.من ضمن الأفلام التي ظهرت في غزة, رجل من خلف كاميرا الموبايل يصرخ حين وجد مزرعة للموز في إحدى المستوطنات: (هي الموز يا أم الياس.. أم الياس جبتلكي موز..) ثم أكمل: (الموز اللي نفسك فيه يا أم الياس...).. يبدو أن (أم الياس بتتوحم).
أطربني هذا المشهد, وأظن أن (أم الياس) أكلت من موز فلسطين, وأظن أنها فرحت كثيرا به...للعلم (أم الياس), ليست من الأعضاء الفاعلين في الجمعيات النسائية في غزة.. هل يوجد جمعيات (أن جي أوز) أصلا في غزة؟...(وأم الياس) لاتذهب مع صديقاتها في الصباح لشرب (اللاتيه) في مقهى (ستار بوكس).. وأجزم أنها أيضا لم تشارك في مؤتمرات حول تمكين المرأة, ولم تقدم مداخلة باللغة الإنجليزية.. هل توجد مثل هذه الأشياء في غزة؟.
(أم الياس) في زمن الحرب, يندلع الحب مثل الرصاص.. وزوجك لم يتذكر ما يحب بل تذكر ما تحبين أنت, هل تعرفين يا ابنة العم والهوى (غزي) أن هذا الفيديو طاف في العالم بأكثر مما طافت قصائد نزار قباني, وهل تعلمين يا ابنة العم أنك صرت أشهر من بلقيس.. وأشهر من ليلى التي كانت مريضة في العراق, وأن (جولييت) ليست مثلك أبدا.. على الأقل (روميو) عشقها في زمن الرخاء بالمقابل (أبو الياس) ذهب ليحضر الموز والرصاص فوقه, وأعتى الة حرب وإجرام في العالم تترصده.
(أم الياس).. أحلام مستغانمي يجب أن تتعلم منك, أن اللغة العربية لا تصبح لغة إن لم تكتب في غزة.. وكل قصائد سعاد الصباح ليس لها مذاق في الروح مثل صوت زوجك الفرح بالهدية التي سيحضرها لك, حتى محمود درويش أحزن عليه فقد مات قبل أن يستمع لهذا المقطع من الفيديو...والله لو أنه سمع اسمك لاستغنى عن ريتا وعن عيون (ريتا) وكتب أجمل قصيدة في (أم الياس).
في إسرائيل حلم المرأة سهل التحقيق, وهو أن تسافر مع زوجها لإيطاليا هذا الصيف وتسبح في الشواطئ الجنوبية وتتناول البيتزا الإيطالية, لكن حلم (أم الياس) أن تتناول الموز فقط لأنها (بتتوحم).. هذه المعركة كانت بين الثراء الفاحش والقوة الفاحشة.. وبين الفقر المؤلم.. والحمد لله انتصر فقرنا على كل الثراء الموجود لديهم, فالله مع الفقراء ولن يخذلهم أبدا..
سلامي (لأم الياس).. سلامي (لليانس) الذي ترتدينه الان في زمن القصف وتلمين الأولاد أسفله..وأعرف أنهم يستمعون لضربات قلبك المتسارعة, لكن لا عليك.. سلامي للجنين الموجود في الرحم الطاهر الشريف الحر, ورحمك يا ابنة العم.. أظنه أهم مصنع في عالمنا العربي لإنتاج الفداء والرجولة والكبرياء.. سلامي للصبح الذي يتوضأ بطهر وجهك, سلامي للأكف الضارعات لله, سلامي لشقيقاتك الصابرات في غزة..
وأعرف يا ابنة العم والهوى (غزاوي), أن حلمك صغير جدا, وأعرف يا ابنة العم أن فرحك أحيانا يكون قصيرا جدا.. لكن تأكدي أن الذين عاشوا وولدوا على تراب غزة, ذات يوم سيدخلون التاريخ من بوابات ذهبية.. وستتعلم الأجيال الجديدة في عالمنا العربي والإسلامي أن اللغة العربية لاتستقيم إلا على صفحات الكتب في غزة, وأن البندقية لا تنطق إلا باليد (الغزاوية)...وأن العروبة كلها اختصرت بين مخيم الشاطئ وخان يونس, وأن البحر حتى البحر قد خجل من صلابتكم ورجولتكم.
أم الياس.. كل قصائد ليلى اندحرت من التاريخ, وكل كتب الغرام, وكل روايات الحب.. لأنها أصلا كلها محض خيال, أنت الحقيقة الوحيدة في العشق...
حماك الله يا أم الياس.
Abdelhadi18@yahoo.com