أخبار اليوم - نظم مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية اليوم ندوة حوارية بعنوان "التحديث السياسي في الأردن: الواقع والمآلات"، وذلك بحضور واسع من أعضاء مجلس الأعيان وقيادات حزبية وخبراء واقتصاديين وإعلاميين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني.
وقال مدير المركز زيد عيادات إن المركز عكف على عقد هذه الحوارات للوقوف على واقع الحال في سير عملية الإصلاح السياسي واستشراف المستقبل، سيما وأن المضي في مسيرة الإصلاح وبناء الاقتصاد على قواعد سليمة من التوازن بين الواجبات والحقوق بات ملحا على الجانبين الرسمي والشعبي.
وافتتح عيادات النقاش بطرح الجدلية المتسائلة عمّا إذا كان الحديث عن الإصلاح السياسي في الوقت الراهن ملحا أم لا، في ظل حالة عدم الاستقرار التي تمر بها المنطقة والعدوان الإسرائيلي على غزة، دون تقليل من أهميتها، مقابل وجهة النظر الأخرى المتمثلة بأن الحديث عن الإصلاح السياسي بات أكثر إلحاحا، باعتبار أن تعزيز الجبهة الداخلية ومنعة الأردن يمثل بنفسه تعزيزا لصمود الشعب الفلسطيني ونصرة لقضيته.
وطرح عيادات ثلاثة مسارات للحوار، أولها: أين نحن من مشروع التحديث السياسي والاستحقاق الانتخابي المقبل؟ وثانيها: علاقة الأجهزة الرقابية من ديوان المحاسبة ومجلس النواب وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد بالإصلاح السياسي، وثالثها: ما أجندة العمل اللازمة للتحضير للاستحقاقات الدستورية المقبلة؟
وعرض عيادات لأبرز نتائج استطلاع الرأي الأخير الذي نفذه المركز، وأعلن عنها الأسبوع الماضي، والتي تشير إلى أن ثلث الأردنيين غيروا أوجه الإنفاق نتيجة الحرب في غزة، وأن 60% قاطعوا المنتجات الأميركية، فيما لا يظنّ 92% أن المقاطعة تضر بالاقتصاد الأردني.
من جانبه، قال الأمين العام لحزب الميثاق الوطني العين محمد المومني إن المشروع الإصلاحي في الأردن ماضٍ في الاتجاه الصحيح، في إشارة إلى أن الإصلاح متدرج ويجب أن يأخذ فترة الإنضاج اللازمة من أجل سلامة مخرجاته.
وأضاف المومني أن أهم أهداف مشروع التحديث السياسي تتمثّل اليوم في تعزيز الوحدة والوطنية، من خلال إشراك الجميع في العملية السياسية، وجعل المواطن شريكا أساسيا في صنع القرار.
وأكد رئيس المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني العين جميل النمري في مداخلته أن التجربة الحزبية الأردنية مُرضية حتى اللحظة وتحرز تقدما ملموسا، وأن مقياسها الحقيقي الانتخابات المقبلة.
وقال إن بعض الأحكام التي يطلقها الناس حول التجربة الحزبية نابعة من تصور مثالي للأمور، ما ولّد مثل هذه الأحكام لديهم، متناسين أن التجربة ما زالت في طور البدايات والإنضاج.
بدوره، قال رئيس المجلس المركزي في حزب تقدم فوزي الحموري إن لقوى الشد العكسي والمحافظين دورا بارزا في الحد من مضي مسيرة التحديث السياسي، مؤكدا في الوقت ذاته ضرورة أن تكون الأجهزة الرقابية أكثر فاعلية لتكون الضامن لحسن التنفيذ.
إلى ذلك، حذّر العين عاكف الزعبي من حدوث أي تراجع في عملية التحديث السياسي، مشيرا إلى أن الإصلاح السياسي، الذي وصفه بالمطلب الملح لترسيخ سيادة القانون، والعدالة المجتمعية، يشكّلان العاملين الأكثر تأثيرا في نهضة المجتمعات وبناء الثقافة المجتمعية.
وقال الإعلامي حسام غرايبة إن الحديث عن أي تخوفات حول عملية الإصلاح السياسي سابق لأوانه؛ فالعملية الإصلاحية متدرجة، وإن الحكم على التجربة الحزبية الآن غير ممكن إلا بعد إجراء الانتخابات.
ودعا الغرايبة إلى ضرورة المضي نحو الاستحقاقات الدستورية بعزم، وإجراء الانتخابات في موعدها دون تأخير، لتعزيز الثقة في المسيرة الإصلاحية، ولكيلا تُفقد الثقة في المراحل المقبلة، سيما وأن الانتخابات تُعد أولى ثمار هذه المسيرة.
وطالب رئيس تحرير جريدة الرأي خالد الشقران بضرورة إذكاء الوعي، وزيادة الرسائل التوعوية العميقة، وخلق فضاءات جديدة من التفاعل البناء، والانتقال من مرحلة الشكوى إلى مرحلة العمل، ومواجهة التحديات وتحويلها إلى فرص.
وأعرب عدد من المشاركين في الحوار عن تفاؤلهم بالمرحلة المقبلة، مشيرين إلى أن الانتخابات المقبلة ستشهد أكبر نسبة مشاركة سياسية في تاريخ الأردن، وأن الشعب من أحزاب وعشائر ماضٍ نحو استحقاقاته الدستورية بثقة، وعلى هدي رؤى جلالة الملك.
وفي السياق ذاته، قال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية إن مداخلات المشاركين ستُدرس من ثمّ ستصدر توصيات حول واقع ومآلات التحديث السياسي، وسيُصار إلى عقد عدة ندوات لمناقشة الأوضاع الراهنة في المنطقة وتأثيرها على الأردن، خاصة مجريات الأحداث في كل من سوريا والعراق.