أخبار اليوم - تواجه دول منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما دول الطوق تأثيرات سياسية واقتصادية بسبب الحرب التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على غزة منذ 7 من تشرين الأول الماضي، في الوقت الذي ما تزال هذه الدول في مرحلة التعافي الاقتصادي من تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، والمخاوف من اندلاع حرب أخرى في منطقة منتجة للطاقة ما يؤدي إلى ارتفاع التضخم، والأسعار خاصة ارتفاع أسعار الوقود، وحركة الاستثمار والسياحة في المنطقة.
وكانت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، قالت خلال مشاركتها في مبادرة "مستقبل الاستثمار" في العاصمة السعودية الرياض أخيرا، إن الصراع بين إسرائيل وغزة، سيترك تأثيراً سلبياً على اقتصادات الدول المجاورة، ومنها الأردن.
ووفقاً للنصوص الدستورية الأردنية، يتوجب على الحكومة أن تقدم موازنة العام المقبل لمجلس الأمة قبل الأول من شهر كانون الأول المقبل، آخذة بعين الاعتبار الظروف الصعبة والمعقدة التي تمر بها المنطقة حالياً بسبب العدوان على قطاع غزة، وفي ظل المباحثات التي يجريها الأردن مع صندوق النقد الدولي في إطار المراجعة السابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.
مسؤولون وخبراء اقتصاديون أردنيون أكدوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن الحكومة تبني موازنة طوارئ في بنودها، وعليها ان تأخذ التحديات الإقليمية الراهنة عند إعدادها وتقديمها لمجلس النواب للسير في مراحلها الدستورية.
وأكد وزير المالية الأسبق محمد أبو حمور أن الأردن يبحث حاليا مع صندوق النقد الدولي تبني برنامج إصلاح جديد لدى انتهاء البرنامج الحالي في ربيع العام المقبل، ولا شك بأن الأحداث التي تشهدها المنطقة ستؤثر على الاقتصاد الأردني، ولاسيما ما يتعلق بقطاع السياحة وتدفق الاستثمارات وبعض الجوانب المتعلقة بالتجارة الخارجية وعلى الطلب الكلي محليا.
وتوقع أن تتأثر الإيرادات العامة في الموازنة العامة بفعل تراجع الطلب والصعوبات التي قد تشهدها بعض القطاعات الاقتصادية، ومن جانب آخر تبرز الحاجة لنفقات إضافية، وما تستدعيه التطورات من مساعدة القطاعات الاقتصادية المتضررة، عدا عن ضرورات تعزيز المخزون الاستراتيجي من المواد الغذائية والنفط، والحاجة أيضاً إلى زيادة الدعم المقدم لشبكة الأمان الاجتماعي، إذا ارتفع التضخم أو تأثرت أوضاع العاملين في بعض القطاعات الاقتصادية.
وقال أبو حمور، "من المهم أن تراعي موازنة العام المقبل الاستمرار في تنفيذ مشاريع وبرامج رؤية التحديث الاقتصادي، وتوجيه الإنفاق نحو الأولويات، وخاصة تلك التي تعمل على تحسين ظروف معيشة المواطنين، وتقديم الخدمات الملائمة لهم، والاهتمام بتنفيذ مشاريع تنموية بالشراكة مع القطاع الخاص، كما لا بد من التفكير بكيفية تعويض ما قد يحصل من تراجع في الإيرادات".
وأشار إلى أنه في ظل الظروف الحالية لا بد أن نعيد التذكير بأن الاقتصاد الأردني لديه الكثير من نقاط القوة التي تتيح له التأقلم والتكيف مع مختلف المصاعب والتحديات، والتجارب السابقة أثبتت أن الأردن قادر على التعاطي مع مختلف الظروف الطارئة بكفاءة وفعالية.
وأكد رئيس غرفتي تجارة الأردن وعمان، خليل الحاج توفيق، ضرورة وضع عدة سيناريوهات متعلقة بالموازنة، والتحوط لأي تطورات قد تؤثر على الاقتصاد المحلي.
وبين أن وضع خطط واستراتيجيات لآليات التعامل مع تطورات الحرب على غزة يوصل رسالة للمستثمر الأردني والأجنبي والمواطن أيضا، مفادها وجود عقلية اقتصادية أردنية واعية لتداعيات التطورات في المنطقة.
وأشار إلى أن الإيرادات الأردنية ستتأثر بشكل كبير خصوصا ما يخص الدخل المتأتي من السياحة الذي وصل نحو 5 مليارات دولار العام الماضي، وسيتأثر بشكل كبير بمجريات الإقليم، بالإضافة إلى حجم الاستثمارات المتدفقة نحو الداخل.
وقال المفوض في مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الدكتور نوح الشياب، إن عدم الاستقرار السياسي في المنطقة يضاف إلى الأزمات التي عاشها الاقتصاد الاردني خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي جعل نسب النمو بسيطة ولا تتجاوز 3 بالمئة، داعيا إلى ضخ السيولة من قبل السياسة المالية في السوق وإقامة مشاريع تنموية تعمل على زيادة الإنتاج وتخفيض البطالة.
وبين أن الحرب الدائرة على قطاع غزة، تستوجب وضع خطط احترازية للاقتصاد الاردني تبدأ بصياغة موارد ونفقات للموازنة المقبلة بصورة تأخذ بعين الاعتبار الآثار الاقتصادية للأوضاع الراهنة في المنطقة، وخاصة الحرب على غزة وطول أمدها. الكاتب والمحلل الاقتصادي، سلامة الدرعاوي، أكد أن حرب الإبادة التي يقوم بها الاحتلال على غزة سيكون لها تداعيات اقتصادية وخيمة على المنطقة، وتحديدا على الاقتصاد الأردني، مطالبا بإعداد موازنة طوارئ يتحوط فيها للتحديات الراهنة والمقبلة كافة، خاصة أن التحديات الاقتصادية ستكون باهظة الثمن على المملكة في حال استمرار حرب غزة.
وشدد على ضرورة تخصيص موارد مالية كافية لعدة اعتبارات، أهمها حجم وطبيعة الأوضاع الراهنة في المنطقة، وقدرة الحكومة على تخصيص الموارد اللازمة، والاعتبارات الاقتصادية والمالية العامة، داعيا إلى تبني مبدأ التحوط من خلال إعادة تقييم شامل لكل بنود الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، واتخاذ التدابير اللازمة لوقف النفقات التي ليس لها ضرورة اقتصادية.
وبلغ رصيد الدين الحكومي حتى نهاية شهر آب الماضي ما قيمته 44.6 مليار دولار أو ما نسبته 88.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، ووصل عجز الموازنة خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2023، إلى حوالي 1.6 مليار دولار.