تصوير محمد العنانزه
أكد أعضاء الهيئة العامة لنقابة الصحفيين الأردنيين عن تضامنهم التام مع الأهل في قطاع غزة، وكل فلسطين ومع زملائهم الصحفيين في مواجهتهم لحرب الإبادة والمسعورة التي يشنها عليهم جيش الاحتلال الصهيوني.
وتحدث خلال الوقفة التضامنية التي دعت لها نقابة الصحفيين الأردنيين، اليوم الأربعاء، أمام مبنى النقابة كل من وزير الاتصال الحكومي الدكتور مهند مبيضين ونقيب الصحفيين الأردنيين راكان السعايدة وعددا من الزملاء أعضاء مجلس النقابة والهيئة العامة بحضور حشد كبير من الزملاء الصحفيين في مختلف وسائل الإعلام الأردني.
وفيما يلي كلمة نقيب الصحفيين الأردنيين راكان السعايدة:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه
قال تعالى: "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ". صدق الله العظيم
الزميلات والزملاء الكرام..
نحن لا نقفُ هنا اليوم نُصرةً لأهلِ فَلسطين.. ولا نقفُ نصرةً لأهلِ غزة.. ولا نقفُ نصرةً لأهلِ المقاومة..
نحن هنا اليوم.. أهلُ فَلسطين.. وأهلُ غزة .. وأهلُ المقاومة..
المقاومةُ التي بطوفانِها على الاحتلالِ الصهيوني.. أعادت لنا كرامَتنا وعزَّتَنا.. وأعادت القضيةَ الفلسطينيةَ لتكونَ أولويةَ العالمِ كلِّه، بعد أن وُضِعَت عمداً وبتدبيرٍ في ذيلِ الأولويات..
المقاومةُ التي كسرت هيبةَ الاحتلالِ وأذلَّته.. وأثبتت لنا وللعالمِ، أن هذا الاحتلالَ هشٌّ مُتَداع.. وأنَّ قوَّتَهُ التي لا تُقهر.. محضُ وهم.. وجَبَروتَهُ أكذوبة..
واليوم.. هذا الكيانُ الصهيونيُّ الذي فشلَ سياسياً وعسكرياً واستخبارياً .. ينتقمُ انتقاماً مسعوراً.. ويشنُّ حربَ إبادةٍ همجيةٍ بحقِّ أهلِنا في قطاع غزةَ الصامدِ المُرابط.. وهذا الانتقامُ دليلُ ضعفٍ وأزمةٍ وجُبن، لا قوةً وشجاعة.. انتقامٌ مِن نتانياهو المأزومِ وجيشِه المهزومِ.. وفي جزءٍ من هذا الانتقام:
أولاً : شخصيٌّ، لأن المستوياتِ السياسيةَ والعسكريةَ والاستخباريةَ تعلم يقينا انها ستُحاكَم وتُطرد..
ثانياً: وفي جزءٍ منه محاولةٌ لتحقيقِ نصرٍ في غزةَ يستردونَ به الهيبةَ وثقةَ الصهاينة.. وأقول: لن تنتصروا ولن تستردوا هيبَتَكُم وكرامتكم.. فجندُ الله في غزةَ حطموها إلى الأبد..
ففي غزةَ مقاومةٌ باسلةٌ جسورةٌ شُجاعة.. وشعبٌ جبارٌ صامدٌ لا ولن يتزحزحَ عن حقِّه، وعن أرضِه، ولن يخذل مقاومته.. دفعَ ويدفعُ الآنَ من دمِه فداءً لفَلسطينَ وقدسِها ومقدساتِها..
الزميلات والزملاء..
وعلينا أن نعرف، ويُفترضُ أننا نعرفُ أنَّ هذا الكيانَ رأسُ رمحٍ وقاعدةٌ متقدمةٌ للغربِ الاستعماريِّ الذي تقودُه أميركا للهيمنةِ على المنطقة.. وحمايةِ مصالحِها ..
وهذا الغرب أدركَ أن هذا الكيانَ يكادُ أن ينتهي، فهبَّ بزعمائه وسياسييه وحاملاتِ طائراته وقواتِه الخاصةِ لإنقاذِه والإبقاءِ عليه..
بل هذا الغربُ وبأبشعِ الصورِ وأحقرِها، شاركَ بأشكالٍ مختلفةٍ في الجرائمِ والتطهيرِ والإبادةِ التي يمارسُها الكيانُ بحقِّ أهلِنا في غزة..
ألمْ يقلْ الرئيسُ الأميركيُّ غير المتزن لو لم تكُن إسرائيلُ موجودةً لأوجدناها.. ألم يقلْ المعتوه نتانياهو إنَّ كيانَهُ يواجهُ الآنَ تهديداً وجوديا؟..
نعم، لقد سقط الغربُ وأنظمتُهُ الرسميةُ سقوطاً مدوياً في امتحانِ القيمِ الأخلاقيةِ والإنسانية.. سقط في امتحان القوانينِ والمواثيقِ والمعاهداتِ الدولية، وانكشفَ وجهُهُ القبيحُ ونفاقُه..
وعلينا أنْ لا نقبلَ منهُ مِنَ الآن أنْ يُنظِّرَ علينا بالقيمِ الإنسانيةِ والأخلاقية، وحقوقِ الإنسان، وحقوقِ المرأة، وحقوقِ الطفل.. والحرياتِ.. وفي أيِّ شأن..
لا نقبل منه ولا من أدواته الممولة المنافقة التي غرست في قلب الأمة لتهشيم قيمها وثوابتها.
الزميلات والزملاء..
لا الكيانُ المسخ.. ولا الغرب المنافق المتواطئ.. شكَّلَ لَهُم استهدافُ الصحفيينَ أيَّ معنى أو قيمةٍ ولم يتركْ فيهِم أثرا، منا شهداءُ تقبَّلهُم الله، ومنا جرحى شافاهم الله، ومؤسساتٌ صحفيةٌ وإعلاميةٌ استُهدِفت بالقصفِ ودُمِّرت، ونعزّي زميلَنا من قناةِ الجزيرةِ وائل الدحدوح الذي فقدَ أفراداً من أسرته، تقبّلهم الله، وهو يؤدي الواجب، في استهدافٍ مقصودٍ لإرهابهِ وإسكاتِ صوتِه، ولإخراجِهِ هو وكلَّ الزملاءِ في الميدان، ميدانِ الشرف، من دائرةِ الفعلِ الإعلامي..
والاحتلال يستهدفُهم لأنه:
لا يريدُ أن يسمعَ الرأيُ العامّ العالميُّ ويرى جرائمَهُ بحقِّ الإنسانية، بحقِّ شعبِنا في غزة، وأنْ يبقى أسيرَ الروايةِ الصهيونيةِ الزائفة، لأنهُ لا يريدُ لهذا الرأيِ العامّ أنْ يتحركَ ويتفاعلَ بزخم حاسم مع ما يجري للضغطِ على أنظمتِه لوقفِ هذهِ الإبادة..
ولا يريدُ توثيقَ جرائمِهِ وعنصرِيَّتِه.. لأن التوثيقَ سيكونُ مِن الأدلةِ والقرائنِ التي يمكنُ الاتكاءُ عليها عندَ مقاضاتِهِ على جرائمِه الوحشية أمامَ المحاكمِ الدولية، وبخاصة المحكمةِ الجنائيةِ الدولية.
لذلك هو لا يريد شهود.. لا يريد للعالم أن يسمع سردية غير سرديته.. ولا يريد للعالم أن يرى إلا ما يرده هو.. عبر الإعلام الصهيوني، وذلك المتصهين..
ولقد اكتشفنا مدى حاجتِنا لإعلامٍ ناطقٍ بكلِّ اللغات، ينقلُ الروايةَ الفلسطينيةَ الصحيحةَ ويُفنِّدُ مزاعمَ السرديةِ الصهيونيةِ المُفبرَكة ويكشفُ بشاعةَ الاحتلالِ وهمجِيَّتَه.. ويكشفُ زيفَ مواقفِ وقيمِ الدولِّ الغربيةِ في مستواها الرسمي..
نحتاج مثل هذا الإعلام لأن إعلام الغرب سقط سقوطا مخجلا ومهينا قيميا وأخلاقيا ومهنيا..
الزميلات الزملاء..
مِنْ هنا.. مِن عمّان.. من أردنِّ الحشدِ والرباط، ومن بوابةِ نقابتِكُمُ العتيدة، نوجِّه أحرَّ التحيةِ إلى أخوتِنا وزملائنا الصحفيينَ الفلسطينيينَ، المدافعينَ عن صوتِ الحقِّ الكاشفينَ للعالمِ أجمعْ فظائعَ وفضائحَ وجرائمَ الاحتلالِ الغاشم، حراسِ الكلمة الحقِّ والصورةِ الحقيقيةِ لصمودِ أهلِنا في فَلسطينَ الأبيةٍ في وجهِ أشرسِ وأقبحِ عدوانٍ في تاريخِنا المعاصر.
ونقولُ لهم: نحنُ معكُم ولكُم.. بكل ما نستطيعُ، وجاهزون لتلبيةِ أيِّ مطالبَ أو احتياجاتٍ يمكنُنا أن نقدِّمَها لكُم دعماً وإسناداً للجهودِ الكبيرةِ التي تقومون بها لكشفِ جرائمِ الاحتلالِ الصهيونيِّ وفظائعِه بحقِّ أهلنِا في فَلسطينَ وغزةَ الصامدة.
الزميلات.. الزملاء..
مِنَ المؤسفِ أن أقولَ إنَّ الدولَ العربيةَ والإسلامية، أو بعضَها على الأقل، لم ترتقِ في مواقفِها إلى مستوى الحدث، ولم يهزُّها هزّاَ قوياً الإجرامُ الصهيوني.. ولم يستفز نخوتها..
هو فقط الأردن، ملكاً وحكومةً وشعباً.. يقفونَ موقفاً صلباً قوياً نصرةً لغزةَ ولفَلسطينَ وللقضية.. وفَلسطينُ وقدسُها ومقدساتُها كانت وستبقى للأردنِّ أولويتَنا الأولى.. وعلينا أنْ نُسنِدَ دوماً موقفَ الدولة المتقدمَ..
وأنْ نحافظَ على جبهتِنا الداخليةِ قويةً متماسكةً لا يتسللُ إليها عابثٌ أو متآمر .. فالكيانُ الصهيونيُّ يحاولُ أن يُشغِلَنا بأكاذيبَ وافتراءاتٍ ليخلقَ مشاكلَ وأزماتٍ وفتناً داخليةً لننشغلَ عن فَلسطين.. وعلينا أن نكونَ واعينَ حذرينَ نُفوِّتُ عليهِ عبثَه ونردَّ كيدَه إلى نحرِه..
وبما أنَّنا بإزاءِ قمةٍ عربيةٍ وشيكة.. فالمطلوبُ اليومَ من الشعوبِ أن تضغطَ على أنظمتها وحكوماتِها لتقويةِ مواقفِ بعضِها، وتعديلِ مواقفِ آخرى..
ورغم أن القمم العربية عوَّدتنا على الخذلانِ والإنشاء.. إلا أننا نأملُ هذه المرةَ في القمةِ المزمعةِ بعد عشرةِ أيام، إن عقدت، أنْ تتخذَ موقفاً حازماً حاسماً وعمليا من الكَيان يفضي إلى مراجعة العلاقات معه مراجعة شاملة وجدية للجمه.. وأنْ تتخذَ موقفاً قوياً صلباً وفاعلا ومؤثرا حيال دولِ الغربِ لوقفِ العدوانِ على غزة.. وإنهاءِ الاحتلال.
فالدولُ العربيةُ والإسلاميةُ مطالبةٌ اليومَ بأن تتدخلَ بكل قوة، بلا تهاونٍ أو تخاذل، لنصرةِ فَلسطينَ وشعبِها ومقاومتِها لإفشالِ مشروعِ تصفيةِ القضية، لتحميَ حق الفلسطينيين بإقامةِ دولتِهِم وعاصمتُها القدسُ الشريف، ولتحميَ أنظمتَها ذاتها من مؤامراتِ الصهاينة، فأطماعُ هذا الكيانِ السرطانيِّ أوسعُ وأبعدُ من حدودِ فَلسطين..
الزميلاتُ والزملاء..
أُحيّيكُم جميعا، وأشكرُكُم على حضورِكُم ووقفتِكم، فهذا أقلُّ ما يمكنُ أن نفعلَه لنقولَ للأشقاء، أشقاءِ الدمِ والمصير، إنّا معكُم، نشدُّ أزرَكم، ونقوّي عزيمتكم، ونقولُ لكُم أنتُم عزُّنا وفخرُنا.. ومبعثُ أملِنا ورجائِنا.. فالنصرُ، بإذنِ الله، آتٍ على أيديكم..
عاشت فَلسطينُ حرةً أبيةً عصيَّة ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته