د. نسيم أبو خضير
يعمل البعض على تشويه مصداقية العمل الحزبي في أداء رسالته الوطنية ، من خلال بث الإشاعات التي لاتمت إلى الحقيقة بصلة ، تارة عن طريق بعض الحزبيين الذين يروجون لأحزابهم بأنهم مدعومون ، وفوزهم مضمون لتشكيل الحكومة القادمة ، وتارة عن طريق بث اليأس لدى الراغبين الإنخراط في الأحزاب ، بأن المقاعد النيابية الواحد والأربعين وغيرها مقسمة ، ومن سيدخل مجلس النواب معلوم لدى الأجهزة الأمنية من الآن ، والإنتخابات النيابية ماهي إلا مشهد صوري ، فحزب "س " له خمسة نواب ، وحزب "ص" له ثمانية نواب ، وحزب " ع" له ستة نواب ، وأحزاب اليسار والمعارضة لكل حزب منها نائب أو نائبان ، وهكذا .
ونسي هؤلاء أو تناسوا أن الهيئة المستقلة للإنتخابات تنطلق
من توجيهات جلالة الملك في حياة سياسية ديمقراطية أساسها النزاهة والشفافية وسيادة القانون ، وأن الأحزب السياسية وسيلة مشروعة للتنمية السياسية ، يتوجب عليها تنمية الثقافة الحزبية لدى منتسبيها ، بتعضيد فهم رؤية الأحزاب التي تعبر عن آمالها وتطلعاتها المستقبلية وأحلامها التي تبغي الوصول إليها ، وكذلك إستيعاب رسالتها التي تشير إلى أهدفها الإجرائية التي تسعى لتحقيقها على أرض الواقع ، وكلاهما تٌستمد من دستور وقانون وخطة الدولة الاستراتيجية التي تتبناها .
وتتعدد الأدوار الحزبية لتهتم بنشر الثقافة السياسية لدى المواطنين ، وتحرص على تجديدها في ضوء المستجدات والتغيرات التي تطرأ على الساحتين المحلية والعالمية ، بما يعمل على تجديد الثقافة ، وتنمية الوعي السياسي . ويمثل ذلك دورًا تعليميًا وتثقيفيًا للأحزاب ، بما يسمى بالرسالة السامية التي تشارك في تشكيل البنى المعرفية الصحيحة لدى جموع المواطنين ، وبذلك تكتسب الأحزاب قوتها السياسية عبر التعبئة الشعبية إعتمادًا على القناعة الفكرية التي تؤثر بصورة مباشرة في التغيير ، وطرح المزيد من الأفكار المبتكرة حول مختلف القضايا الوطنية والمجتمعية ، ومن ثم يساعد ذلك في دعم سياسة الدولة المعلنة .
وما لا يدع مجالًا للشك فإن العمل الحزبي ذو الصبغة الوطنية يسعى إلى خلق حالة من الرضا الشعبي ، إذ يستهدف بكل إمكانياته التعبير عن رغبات المواطنين ، في ضوء آليات ديمقراطية أقرها الدستور ، وبناء عليه تتنامى قوة الأحزاب السياسية في حالة التناغم الواضحة مع جمهورها الذي يساندها ويؤازرها ومن ثم يعبر عن تطلعاتها الآنية المستقبلية ، ومقدرة الآحزاب على تحقيق ذلك يعد اختبارًا سياسيًا ينبغي اجتيازه.
وتؤدي الأحزاب السياسية عبر ممارساتها الواقعية مهمة خطيرة تتمثل في دعم الاستقرار المجتمعي ، إذ تُظهر بصدق الإنجازات التي تقوم بها الدولة ومؤسساتها الوطنية من خلال برامجها المتعددة سواءً على مستوى الإعلام أو من خلال اللقاءات والفعاليات الجماهيرية التي تعقدها ، أو أثناء عقد المؤتمرات الوطنية والندوات التوعوية، أو في المناسبات الوطنية ذ، وغيرها من التجمعات ، بالإضافة لتنظيم الزيارات الميدانية من قبل التنظيم الحزبي لمواقع العمل والإنتاج للتعرف على واقع التغيير والإنجازات في شتى المجالات التي تعمل عليها الدولة بمؤسساتها ، وهذا يؤدي لإحداث تنمية للوعي الوطنى بصورة إيجابية تساهم في تأييد ومساندة للقيادة السياسية بغية التعزيز المعنوي الذي يساعد في مواصلة الجهود وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وبناءً على ذلك يُعد دعم الشرعية وظيفة كبرى تقوم بها الأحزاب الوطنية التي تسعى إلى استقرار الدولة ، حيث تعمل على دعم الولاء والإنتماء لكيان الدولة وقيادتها السياسية التي تبذل الجهد المضني لنهضة ورقي الدولة ووقايتها من المخاطر التي تحيط بها ، بالتالي هناك ضرورة لأن تعمل الأحزاب السياسية على تهيئة المواطنين للإلتزام الدستور والقوانين المعمول بها في مساندة النظام ، لتوطيد أركان الدولة وتحقيق غايتها الكبرى أهدافها المستقبلية .
وتعمل الأحزاب السياسية من خلال برامجها وخططها التنفيذية بنبذ فكرة الفئوية لدى الفرد أو الجماعة التي تتنافى مع تقديم المصلحة العامة على غيرها ، ومن ثم الإحاطة بما يدور في البلاد من مشكلات وما تواجه من تحديات تحتاج إلى تضافر شعبي ووعي مجتمعي يعمل على تقوية وتعزيز القيادة السياسية والمؤسسات الحكومية لتستكمل مسيرة الإصلاح والبناء في الدولة ، بل وتقدم يد العون لدفع عجلة الإنتاج ، وهنا تتحول الآمال الفردية لآمال تتسم العمومية ، وهذا ما يعمق مفهوم المصلحة العامة في النفوس.
ولتحيق ذلك لابد من إعادة الثقة بالعمل الحزبي من خلال ضم أفراد جدد للمسار الحزبي ، لتقوم بأدوار فاعلة وفق تخصصاتها النوعية ، لإحداث نقلة إيجابية في الأنشطة التي تؤديها الأحزاب ، ويتطلب ذلك جذب الأفراد الذين يمتلكون مهارات القيادة والريادة بإعتبار ذلك معيار حاكم للإختيار ، كما ينتج عن ذلك تغير في آليات التفكير وأنماطه بما ينعكس بصورة إيجابية على نتاج الأدوار السياسية المنشودة من الأحزاب والتي تتغير بتغير مجريات الأحداث على الساحة المجتمعية والعالمية.
ومنوط بالأحزاب السياسية أن تكون ظهيرًا لكل محتاج ، أو ضعيف ، أو مظلوم ، أو مهمش ، للعمل على تلبية احتياجاته ومطالبه المشروعة ، كما تقدم كل سُبل الدعم عبر برامجها ، اتحقيق العدالة الاجتماعية بشكل فاعل.
وعلى الأحزاب السياسية الحفاظ على النسيج الوطني بالعمل على تعضيد الوحدة الوطنية ، إذ تقوم بحل الخلافات والصراعات التي قد تحدث بين أطياف المجتمع ، كما يتم التكامل السياسي لاستيعاب الإتجاهات والرؤى المتباينة تحت مظلة المصلحة العليا للدولة ، وهذا ما يؤدي إلى اتساع الأفق ، ومن ثم يحدث استقرارًا سياسيًا نتيجة لتشكيل هيكل سياسي قوي بالدولة .
ومن المهام الأساسية أن تعمل الأحزاب السياسية على تشجيع فئة الشباب للإنضمام لها ، من خلال حملاتها للقضاء على الخوف أو الخشية من الإلتحاق بالعمل السياسي ، من خلال ضمان جلالة الملك عدم التعرض أو المساس بحقوق المنتسبين للأحزاب ، ولكن قد يرجع ذلك لضعف التنشئة السياسية الصحيحة بالمؤسسات التعليمية والإجتماعية ، أو من خشية الأسر على أبنائها جراء الإنضمام للعمل الحزبي ، أو للمعتقد بأن العمل الحزبي مضيعة للجهد والوقت .
إن توجيهات جلالة الملك الحكيمة نحو المشاركة الشبابية وانخراطهم في العمل الحزبي كانت واضحة .
حفظ الله الأردن وقيادتنا الرشيدة والمخلصين من أبنائه.