أخبار اليوم - بعد أن حوله لهدف عسكري وحاصره بالدبابات لعدة أيام، اقتحم جيش الاحتلال مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، الأربعاء الماضي، وكرر ذلك أول من أمس، بزعم وجود مقر لقيادة حماس بطابقه الأسفل، وهو ما تنفيه الحركة مرارا.
وحول الأسباب التي تدفع الاحتلال لاستهداف مجمع الشفاء كهدف عسكري، يقول نائب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح صبري صيدم، إن الاحتلال وضع السيطرة على مستشفى الشفاء "عنوانا لسقوط غزة".
وحسب بعض التقارير والمنصات، فإن أسباب استهداف المستشفى هي "فشل جيش الاحتلال في إحراز أي نصر عسكري حتى الآن أو تحرير أي أسير من قبضة حركة حماس، فضلا عن خضوعه لضغوط الرأي العام الصهيوني، دفعاه لتحويل المستشفى لهدف عسكري ومحاصرته بالدبابات.
ومن الاسباب كذلك البحث عن شكل من النصر يظهر أنه دمّر مركز قيادة حماس داخل نفق مزعوم تحت مجمع الشفاء، كما روّج للرأي المحلي والغربي بأن المجمع الطبي يحتوي على مخازن لأسلحة حماس، فحوّله إلى محور عملياته العسكرية.
مجمع الشّفاء الطبي تحوّل منذ 2007 إلى قلعة نضال ضد الاحتلال، من حيث استضافته وفود كسر الحصار واحتضانه مؤتمرات صحية، فضلا عن بنائه لشراكات قوية مع المنظمات الدولية والصحية، وتحوّله في الحرب الحالية إلى مركز للمؤتمرات الصحفية.
وقال صيدم أن الاحتلال يسعى إلى كسر رمزية هذا المعلم الطبي بإلحاق أكبر قدر من الأذى والمشقّة بالفلسطينيين النازحين للاحتماء بمحيطه، لحرمانهم مِن الرعاية التي تقدّمها تلك المنشأة الطبية لهم.
ووفق تحليل نشره مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الأربعاء الماضي، فإن اقتحام الشفاء الطبي يمثّل تحديا أمام موقف كيان الاحتلال في الحرب بغزة، كما يمكن فهم ذلك في ضوء، أن دخول المستشفى يشكّل فرصة للجيش الإسرائيلي لتعزيز روايته بشأن استخدام حماس للمنشآت الطبية بالقطاع كبنية تحتية لأغراض عسكرية، للرد على الانتقادات الدولية لاستهداف المستشفيات.
ويقول المركز أن الاقتحام يفتح نافذة جديدة لزيادة الانتقادات الدولية للاحتلال وزيادة الضغط عليها، في حال عدم قدرتها على تقديم أدلة تعزز روايتها، كما أنه يمثّل اختبارا لمصداقية المعلومات الاستخباراتية التي تمتلكها دولة الاحتلال، خاصة بعد نشر الجيش مقطع فيديو لما يزعم أنها "غرفة عمليات حماس" تحت المستشفى.
من جهته، يقول مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" إن اقتحام ومحاصرة مستشفى الشفاء وبقية المنشآت الطبية في غزة، "عمل عدائي" يستهدف الفئات المحمية وفق اتفاقيات جنيف، وهم المرضى والجرحى والطواقم الطبية، والمدنيون من أصحاب الأمراض المزمنة من الشيوخ والأطفال والنساء، مضيفا في بيان:
تلك السياسة تتوّج سياسة العقوبات الجماعية التي تنتهجها إسرائيل من خلال عدوانها المستمر على غزة منذ 7 تشرين أول (أكتوبر) الماضي.
ويؤكد "شمس" أن المرضى والجرحى يتعرضون لسياسة "إعدام جماعي"، مضيفا أن رفع علم الإحتلال على مستشفى الشفاء الذي يعالج أطفالا حديثي الولادة وشيوخا وجرحى ونساء، لا يعد نصرا عسكريا إنما وحشية بحق المدنيين الأبرياء.
من جهته اعتبر الخبير العسكري الروسي، سيرغي ليونكوف، "أن إسرائيل تريد كسر رمزية تحوّل مجمع الشفاء الطبي كعنوانٍ لصمود حماس"، مضيفا أن "المشفى يأخذ حاليا دور حكومة غزة، سواء في مخاطبة الرأي العام أو احتضان المؤتمرات الصحفية التي تفضح جرائم الاحتلال، ومن ثم لا بد من إسكات صوته عبر تحويله لثكنة عسكرية إسرائيلية".
ويضيف الخبير الروسي " نرى تناقضات واضحة في الرواية الإسرائيلية، فمنذ البداية كان المستشفى يضم مقرا لقادة حماس، وبعد الاقتحام تبدّلت الرواية إلى أنه يضم أنفاقا".
ومنذ أيام، يتعرض مستشفى الشفاء ومحيطه وسائر مستشفيات القطاع لاستهداف مستمر بقصف الاحتلال، بزعم وجود مقاتلي حماس بداخله، وهو أمر ثبُت عدم صحته.
ويقول ليونكوف "أن المجتمع الدولي الداعم لإسرائيل، لم يعمل على تفنيد تلك المزاعم، ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى تكثيف عدوانه وشن "حرب مستشفيات" في غزة"، مضيفا أن "إسرائيل تبحث عن نصر وهمي، لذا حوّلت الشفاء إلى هدف عسكري، وتعد الآن رواية مصطنعة جديدة لمواجهة أي انتقادات دولية".-
(وكالات)