أفخر بأن اسم والدي ارتبط بانتصار معركة الكرامة

العمل الحزبي يحتاج بعض الوقت لينضج سياسياً

نشأ في بيت عروبي «مشرّع»، عماده قائد في الجيش العربي «الجيش الاردني»، كان ينظر الى الأُردن بإنه مشروع نهضوي وحدوي، فهو بمعتقده أكبر من دولة تقليدية وله رسالة تتجلى في نصرة كل القضايا العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

حظي بـ«دلال» الوالد، كونه أصغر الأبناء، فاكتسب من مرافقته وحضور جلساته ولقاءاته شخصيات وطنية وعربية وفي أسفاره وعياً مبكراً في العادات والتقاليد الأصيلة والحياة الاجتماعية وما يجري في الوطن ومحيطه من أحداث، وكذلك وعياً دراسياً أهلّه لدخول الجامعة، قبل أن يواصل دراساته العليا خارج حدود الوطن.

يؤمن بأن الكفاءة ستأخذ بصاحبها الى حيث يريد، وعلى صعيده الشخصي فقد فضل العمل الخاص على الوظيفة الرسمية، لأنه يجد فيه أكثر تحركاً، وأكثر تحرراً.

في عمل المحاماة، يقود شركة تتميز بعمق الخدمات الاستشارية والقانونية، محلية وعالمية وحكومية وخاصة، ما مكنه من حل الكثير من النزاعات القانونية المعقدة في عديد المجالات والاختصاصات الوطنية والعالمية.

يمتلك خبرة واسعة في اعمال الشركات وقانون التحكيم التجاري والتعاملات الدولية، كما يعمل مستشاراً ومحكما ً في قضايا تحكيمية دولية عديدة.

وبتمثيله الحكومة الاردنية في بعض القضايا المرفوعة ضد الاردن، استطاع برئاسته لفريق محاماة أن ينجح في تسوية نزاعات وصلت قيمتها المالية أكثر من مليار دولار أميركي، لصالح الحكومة.

وفي المجال الأكاديمي يحرص على إلقاء محاضرات في مؤتمرات دولية في موضوعات، التحكيم في الأُردن والتحكيم في الاستثمار، والتحكيم في الإسلام ومطابقته لقوانين التحكيم العربية، وغيرها من موضوعات في هذه المجالات.

د.م. عمر مشهور الجازي، يحمل في فكره مشروعات قانونية وملفات، يمكن اختصارها بـ«الكفاءة الاردنية التي لا تقل عن كثير من كفاءات عالمية عندما يتوافر للشباب الاردني مناخ الإبداع وتكون قصة نجاح لمواطنين منتجين وفاعلين على الساحة الدولية في تبني قضايا وطنهم»

الجازي يروي لـ» استراحة الرأي» رحلته التي بدأت برعاية والده المرحوم الفريق الركن مشهور الجازي أحد ابطال معركة الكرامة عام ١٩٦٨و التي لقن فيها الجيش العربي (الاردني)، الجيش الاسرائيلي درساً، اعاد للأمة فيها كبرياءها، ودحض غرور العدو الذي كان يرى في غطرسته «الجيش الذي لا يُقهر».

النشأة والدراسة؟

نشأت في أسرة يسودها الانضباط والاحترام بين أفرادها، متمسكة بالقيم والعادات والتقاليد الاردنية الأصيلة، الى جانب العرف الاجتماعي الذي يحمل إرث القبيلة والعشيرة، ولكنها في الوقت ذاته تقيم في بيت عروبي منفتح على عالمه العربي والإسلامي، مكانه الأُردن الضارب. جذوره وانتماؤه في هذا العالم الممتد من محيطاته الى خلجاته.

وتعود تربية هذه العائلة التي تنتسب الى قبيلة الحويطات في جنوب المملكة الى ما سار عليه الآباء والأجداد وحرصهم على المبادىء التي نشأوا عليها وتحلوا بها، وتمسكهم بقيمهم الوطنية، وهي مبادىء وقيم اخذ بها والدي المرحوم الفريق الركن مشهور حديثة الجازي، وأنشأنا عليها نشأة عروبية اسلامية.

كما غرس في نفوسنا بأن الأردن ما هو الا «المشروع النهضوي الوحدوي الذي لا يرى للحدود وجوداً، ويؤكد ذلك الشعار الذي يحمله العسكري الاردني، والموسوم بـ «الجيش العربي»، يضاف الى ذلك تشكيل الحكومات التي تولى رؤساؤها وهم شخصيات من بلاد الشام في بدايات تأسيس الإمارة.

واستطيع القول، إنني افخر بأن يرتبط اسم والدي بانتصار معركة الكرامة الخالدة.

على صعيد الدراسة فقد تلقيت تعليمي في الكلية العلمية الاسلامية، بعد أن انتقلت العائلة الى عمان قادمة من الزرقاء التي كانت تحتضن معسكرات للجيش.

في الثانوية العامة، حصلت على معدل عالٍ أهلني لدراسة الحقوق في الجامعة الاردنية وحصلت على شهادة البكالوريوس في القانون عام ١٩٩٢، مع أن رغبة والدي كانت بأن ادرس زراعة، والسبب في تلك الرغبة، لإدارة الأراضي الزراعية التي يملكها، وبعد عامين حصلت على الماجستير في قانون التجارة الدولية من بريطانيا، فبل أن أحصل عام ١٩٩٩ على الدكتوراة في قانون التحكيم التجاري الدولي من بريطانيا، أيضاً، وفي عام ٢٠١٧ حصلت على دبلوم في القانون النووي الدولي من فرنسا.

العمل العام؟

البداية كانت في تأسيس مكتب محاماة يتعلق بالخدمات الاستشارية القانونية والمعاملات التجارية والمالية والنزاعات القانونية المعقدة، كما مثلت الحكومة الاردنية في قضية تحكيم مرفوعة لدى المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار ضد الاردن وقيمتها ٨٠٠ مليون دولار أميركي وكانت تسوية القضية لصالح الحكومة، وقضية تحكيم رئيسية في غرفة التجارة الدولية رفعتها شركة تركية للطاقة بقيمة ٤٦٠ مليون دولار أميركي وتم النظر بالقضية في باريس وكانت التسوية لصالح الاردن، وفي قضية أُخرى كلفت كمستشار للحكومة من قبل هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، رفعتها شركة اورانج العالمية أمام المركز الدولي لتسوية الاستثمار ضد الحكومة الاردنية، وكانت التسوية لصالح الاردن.

كذلك مثلت الحكومة الاردنية لدى لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية لمدة امتدت الى سبع سنوات، وعضواً في مجلس ادارة صندوق الائتمان العسكري لمدة اربع سنوات، وعضواً في لجنة الحوار الوطني (2011) التي عملت على صياغة قانوني الانتخاب والاحزاب السياسية، وعضواً في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية (2021)، وعضواً في لجنة تطوير الجهاز القضائي، وأحد ثلاثة خبراء دوليين قاموا بصياغة الاستراتيجية الوطنية لهيئة مكافحة الفساد في الأردن في عام 2008 والتي صارت لاحقاً تحمل اسم هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، كما شغلت عضواً في مجلس ادارة شركة تطوير العقبة، وأشعل حالياً عضو مجلس ادارة مؤسسة الملكة رانيا ورئيس مجلس أمناء جامعة عمان العربية.

انتساب الشباب الجامعي للأحزاب؟

الشباب/الشابات بمكونهم العام، ومنهم طلبة الجامعات، هم القوى المحركة لكل عمل وطني، اما في الجانب السياسي وهو الانتساب للأحزاب، اعتقد أنه يحتاج الى وقت للوصول الى نضوج سياسي يجعل من الحياة الحزبية واقعاً ملموساً ويقوم به الشباب وغيرهم من الشرائح المجتمعية كأي نشاط مجتمعي آخر.

وعندما اقول يحتاج هذا الى وقت، لأن هناك تجارب تاريخية سابقة، أثّرت على حماس وحياة الناس الذين كانوا منتسبين لتلك الاحزاب، الى جانب فقدان كثير من الأفراد الثقة ببعض القادة الحزبيين، ولا ننسى أن الظروف الإقتصادية الحالية، وحتى في سنوات خلت، ما تزال تؤثر على الناس بعدم الانخراط بالعمل الحزبي، اذ يروا أن تأمين الإقتصاد لتحسين أحوالهم الحياتية مقدم على السياسة.

ولكن هذا لا يعني أن لا يقدم الطلبة الى الانتساب الحزبي، شريطة أن لا يكون على حساب العملية التعليمية، والتأثير على المناخ الجامعي واشاعة الفوضى او العنف داخل حرم الجامعات.

ماذا عن تجربتك في العمل الحزبي والنيابي؟

كان للبيئة التي عاشتها الأسرة في ظل وجود المسؤول الأول عنها وبصفة عسكرية، وأعني والدي، وتوجيه أبنائه للتعليم، دور في عدم التفكير بالعمل السياسي، أو الحزبي، ليظل هدفنا جميعاً اخوان واخوات الاهتمام بالدراسة والتفوق فيها، وهو ما تحقق في نهايات المراحل الثلاث في المدارس.

ولا أُخفي أن والدنا كان حريصاً، أيضاً، على أن نحافظ على عاداتنا وتقاليدنا الاردنية السمحة وواجباتنا الدينية، وتوجيهنا نحو مساعدة الآخرين، والعمل على التماسك الاجتماعي.

وكذلك في ما يتعلق بالعمل النيابي، فإننا لم نفكر في الترشح للإنتخابات، ولكن المشاركة في هذا العمل ما يدعو اليه الواجب الوطني والمؤازرة المجتمعية من خلال التصويت، وتحمّل الناس مسؤولياتهم.

كيف ترى الإعلام الاردني؟

بشكل عام، هناك فوضى إعلامية يقودها المواطن لوجود وسائل وأدوات الاتصال الحديثة، أو ما يسمى بالتواصل الاجتماعي التي إتاحتها التكنولوجيا في العالم، وهذا إعلام مرفوض، لأن الاعلامي له استحقاقات، سواء في امتهان الاعلام والتخصص فيه أو في مجال التدريب والتطوير والعمل بموجب اصول وأخلاقيات المهنة.

بالمقابل فإننا على المستوى العام، نرى أن هناك ضعفاً في الاعلام الرسمي، وهذا يعود الى كثير من الأسباب، منها طبيعة وخصوصية هذا الاعلام من حيث عمليات النشر المحكومة لعامل الوقت كما في الصحف الورقية، على عكس وسائل الاعلام الاخرى التي تنشر الخبر حال وصوله او الحصول عليه، وكذلك مصادر المعلومة او الخبر والذي عادة ما يكون الكشف عنه متأخراً، في حين أن الوسائل الحديثة لا تراعي موافقة المصدر أو التأكد من دقته.

ولا يفوتني أن أُشير الى بعض العوامل التي أضعفت الاعلام الرسمي، حيث السقوف منخفضة وضعف تمويل مؤسساته ورواتب وحوافز العاملين فيها، وعدم الاستثمار في التدريب وتطوير المهارات، ما أدت هذه العوامل الى هجرة الكفاءات الاردنية الى الخارج والتي اثبتت تلك الكفاءات قدراتها ونجاحاتها، أو الالتحاق بمؤسسات القطاع الخاص.

وهذا ما يدعو الى ضرورة دعم الحكومة للاعلام بداية بـ«الرسمي» والمؤسسات التي تعمل كذراع لها، وصولاً الى إعلام الدولة الذي يقوم بالدفاع عن الوطن في قضاياه والتصدي لما يستهدفه الاعلام الخارجي من تشويه الحقائق أو الأخبار المضللة «حرب الاشاعات».

توجيهك لأسرتك؟

ما تعلمناه من والدنا رحمه الله، نحاول أن نتعامل به مع أفراد الاسرة، رغم تغيّر الظروف، اذ الحرية المنضبطة، والاهتمام بالتعليم، وقد شقت ابنتي فرح طريقها وبرغبة منها، وهي في السنة الاولى لدراسة علوم سياسية، في حين عون ومشهور ما يزالان على مقاعد الدراسة في المدرسة.