لماذا أصر مجلس النواب على قراره بشأن معدل الأحوال المدنية، ولماذا، أجمع الاعيان، ايضا، على شطب العبارة التي أضافها النواب على التعديل الوارد من الحكومة، الأهم من ذلك، لماذا لم نسمع رأي مدير عام الأحوال المدنية حول مشروع تعديل القانون بالأصل، ولماذا غاب عن كل النقاشات التي جرت، هل له رأي آخر ؟
لكي نفهم ما حدث، ارسلت الحكومة (24/ 11) العام الماضي، مشروع قانون معدل لقانون الأحوال المدنية، تم فيه إلغاء نص الفقرة (ج )من المادة (32 ) من القانون الأصلي، واستعيض عنها بما نصه «يتم تغيير أي من البيانات الواردة في قيود الأحوال المدنية بأمر من المدير، بناء على قرار قضائي اكتسب الدرجة القطعية، ويستفيد من هذا القرار اخوة المدعي وأصوله وفروعه الراغبون في تغيير أي من هذه البيانات «، النواب أضافوا على هذه المادة عبارة تجيز لأبناء العم المباشرين الاستفادة من القرار القضائي، بتغيير اسم العائلة في البيانات الواردة في قيود الأحوال المدنية، الاعيان رفضوا هذه الإضافة.
لا يوجد لدي -بحكم عدم التخصص - أي تفسير قانوني لما جرى، سواء فيما يتعلق بالاسباب الموجبة لتعديل القانون، أو عملية الإضافة أو الشطب التي تناوب عليها النواب والأعيان، بوسع فقهاء القانون الذين لم أقرأ لهم، حتى الآن، رأيا أن « يفتونا» بالموضوع، أشير، فقط، لمسألتين، الأولى ان دائرة الأحوال المدنية هي «بيت الخبر ة» الأول فيما يتعلق بوجود أو عدم وجود ضرورة للتعديل تتطابق مع الاسباب الموجبة (معالجة الخلل في الممارسات العملية الناشئة عن تغيير البيانات في قيود الأحوال المدنية )، أقصد المفترض أن يكون لدي الدائرة وقائع تؤيد هذا الإجراء أو تنفيه، وما دام ان مدير دائرة الأحوال غاب عن النقاش، وعن الدفاع عن التعديل، فهذا يعني أن المسألة لم تخضع للدراسة الكافية، إن لم اقل يكتنفها بعض الغموض.
أما المسألة الثانية فتتعلق بالخبر الذي نشر على موقع مجلس النواب حول ما جرى من تداول بينهم وبين الاعيان للعبارة التي أضافها النواب، جاء في الخبر «الاستفادة من القرار القضائي القطعي بتغيير اسم العائلة في البيانات «لاحظ أن المشروع الذي ورد من الحكومة أشار إلى تغيير البيانات، وليس تصحيحها، ولم يشر بشكل مباشر إلى «العائلة « بالذات، ربما يفهم من ذلك أن التعديل الذي تم يتعلق اساسا باسم العائلة، وأن تغييرها هو المقصود، لان باقي البيانات (اسم الاب والجد ) غالبا لا تحتاج إلى تغيير.
فيما مضى، كان في دائرة الأحوال المدنية لجنة تتولى النظر بتصحيح الأخطاء في البيانات، وطلبات التغيير فيها، معظم القرارات التي صدرت عنها وتظلم أصحابها للقضاء حسمت لصالح قرارات اللجنة، ما يعني أن المسار الذي كان متبعا قبل التعديل كان يكفي ويسد الغرض، وإن كثيرا من القضايا التي رفعت في هذا الإطار تم ردها لعدم صحتها، فما الذي استجد حتى اصبح معالجة الخلل في البيانات العملية، وفي اسم العائلة، بحاجة إلى مثل هذا التعديل الموسع الذي يشمل العائلة في أصولها وفروعها ؟ لا أدري.
(الدستور)