يشكل وقت الفراغ «السلبي» مشكلة حقيقية يبلغ مداها الى حدود الخطر الذي يهدد مسيرة الشباب وتطلعاتهم المستقبلية، ويدفع نحو ارتكاب الكثير من الأخطاء والسلوكيات المرفوضة.
وعند الحديث عن وقت الفراغ، فأن تلك الحالة مرتبطة بشكل رئيسي مع البطالة ومحدودية فرص العمل، الأمر الذي يؤثر سلباً على معنويات الشباب وقدراتهم في التصدي للمعيقات التي تواجههم، ما يحد من مؤشرات الثقة لديهم والتصميم والارادة.
ويدخل الشباب في حلقة «مفرغة»، ويصبح الشغل الشاغل كيف يمكن أن يمضي الوقت وبأي طريقة أو أسلوب، ذلك أن الشاب يمضي وقته بلا هدف أو أي طموح، وهنا يبدأ مسلسل ارتكاب الأخطاء نحو الوقوع في المحظور، من سهر وتعاطي المشروبات الروحية والمخدرات ومن ثم التغول أكثر في طريق الخطأ.
ويعرف الكثير من المختصين وقت الفراغ، بأنه الشيء المهم الذي يحتاجه الانسان، لكن الاختلاف يكمن بين شخص وأخر بطريقة استغلاله، فهو أشبه بسلاح ذو حدين، ذلك أن هناك من يعاني بعدم توفر وقت فراغ كاف يدفعه نحو مواصلة انجاز عمله بالصورة المطلوبة، وهناك من يدخل في مدارات الممل وهنا ما نقصده تحديداً لدى الشباب الذين لا يتحصلون على فرص عمل تذيب هذا الوقت «القاتل».
ظواهر سلبية
يؤدي وقت الفراغ لدى الشباب الذي لا يعملون ويعانون من البطالة في ظل محدودية فرص سوق العمل الى التصاعد الملحوظ في مؤشرات الشعور بالملل والضجر واليأس من الحياة، الأمر الذي يجعل الأفكار السلبية تسيطر بشكل واضح على قراراته والتي تنحصر فقط في الاحداث والسلوكيات السلبية.
كما أن وقت الفراغ «السلبي» يدفع في كثير من الآحيان الى الاحساس الدائم بالكآبة وسوء الحالة النفسية، وهي ما يوصفها المعنيون بأنه أخطر المظاهر السلبية لوقت الفراغ، وتؤدي بالطبع الى ارتكاب الكثير من السلوكيات الخاطئة والتي تهدد حياة الفرد، وهنا تتعدد حالات تعاطي المشروبات الروحية والمخدرات ومن ثم ارتكاب الجرائم وآحياناً كثيرة فأن فقدان الرغبة والاحساس بالملل والكآبة قد يدفع نحو الانتحار.
ودون أدنى شك فان الفراغ وبحسب الكثير من الخبراء والمعنيين يعد أبرز المعوقات التي تؤثر سلباً على جوانب الإبداع الشبابي، ومع تأثيراته السلبية فأنه يمهد الطريق للوقوع في الكثير من المحظورات والجرائم بشتى أنواعها.
تشير دراسات عالمية مختصة أن التأثير الفردي لحالات وقت الفراغ «السلبي» تؤثر بشكل مباشر على المجتمع وأبرزها ارتكاب الحرائم نتيجة سوء الحالة النفسية والشعور الدائم بالملل والضجر والكآبة، كما أن السلوكيات الخاطئة ترفع نسب انهيار العلاقات الاجتماعية ما يؤثر سلباً على قوة وتماسك المجتمع، وهنا يبرز دور الأسرة في التربية والتنشئة الصحيحة للأطفال، وهذا بحد ذاته محور مهم وأساسي.
كما أن دراسات اعدها خبراء في المجال النفسي أشارت بوضوح أن الكثير من مرتكبي الجرائم هم بالأساس يعانون من حالات نفسية سيئة جراء تراكمات سلبية عديدة، ما يعني أن أوقات الفراغ «السلبية» والبطالة تحديداً لدى فئة الشباب توفر أرضية خصبة لتلك الممارسات الخاطئة.
وكشفت نشرات خاصة عن القضايا المالية التي يعاني منها فئة كبيرة من المجتمع أن الشباب يشكلون نصيب الأسد في تلك القضايا، ما يفسر المطالبات المالية العديدة على كثير من الشباب الذي أخفقوا في التعامل مع المعيقات التي تواجههم وأختاروا طرق غير شرعية ما أوقعهم في المحظور.
واستنادا الى ما سبق فأن هناك من يدعو دوماً الى أهمية تعزيز النشرات التوعوية التي تظهر الجوانب السلبية لأوقات الفراغ الطويلة والخطر الذي تشكله على الفرد والمجتمع وعرض الطرق الصحيحة للتعامل معه وفق أساليب علمية تعود بالفائدة لا الضرر.
ويجمع الخبراء على أهمية تعزيز مؤشرات الثقة بالنفس لدى الشباب تحديداً وزرع صفات التحدي والاصرار والقدرة على مواجهة التحديات، وتحويل الصعاب الى فرص حقيقية، كما أن ممارسة الهوايات المفيدة من قراءة الكتب والرياضة تسهم بتعزيز شعور الرضى والثقة بالنفس الى جانب التواصل الدائم مع العائلة والأصدقاء الصالحين، والعمل على المشاركة في المجالات التطوعية ما يسهم بتعزيز المهارات وصقل الشخصية بصورة صحيحة الأمر الذي يولد الكثير من الفرص.
وفق ما سبق فأن وقت الفراغ الذي يتأتى من البطالة وعدم توفر فرص العمل يعد خطراً حقيقياً على الفرد وتحديداً الشباب، الأمر الذي يتطلب البحث في الأسباب وطرح المشاكل والمعقيات والعمل على تداركها عبر حلول عملية وسريعة، وهنا تبرز أهمية فتح فرص جديدة في سوق العمل ما يؤدي الى تراجع نسب البطالة التي تعد السبب الرئيس في الظواهر السلبية لأوقات الفراغ، كما أن تعزيز ادوات الرقابة من الأسرة تحديداً تبدو مسألة غاية في الأهمية.
(الرأي)