أُنوفهم رائحة المطر من قبل يومين، ويهرعونَ صوب جذوع الأشجار المُتخشِّبة والسيقان اليابسة لتقطيعها - استعداداً لِلْيالي الشتوية المُوغِلة بالبَرَكة وانخفاض الحرارة، (ثِلْثِيَّات) التِّبْن والشَّعير متأهبة ليتم فردها على طاولات (العَلَف) للأغنامِ والدَّواب، والأجواء الصافية تنسحب ببطء من زُرقة السماء - لتأتي الغيوم الداكنة بعدها وتتلبَّد تدريجياً مع العد التنازلي لإقتراب ذلك المنخفض الجوي (أو العاصفة الثلجية).. حَبَّات البلوط متنأثرة على صفيح ساخن لصوبة الحطب، والأفواهُ تتثائب بين صلاة المغرب والعشاء - وكأنَّها أُرجوحة متمايلة بين الجوع والبرد..!.
في (بيرين) ينساب المطر على المنحدرات أسرع من هطولهِ من السماء، وتنْثعِبُ الخطوط الترابية والجروف - في الأراضي المائلة بفعل الأمطار المنهمرة بكل رأفة وبلا هَوَادة.. تتغشَّى الرَّحمات على السفوح التي تتلوَّى أسفلَ ذلك السحاب الهتَّان - المُثقلِ بدموع السماء، أمَّا صوب قُعرِ الوادي فتلتقي الأمطار المتجمِّعة من رؤوس الجبال والتلال لِتمضي عنيفةً في جسم المدِّ الثائرِ على الدروب... والناس... والذكريات..!!!.
الياخور : الحوش الذي توضع فيه الأغنام والدّواب ومخازن الأعلاف.
ثلثيات التبن : أكياس وشوالات التبن كبيرة الحجم والمصنوعة من الخيْش أحياناً.