الإقامة هي من أقام الشيء أي أتى بجميع حقوقه، والمقصود بإقامة الصلاة أي القيام بالركوع والسجود والمحافظة على مواقيتها واستحضار كافة الفروض المتعلقة بها بصدق ورغبة ورهبة.
وإقامةالصلاة أيضًا أداؤها على وجه الاستقامة والاعتدال والإقامة وكما أمرنا الله أن نؤديها على الوجه المشروع، بلا اجتهاد أو زيادة.
أما بما يتعلق بإقامة الصلاة فاختلف بعض العلماء في ألفاظ الإقامة بين استخدام الصيغة الأولى وهي إحدى عشر جملة والصيغة الثانية وهي سبع عشر جملة مع بيان أن الصيغتين وردتا عن الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- وكل صيغة منهما ثابتة عن الرسول بحديثٍ صحَّحه الألباني رحمه الله، والمقصود بالصيغة الأولى التي اختارها جمهور العلماء من الشافعية والمالكية والحنابلة هي صيغة الإقامة:
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه
حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ
قَدْ قَامَتْ الصَّلاةُ، قَدْ قَامَتْ الصَّلاةُ
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ
لا إِلَهَ إِلا اللَّه
أما الصيغة الثانية التي ذهب إليها الإمام أبو حنيفة: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ قَدْ قَامَتْ الصَّلاةُ، قَدْ قَامَتْ الصَّلاةُ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلا اللَّه.
وتجوز الإقامة بكلتا الصيغيتين سواء صيغة الإقامة أو صيغة الأذان وكما ورد عن سؤال طرح على ابن باز في جواز الإقامة بصيغة الأذان، فأجازها وذكر العلماء أن من تمام السنة استخدام الصيغة الأولى تارة والصيغة الثانية تارة أخرى، وذلك من أفضل العبادة، وهو أن لا يلتزم المسلم صيغة محدَّدة بل يفعل كلَّ ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ما هو وقت إقامة الصلاة
أشار النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى الأوقات التي تقام فيها الصلاة وهي من وقت زوال الشمس عن كبد السماء إلى هبوط الليل وزيادة حلكته وظلامه، فتقام خلال هذه الفترة الصلوات الأربع، الظهر والعصر والمغرب والعشاء، أما عن صلاة الفجر فلها وقتها الخاص المنفردة به وقد تم ذكره في القرآن لدلالة على بركته ولما يحمل من مشقة مكابدة النفس في الاستيقاظ من النوم لأدائها، وقد اتفق العلماء على مشروعية الأذان والإقامة وهي من خصائص الإسلام وطريق للقيام بالصلاة المتبعة فيه.
أما عن وقت الإقامة فهو يعود إلى الوقت الذي يقدره الإمام كما أن وقت الآذان يعود لتقدير المؤذن وفي هذا دعوة إلى اجتماع المؤذنون في حال كثرت المساجد في المنطقة الواحدة وأن يتناوبوا تبعًا لمن أذن أولًا فيقيم أولًا وإن تساووا في الوقت أقيمت بينهم القرعة درءًا للخلاف والتكرار.
وقد أجمع العلماء أنَّ مؤذن العالم العدل هو المفوض بوقت الآذان وأنَّ إمام المسجد الشخص الوحيد الذي توكل إليه الإقامة وإن سبقه أحد إليها فبذلك قد تعدى حدَّ الأدب وكان مسيئًا وعليه التنحي عن هذا الفعل وأن لا يقوم به مرة أخرى، فإقامة الصلاة واجبة على إمام المسجد وفي غيره تعدي على حقه.
وبما يتعلق بأحكام أوقات الصلاة على اختلاف الأزمنة والأمكنة إلا أن هنالك قواعد تضبط عملية إقامة الآذان لهذا الصلوات.
الدعاء الذي يقال قبل إقامة الصلاة
لم يثبت عن الرسول -صلى اللله عليه وسلم- أنه كان هناك دعاء قبل الإقامة حتى ولو كانت الاستعاذة والبسملة فعلى المصلي أن لا يأتي إلا بألفاظ الإقامة المعروفة، أما ما يقال عندما يفرغ المؤذن من الأذان فهو دعاء" "اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد"، فالصلاة يستحب فيها الذكر والتسبيح والدعاء منذ بدء الصلاة إلى التسليم منها، فيستطيع المصلي الدعاء دبر كل صلاة أي في الجزء الأخير منها وعند الانتهاء وبإمكانه أيضًا الدعاء قبل التسليم وفي السجود، فالإنسان في وقت أداء الصلاة يكون أقرب إلى الله من أي وقت آخر.
حكم إقامة الصلاة للمرأة
أجمع الأئمة الأربعة: الشافعي وأحمد ومالك وأبو حنيفة على عدم وجوب إقامة الصلاة على المرأة، ولكن إذا فعلت ذلك فليس عليها حرج، مستندين إلى الأثر الوارد عن ابن عمر -رضي الله عنه- في قوله: "ليس على النساء أذان ولا إقامة"، وقد جاء في الحديث عن عطاء بن أبي رباح: "عن عائشةَ أنها كانت تُؤَذِّنُ العهدُ الوسيمُ وتَؤُمُّ النساءَ وتَقومُ وسطَهُنَّ"، وإلى هذا ذهب كلٌّ من: أنس والحسن وابن سيرين والثوري والنخعي وإسحاق وغيرهم.
فمتى جاء وقت الصلاة كان لها أن تصلي مباشرة بلا أذان أو إقامة، فإقامة الصلاة والأذان هو فعل مشروع ومفروض للرجل وهو ما يقوم به دعوة للناس للصلاة الجماعة في حين حضور وقتها وإقامة الرجل لصلاة الجماعة فرض كفاية فإن أقام أحدهم الصلاة سقطت عن الجميع، أما ما يتعلق بإمامة المرأة للمرأة، أي أن تقوم امرأة بالإمامة بمجموعة من النساء فلا حرج في ذلك، فيشرع لها أن تؤم في الصلاة السرية والجهرية على أن لا تجهر بالقراءة فيكون صوتها معتدلًا ليس كالرجل عاليًا وواضحًا وجهورًا، بل لها أن تخفض صوتها بالقراءة والذكر، وإن كانت المرأة بحضرة أجانب أسرَّت.
هل تصح الصلاة بدون إقامة؟
الأصل في الإقامة هو فرض كفاية، فإذا قام بها شخص سقطت عن الآخرين، وإذا صلى المسلم بدون أذان أو إقامة صحت صلاته مع الإثم وإذا صلى بلا إقامة وكان قد أذن، فبذلك تصح الصلاة ويبقى الإثم، والواجب هو أن يؤذن ويقيم، وكذلك تصح صلاة المنفرد بدون إقامة.
أما ما يتعلق بهل تجوز الصلاة بدون الأذان؟
فكان للعلماء رأيان، البعض اعتبر الأذان واجب والآخر اعتبره سنة وفي كلاهما اتَّفقا على أنَّه يجوز للإنسان أن يصلي بدون أذان، والصلاة صحيحة لا تنقص شيئًا، وفيما ورد عن علقمة والأسود أنهما صليا خلف إمام بلا أذان ولا إقامة ولم يخالف أحد ذلك.
وأما عن صلاة المنفرد في المنزل
فله أن لا يقيم الصلاة وصلاته بذلك صحيحة فما ورد عن النووي أنه قال: إن الإقامة سنة في الحضر والسفر للجماعة والمنفرد، وهذا القول ذهب إليه الكثير من الفقهاء، منهم: أبو حنيفة وأصحابه وإسحاق بن راهويه ونقله السرخسي عن جمهور العلماء، ولكنَّ بعض الحنابلة كرهوا ذلك رغم جوازه، والله أعلم.
ما حكم من نسي إقامة الصلاة
يحدث أحيانًا أن ينسى المسلم الإقامة ويتذكر بعد قطع تكبيرة الإحرام أو بعد الانتهاء من الركعة الأولى، وكما ذكرنا من قبل أن الإقامة فرض كفاية فإذا تذكر أنه نسي الإقامة أكمل صلاته ولا حرج عليه بإذن الله، ولا ينقص هذا من صلاته شيء ولا يترتب عليه الإعادة، وقد أعطى العلماء رأيين في حكم الإقامة:
القول الأول: أنَّها فرض كفاية ومن يقوم بها تسقط عن الآخرين وإن لم يقم بها أحد أثموا جميعًا وهذا رأي الحنابلة وبعض الشافعية في الصلوات الخمس وصلاة الجمعة، واستدلُّوا على ذلك بأنَّ الإقامة من شعائر الإسلام الظاهرة، وترك العمل بها تهاون، لذلك كانت فرض كفاية.
القول الثاني: أن الإقامة سنة مؤكَّدة وهذا ما ذهب إليه الماليكة والحنفية وهو الأصحُ عند الشافعية، ويترتب عليها ما يترتب عن هجر السنن المؤكدة فلا يجوز للمسلم تركها ففي تركها إساءة وهجر لسنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وقد جعل الشافعية السنة المؤكدة واجبة لأهميتها وعظمتها كما لا يجوز تركها والتهاون في أدائها ولو لم تكن من شعائر الإسلام.
أما من نسي الإقامة في السفر فوجب عليه إعادتها، لما يلزم المسلم إظهار شعائر الإسلام كافة كاملة دون نقصان في السفر وكي لا يعتقد من الذين رأوه وهو يصلي أن الصلاة تقام بلا إقامة في أساسها، وهذا فيه حرص للمسلم وشريعته في كل مكان.